تواصل الحرائق الغامضة في مدينة الأصابعة الليبية، والتي اجتاحت أكثر من 160 منزلاً منذ بداية اندلاعها في 19 فبراير، إثارة القلق بين السكان. ورغم محاولات فك “السحر والطلاسم” التي أثبتت عدم جدواها، لا تزال التحقيقات جارية للكشف عن الأسباب الحقيقية وراء هذه الكارثة.
وضع المدينة الحالي
في الوقت الراهن، يسود بعض من الهدوء المدينة الواقعة غربي ليبيا، إلا أن المخاوف من تجدد ألسنة النيران ما زالت قائمة. عدد من المواطنين اضطروا إلى ترك بيوتهم في انتظار توضيح من الجهات المعنية حول الأسباب الكامنة وراء هذه الحرائق المتكررة.
الغمامة الغامضة
منذ اندلاع أول حريق في المدينة، اتجهت بعض الاتهامات نحو “الجن” كالعامل الرئيسي وراء هذه الأحداث الغامضة، في حين تم التشكيك في هذه الرواية من قبل بعض الأفراد الذين يرون أن الأمر يحتاج إلى تفسير علمي بدلاً من الخرافات.
بينما شهدت المدينة تدخل فرق الإطفاء بعد أسبوع من بدء الحرائق، أجرت الأجهزة الأمنية تحقيقات في الواقعة، حيث طالت النيران أكثر من 110 منازل، مما أثار تساؤلات حول أسبابها وراء ما يحدث.
لجنة لحل الأزمة
في ضوء تلك المعطيات، تشكلت لجنة تابعة لـ”برنامج حصين لمكافحة أعمال السحرة والمشعوذين” بهدف تقديم الدعم للسكان وتأمين مساعدة عاجلة، إلا أن بعض المواطنين لا يزالون ينتظرون حلاً ناجعاً. ومع مرور أسبوعين على بدء الأزمة، عاودت النيران الظهور في مناطق جديدة.
تباينت الآراء حول فرضية تدخل “الجن”، إذ اعتبرها البعض دليلاً على الدجل، حيث أن الشياطين تصفد في رمضان، ما يطرح تساؤلات جدية حول تلك المعلومة.
تفسير علمي للحرائق
في السياق نفسه، قدم وزير التعليم العالي، عمران القيب، تفسيراً علمياً للأحداث، مشيراً إلى تسرّب غاز الميثان من تشققات أرضية ناتجة عن هزة أرضية بقوة 3.5 على مقياس ريختر. ومما زاد في الجدل أنه تم رصد هذا الغاز في المدينة بكميات كبيرة، مما أعطى مصداقية لبعض التحليلات العلمية.
لكن تصريحات القيب لم ترق لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، الذي انتقدها واعتبرها غير مستندة إلى تحقيقات نهائية. وهدد أي شخص يسرع في إطلاق التقييمات بالعواقب القانونية.
تحقيقات مستمرة
لا تزال السلطات المحلية تحقق في أسباب هذه الحرائق بعد مرور 21 يوماً على اندلاعها، وسط تصاعد الشكوك حول كون اشتعالها بفعل فاعل أو عوامل طبيعية غير معروفة. ويواصل “المركز الوطني لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث” جهوده للكشف عن الأسباب الحقيقية.
يعمل الفريق الميداني التابع للمركز على تقييم تأثير الحرائق على البيئة والصحة العامة، مستعيناً بخبراء وفنيين مختصين. كما أجرى فريق من “مركز بحوث النفط” جولة ميدانية لجمع الأدلة وتحليل بقايا المواد المحترقة باستخدام تقنيات متقدمة.
مطالبات بتدخل حكومي
في إطار الأزمة، دعا رئيس “المجلس الأعلى لقبائل ومدن فزان” لجنة “حصين” إلى مغادرة المدينة، مطالباً الحكومة بالاستعانة بخبراء علميين لدراسة هذه الظاهرة بعيداً عن الخرافات. وقد وجه الدبيبة بتخصيص 70 مليون دينار لتعويض المتضررين، لكنه طالب في ذات الوقت بتحسين استعدادات البلديات لمواجهة الحرائق، التي تعاني من نقص كبير في المعدات اللازمة للإطفاء.
تعاني هيئة السلامة الوطنية من افتقارها إلى المعدات، حيث لا تملك سوى سيارة إطفاء واحدة في المدينة، مما يعرقل جهودها في مواجهة النيران المتكررة.