ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر أن تُقدم حكومة “الفرصة الأخيرة” برئاسة القاضي نواف سلام خطوات ملموسة نحو الإصلاح والإنقاذ. يأتي ذلك التزامًا بالشعار الذي أطلقه رئيس الحكومة عند تشكيلها، والذي يشكل خريطة طريق تهدف لإخراج لبنان من أزماته المتراكمة، مستفيدًا من الترحيب الدولي والعربي الذي حظي به انتخاب العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية وتكليف سلام بتأليف الحكومة.
تحقيق الإصلاحات
تؤكد مصادر سياسية بارزة لـ”الشرق الأوسط” أن حكومة سلام تقف على أعتاب الانتقال من مرحلة إعلان النيات إلى مرحلة تنفيذ الإصلاحات. يسعى فريق الحكومة لبسط سيطرتها على جميع الأراضي اللبنانية، عبر حصر السلاح بيد الشرعية، وذلك التزامًا بالقرار “1701”. وتتضمن الحكومة ممثلين عن “حزب الله”، الذي يُفترض به التزام البيان الوزاري بعد موافقته على اتفاق وقف النار، بينما تبقى الولايات المتحدة الأميركية ملزمة بإقناع إسرائيل بالانسحاب من جنوب لبنان.
يُدرك سلام أن الفرصة الحالية قد تذهب سدى، كما حدث مع الحكومات السابقة التي لم تُطبق “اتفاق الطائف”. تشير التجارب الماضية إلى ضرورة نشر الجيش في الجنوب بعد انسحاب إسرائيل، وفتح المجال للسلطة اللبنانية بسط نفوذها بعد خروج القوات السورية عام 2005. ومع ذلك، فإن حكومته تواجه مهمة صعبة لتحديد دفتر شروط يتطلبه المجتمع الدولي والعربي لإعادة إدراج لبنان على قائمة الاهتمام الدولية.
الخطوات التنفيذية
لكن عليه أن يدرك أن مجرد إعلان النيات لا يكفي لتحقيق الأهداف المنشودة، وفقًا للمصدر السياسي. يتطلب الأمر قرارات تنفيذية تتعلق بالإصلاحات والإدارة، تساهم في نقل لبنان إلى مرحلة سياسية جديدة تأمل أن تكون مدعومةً بانفتاح عربي ودولي.
تحتاج الإصلاحات الاقتصادية والمالية إلى إدخال وجوه جديدة في مؤسسات الدولة التي تُعاني من الترهل. لا تزال المؤسسات العسكرية والأمنية، وعلى رأسها الجيش، نشطة، حيث ينتشر الجيش في الجنوب مع دعم قوات “اليونيفيل”، وذلك منذ فترة طويلة قبل الحرب الأهلية في لبنان.
التعيينات الضرورية
ترى الحكومة ضرورة إعادة تأهيل الإدارات والمرافق العامة لتتمكن من استيعاب الإصلاحات الكبيرة. يتطلب ذلك الإسراع في إصدار دفعات من التعيينات للمتخصصين، بغرض عدم ملء الشواغر فحسب، بل لتيسير انتقال لبنان إلى مرحلة جديدة.
وبناءً على ذلك، فإن التعيينات لا ينبغي أن تُطبق بشكل متقطع. بل من المهم الإسراع في إصدارها بدفعات متتالية، بعيدًا عن التوزيع الحزبي الذي شاب الحكومات السابقة. وفقًا لمصادر موثوقة، ستخصص جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل لتعيين عماد الجيش الجديد، بالإضافة إلى تعيين قائد منطقة جنوب الليطاني. كما قد تشمل الجلسة تعيين المديرين العامين لقوى الأمن الداخلي والأمن العام، لتفادي التأخير الناتج عن الخلافات السياسية.