الأحد 19 يناير 2025
spot_img

كيف انهار النظام السوري بهذه السرعة.. ومن هو الجولاني!

شهدت سوريا تحولاً دراماتيكياً خلال الأيام القليلة الماضية، حيث سيطرت قوى المعارضة المسلحة على العديد من المدن والمواقع الاستراتيجية، ما أدى إلى هروب الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار الجيش السوري، هذا الانهيار المفاجئ وسقوط نظام بشار الأسد يثير العديد من التساؤلات حول أسبابه ودوافعه.

البداية كانت في 2011

منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011، واجه بشار الأسد تحديات كبيرة تمثلت في احتجاجات شعبية واسعة طالبت بإصلاحات سياسية وإسقاط نظامه، ومع تصاعد العنف وتحول الاحتجاجات إلى صراع مسلح، بدأ نظام الأسد يفقد السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، لكنه تمكن من الحفاظ على دمشق وعدد من المدن الكبرى بمساعدة حلفائه الإقليميين والدوليين، لا سيما روسيا وإيران، واستعاد السيطرة على العديد من المدن الأخرى التي سيطرت عليها المعارضة المسلحة.

طوال السنوات الماضية تمكن نظام الأسد -بمساعدة حلفائه- من الحفاظ على حكمه سوريا، رغم وجود العديد من التحديات الداخلية والخارجية، لذا فإن ما شهدته سوريا خلال الساعات القليلة الماضية كان بمثابة مفاجأة للجميع، حيث سقط حكم عائلة الأسد وانهار الجيش السوري أمام قوى المعارضة المسلحة التي كانت ساكنة لفترة طويلة.

الأسباب الرئيسية لانهيار نظام الأسد

تراجع الدعم العسكري والسياسي من الحلفاء كان على رأس أسباب انهيار نظام بشار الأسد، حيث شهد الدعم الروسي والإيراني تراجعاً كبيرا في الآونة الأخيرة، تقارير متعددة أشارت إلى انخفاض الإمدادات العسكرية والتراجع في الالتزام السياسي، بسبب التغيرات الجيوسياسية والضغوط العسكرية والاقتصادية التي يواجهها حلفاء النظام. بالإضافة إلى ذلك.

يأتي ذلك في وقت تستمر فيه روسيا في حربها ضد أوكرانيا، وتواج فيه إيران تهديدا عسكريا من إسرائيل وحلفائها، بالإضافة إلى الحليف الأقرب للنظام حزب الله الذي دخل في مواجهة عسكرية مباشرة مع قوات الاحتلال الإسرائيلية، كل ذلك أدي إلى تراجع الدعم العسكري والسياسي للنظام السوري الذي تهاجمه هو الآخر قوات الاحتلال الإسرائيلية بضربات جوية قوية أضعفت العديد من قدراته.

كيف انهار النظام السوري ؟

مع تراجع الدعم لنظام بشار الأسد مؤخرا، لعبت المعارضة المسلحة دوراً محورياً في إسقاطه، حيث تمكنت مؤخراً من توحيد صفوفها وتنسيق هجماتها على مختلف الجبهات، واستفادت من الدعم الإقليمي والدولي الذي وفر لها التمويل والتدريب والأسلحة، ومؤخرا كان التوقيت مثاليا لها للقفذ والسيطرة على سوريا.

وكان لمعاناة الشعب السوري من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تحت حكم النظام دوره في مساندة المعارضة المسلحة، خاصة وأن العقوبات الاقتصادية الدولية والحرب الطويلة أنهكت الاقتصاد السوري، مما جعل النظام غير قادر على توفير الموارد اللازمة لدعم قواته العسكرية أو إرضاء قاعدة دعمه.

من هي قوى المعارضة التي سيطرت على سوريا؟

تتكون المعارضة السورية المسلحة من عدة فصائل وقوى رئيسية لعبت أدواراً حاسمة في إسقاط النظام، من أبرز هذه القوى هيئة تحرير الشام، وهو الفصيل المسلح الذي يقوده أبو محمد الجولاني المتصدر للمشهد في سوريا منذ أيام، بالإضافة إلى الجيش الوطني السوري الذي يتكون من عدة فصائل تدعمها تركيا، وهو يسيطر على مناطق واسعة شمال سوريا.

بالإضافة إلى قوات المعارضة المعتدلة التي تضم العديد من الفصائل المحلية التي توحدت تحت راية المعارضة لإسقاط النظام مستفيدة من دعم دولي وإقليمي، إلى جانب جماعات إسلامية وجهادية مثل أحرار الشام وجيش الإسلام وغيرهم.

من هو الجولاني الذي يتصدر المشهد السوري حاليا؟

أبو محمد الجولاني، واسمه الحقيقي أحمد حسين الشرع، هو قائد هيئة تحرير الشام وأحد الشخصيات البارزة في المشهد السوري، يقال إنه وُلد في مدينة درعا جنوب سوريا في أوائل الثمانينيات، ودرس الهندسة في جامعة دمشق لكنه لم يكمل دراسته بسبب توجهه نحو العمل العسكري.

بدأ مع القاعدة في العراق

برز اسم الجولاني لأول مرة خلال الاحتلال الأمريكي للعراق، حيث انضم إلى تنظيم القاعدة تحت قيادة أبو مصعب الزرقاوي.

في العراق، اكتسب الجولاني خبرة عسكرية وتنظيمية كبيرة، مما جعله أحد القادة الميدانيين البارزين في التنظيم، وبعد مقتل الزرقاوي وتفكك هيكل القاعدة في العراق، عاد الجولاني إلى سوريا مع بداية الثورة عام 2011.

تأسيس جبهة النصرة

في عام 2012، أسس الجولاني جبهة النصرة كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا، وبرزت الجبهة بسرعة كواحدة من أقوى الفصائل المسلحة المعارضة للنظام السوري، بفضل تكتيكاتها العسكرية الفعالة والدعم المالي واللوجستي الذي تلقته، إلا أن ارتباطها بالقاعدة تسبب في توتر علاقتها مع فصائل المعارضة الأخرى ومع المجتمع الدولي.

التحول إلى هيئة تحرير الشام

في عام 2016، أعلن الجولاني فك ارتباط جبهة النصرة بتنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى “جبهة فتح الشام”، ثم لاحقاً إلى “هيئة تحرير الشام”، كان هذا التحول محاولة لتحسين صورة التنظيم وتوسيع قاعدته الشعبية في سوريا، بالإضافة إلى جذب دعم دولي وإقليمي.

من إرهابي إلى قائد سياسي

وعلى مر السنوات الأخيرة، عمل الجولاني على تقديم نفسه كشخصية سياسية وعسكرية أكثر اعتدالاً، حيث بدأ بالتواصل مع الإعلام الغربي وفتح قنوات للحوار مع القوى الإقليمية والدولية، كما سعى إلى تحسين إدارة المناطق التي يسيطر عليها من خلال تشكيل إدارات محلية وتقديم خدمات للسكان، هذه الاستراتيجيات ساعدت في تعزيز مكانته كزعيم للمعارضة السورية المسلحة.

المستقبل السوري

يشير انهيار النظام السوري إلى تغير جذري في المشهد السياسي للبلاد، إذ أن دخول المعارضة المسلحة إلى دمشق والسيطرة على الحكم يفتح الباب أمام مرحلة جديدة قد تكون مليئة بالتحديات، وسط مخاوف من وقوع فراغ سياسي وأمني قد يؤدي إلى صراعات داخلية جديدة.

ويعكس سقوط النظام السوري بهذه السرعة هشاشته أمام التغيرات الداخلية والخارجية، وتبقى المرحلة القادمة في سوريا تتطلب اتخاذ خطوات جدية لتوحيد الصفوف وإطلاق مشروع وطني جامع يحقق تطلعات الشعب السوري.

سوريا
علم سوريا – أرشيفية

اقرأ أيضا

اخترنا لك