تقوم الساحة اللبنانية بتفاعل مستمر مع التغيرات السياسية في سوريا عقب انهيار نظام آل الأسد في ديسمبر الماضي. تأتي هذه المتغيرات لتستجيب لرغبة اللبنانيين في إزالة آثار تلك الحقبة، حيث تشمل التغييرات إعادة تسمية الطرق الرئيسية والشوارع التي كانت تحمل أسماء رموز النظام السابق، مثل الرئيس الراحل حافظ الأسد.
إجراءات تعديل الأسماء
بدأت عملية تغيير أسماء الشوارع في لبنان الشهر الماضي، بإعادة تسمية الطريق الذي يربط بلدة المديرج بحمانا ببلدة بزبدين في قضاء المتن الأعلى. ويشمل هذا التغيير جميع المعالم التي ترتبط بالفترة السورية، لكن الأمر يخضع لشروط معينة. حيث أكد محافظ جبل لبنان، القاضي محمد مكاوي، أن أي تغيير يجب أن يكون بمبادرة من البلديات المختصة، وعلى المجلس البلدي رفع اقتراحه إلى المحافظ للموافقة عليه، ليتم إحالته لاحقاً إلى وزارة الداخلية.
في هذا السياق، أعلن النائب هادي أبو الحسن، أمين سر كتلة “اللقاء الديمقراطي”، عبر منشور على منصة فيسبوك، عن قرار تغيير اسم الطريق السريعة من الجادة المعروفة باسم (جادة حافظ الأسد) إلى (جادة الحرية). وقد تم اتخاذ هذا القرار بالتنسيق مع اتحاد بلديات المتن الأعلى ورؤساء البلديات، حيث اعتبر أبو الحسن أن الاسم الجديد هو تكريم للشهداء الأبرار ويأتي في إطار إلغاء رموز الوصاية السورية التي امتدت على لبنان.
رمزية الاسم الجديد
أوضح أبو الحسن أن تغيير الاسم يمثل التزام البلديات بقيم السيادة والحرية، ويعكس الجهود الرامية إلى طي صفحات الماضي. ويأتي هذا التغيير بعد خروج القوات السورية من لبنان في عام 2005، وهو رد فعل على تاريخ طويل من النفوذ السوري في جميع المجالات اللبنانية.
ومن المتوقع أن يطال تغيير الأسماء مجموعة من المواقع والشوارع في لبنان المرتبطة بشخصيات سورية، كخطوة لقطع صلة النفوذ السوري. إلا أن تغيير اسم “جادة حافظ الأسد” يواجه معارضة في الضاحية الجنوبية، حيث تخضع بعض البلدات مثل الغبيري وبرج البراجنة لنفوذ حزب الله، مما يجعلها تعتبر هذا التغيير بمثابة تحدٍ للتحالفات القائمة.
الأبعاد السياسية
استنكر مصدر من اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية ما وصفه بـ”الهجمة غير البريئة” لإزالة اسم الرئيس حافظ الأسد، مشيراً إلى أن هذا النقاش لم يُطرح على المستوى الرسمي حتى الآن. وأشار المصدر إلى أن تسميات الشوارع كانت تتطلب قراراً رسمياً، وأن وضع اسم الأسد على أوتوستراد المطار كان من إنجاز رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، الذي اعتبره البعض خطوة لدعم المقاومة.
تتجلى رغبة اللبنانيين في التحرر من إرث نظام آل الأسد بعد اغتيال الرئيس الحريري في عام 2005، حيث اتهم كثيرون النظام السوري بالوقوف وراء هذا الاغتيال، مما أدى إلى استسلامات شعبية دمّر العديد من الرموز المرتبطة بالنظام السابق. وقد تم ترسيخ هذه السياسات بالتزامن مع خروج الجيش السوري من لبنان وتدمير مجموعة من التماثيل التي كانت تخلّد رموز النظام السابق.