الأربعاء 26 مارس 2025
spot_img

مخاوف من عودة الحصبة بسبب تراجع التطعيمات الأمريكية

حذر العاملون في المجال الصحي بالولايات المتحدة من أزمة صحية مرتقبة، مع تزايد حالات الإصابة بمرض الحصبة وانخفاض معدلات التطعيم، لا سيما بعد تعيين روبرت كينيدي جونيور المعروف بموقفه المشكك في اللقاحات وزيراً للصحة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

تزايد الإصابات

منذ بداية العام الجاري، سجلت ولاية تكساس وحدها 90 إصابة بالحصبة، بينما سجلت ولاية نيو مكسيكو المجاورة حوالي 10 حالات، وأبلغت بعض الولايات الأخرى عن إصابات مماثلة، مما أثار قلقا بشأن عودة هذا المرض الذي كان قد تم القضاء عليه تقريباً بفعل حملات التطعيم الواسعة.

وعبر بول أوفيت، المتخصص في الأمراض المعدية للأطفال، عن قلقه مشيراً إلى أن الحصبة تمثل “نذير أزمة مقبلة”، محذراً من التداعيات السلبية لتراجع نسب التطعيم منذ بداية جائحة “كوفيد-19”.

انخفاض معدلات التحصين

يجسد تزايد عدم الثقة في الهيئات الصحية وشركات الأدوية زيادة في عدد الأهل الذين يختارون عدم تلقيح أطفالهم. ونتيجة لذلك، تراجعت نسبة الأطفال في الحضانات الذين تلقوا لقاح الحصبة من 95% في عام 2019 إلى أقل من 93% في عام 2023، مع تسجيل انخفاضات ملحوظة في بعض الولايات مثل أيداهو حيث بلغت النسبة أقل من 80%.

ويحذر الخبراء من أن الاتجاه الحالي قد يؤدي إلى تفشي الأمراض التي كان من الممكن القضاء عليها، إذ أن كينيدي جونيور، المعروف بمخاوفه من اللقاحات، قد يزيد من مستوى هذه الأزمة. وعلق أوفيت على ذلك بقوله: “إنها كارثة تلوح في الأفق”.

تداعيات الإعفاءات

وفي ظل الأزمة الحالية، أكدت جنيفر هيريكس، عالمة في جمعية “لويزيانا فاميليز فور فاكسين”، أن “الكارثة قد بدأت بالفعل”، مشيرة إلى أن معدلات التحصين المنخفضة كافية لتعريض الأطفال الضعفاء للخطر. ويشهد هذا العام ارتفاعاً في إصابات السعال الديكي في الولاية والتي تسببت في وفاة طفلين، حيث يعزو الخبراء ذلك أيضاً إلى الإعفاءات من اللقاحات.

يستطيع الآباء في معظم الولايات تقديم أسباب غير طبية للإعفاء من التطعيمات الإلزامية، بينما يسمح البعض منهم بالإعفاءات بسبب الدين أو الاعتراضات الفلسفية. وفي تكساس، تكفي الإشارة إلى عدم الموافقة على اللقاح كسبب للإعفاء، وفقاً لتيري بيرك من جمعية “إيميونيزيشن بارتنرشب”.

أسباب تزايد عدم الثقة

تتوافق أغلب الإصابات المسجلة بمرض الحصبة في تكساس مع تجمُّعات سكانية تابعة لطائفة المينونايت المتشددة. وهو ما يذكر بحالات مشابهة سجلت عام 2019 في المجتمعات اليهودية المتشددة في نيويورك ونيوجيرسي، حيث جرى توثيق أكثر من 1100 حالة إصابة.

تشير التحقيقات أيضاً إلى أن المبررات وراء الإعفاءات تتنوع بين الدين وفزع الآباء من الآثار الجانبية، مرورًا بعدم الثقة في السلطات الصحية. واعتبر أن ردود أفعال الحكومة خلال أزمة “كوفيد-19” زادت من إحباط المواطنين، مما أدى إلى تعزيز هذا الاتجاه.

المعلومات المضللة والتسييس

يرى بول أوفيت أن المعلومات المضللة المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تراجع الوعي بالخطر المرتبط بالأمراض المعدية. كما تلاشت ذاكرة المجتمعات حول الحصبة وكم من الأرواح يمكن أن تحصدها. قبل ظهور اللقاح في الستينيات، كانت الولايات المتحدة تسجل ما بين 3 إلى 4 مليون إصابة سنوياً، مع حوالي 400 إلى 500 وفاة.

بانخفاض نسبة التطعيم، أصبح موضوع اللقاحات أكثر تسييساً، حيث يعزز بعض المسؤولين المنتخبين مشاريع قوانين لإلغاء التطعيم الإلزامي أو لتسهيل خيارات الإعفاء. وبحسب تصريحات جنيفر هيريكس، فإن النصوص المتعلقة بهذا الشأن تضاعفت بالفعل مقارنة بما كانت عليه قبل الجائحة.

هذا التغيير ظهر جليًا من خلال توقف إحصائيات التطعيم في مونتانا، ووقف الحملات الترويجية للقاحات في لويزيانا، وهو تحول في سياسة الصحة العامة يتعلق بجوهر هذه الممارسات. ويحذر ريتشارد هيوز من أن هذا الاتجاه يعتبر بمثابة نذير للخطر، خاصة مع تعيين روبرت كينيدي جونيور في منصب وزير الصحة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك