الخرطوم تنتفض من جديد، أيادٍ شعبية تزيح غبار الحرب وتعيد الأمل إلى المدينة المنهكة. في قلب الخرطوم، تتجسد إرادة الحياة، حيث يجتمع المتطوعون لإعادة ترتيب الفوضى وإحياء مدينتهم بصبر وإصرار.
“من أجل الوطن”: مبادرة شعبية
تحت شعار “من أجل الوطن”، انطلقت مبادرة شبابية ونسوية لإعادة الحياة إلى المجلس التشريعي بالخرطوم، البرلمان السابق. تهدف المبادرة إلى تحويل المبنى من شاهد على الانهيار إلى نقطة انطلاق نحو التعافي.
أكثر من 300 متطوع ينظفون بأيديهم ما دمرته الحرب، معلنين أن خطوات التعافي تبدأ في شوارع المدينة، لا في القاعات الرسمية. إنها قصة مدينة تنفض الرماد، وشعب يؤمن بأن ما لا يبنيه السياسيون، قد يبنيه المواطنون.
الرصاص لن يثنينا
العشرات من الشباب والنساء بدأوا حملة واسعة لتنظيف المجلس التشريعي ومواقع أخرى في وسط الخرطوم. يهدفون إلى إزالة رواسب الحرب من الطرق والمباني، متحدين الصعاب والإصابات.
محمد حسين، متطوع في الستين من عمره، أصيب بثلاث رصاصات طائشة في يده اليمنى خلال المعارك. رغم ذلك، يشارك بفاعلية في إزالة شظايا الزجاج، ويردد “الرصاص لن يثنينا”.
خطوات صغيرة، أثر كبير
قسمة علي، شابة ثلاثينية، عادت إلى الخرطوم لتشارك في تنظيف المجلس التشريعي، رمز الوطنية. تقول: “لم آت للنزهة، بل للمشاركة في تنظيف المبنى الذي يحمل رمزية وطنية كبيرة”.
محمد مصطفى يدعو الشباب للمشاركة في إعادة الحياة لمدينتهم، مؤكدًا أنهم يعانون من البطالة بسبب الحرب، فلماذا لا يخصصون وقتهم لخدمة مدينتهم؟
محمد عبد الله، يرفع بقايا الركام المتفحم، ويقول: “هذه مساهمة صغيرة، لكنها خطوة نحو بيئة نظيفة وحياة جديدة”.
عودة تدريجية للحياة
مبادرة “من أجل الوطن” بدأت في منطقة شرق النيل، بامتداد إلى وسط الخرطوم. حيدر قدور، الناشط المجتمعي، يؤكد أن المبادرة مفتوحة لأي سوداني يرغب في إعادة الحياة إلى مدينته.
قدور يضيف أن “ما دمرته الحرب، لا تعيد إعماره الحكومة وحدها، بل علينا، بصفتنا شركاء في الوطن، لعب دور في إعادة إعماره”.
رغم الدمار الهائل، بدأت مؤشرات عودة الحياة تظهر تدريجيًا في الخرطوم، مع العودة المحدودة للحكومة الاتحادية، وإعادة فتح بعض المحلات التجارية، والحديث عن استئناف الرحلات الجوية.
الخرطوم تنتفض
ما يحدث في الخرطوم ليس مجرد حملة تنظيف، بل فعل رمزي يؤكد أن الخرطوم لا تزال حية. شعبها لم يفقد الإيمان باستعادة الوطن بأيديهم، حتى وإن كانت جريحة.