تشهد منطقة الساحل الشمالي في مصر طفرة استثمارية وسياحية غير مسبوقة، مدفوعة بتقارير عن قرب إبرام صفقة قطرية ضخمة لإنشاء مدينة سياحية متكاملة باستثمارات تقدر بمليارات الدولارات، على غرار مشروع “رأس الحكمة” الإماراتي، مما يثير التساؤلات حول جاذبية المنطقة رغم ارتفاع الأسعار.
استثمارات قطرية ضخمة
تضع مصر وقطر اللمسات الأخيرة على مشروع سياحي ضخم باستثمارات أولية تبلغ 4 مليارات دولار في منطقة “علم الروم” بالساحل الشمالي. يتضمن المشروع إنشاء مدينة سياحية متكاملة على مساحة 60 ألف فدان، مخصصة بنظام حق الانتفاع لصالح جهاز قطر للاستثمار، وفقًا لتقرير وكالة “بلومبرغ”.
يشمل المخطط العام للمشروع منتجعات سياحية عالمية، ووحدات سكنية فاخرة، ومراكز تجارية وترفيهية، إضافة إلى مرسى لليخوت ومرافق خدمية متطورة، على غرار مدينة “رأس الحكمة”.
الساحل الشمالي: جوهرة المتوسط
يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور مصطفى بدرة أن منطقة الساحل الشمالي المصري متميزة عالميًا، وتحظى بإقبال كبير من المطورين العقاريين، معتبرًا إياها جوهرة على البحر الأبيض المتوسط. يرى بدرة أن ارتفاع أسعار الأراضي يعكس الأرباح المتوقعة، ولا يعتبر مبالغًا فيه وفقًا لمقاييس السوق.
ويضيف بدرة أن تميز المنطقة شجع على إتمام الصفقات السابقة، ويشجع قطر على ضخ استثمارات بـ4 مليارات دولار في منطقة مرسى مطروح، وتحديدًا منطقة “علم الروم”، مما يعزز ازدهار المنطقة السياحي.
“علم الروم”: وجهة سياحية واعدة
تقع “علم الروم” شرق مدينة مرسى مطروح، وتشتهر بشواطئها الهادئة وجمال طبيعتها، مما يجعلها وجهة مفضلة لعشاق الصيد والسياحة العائلية. تبعد المنطقة نحو 50 كيلومترًا عن مدينة رأس الحكمة، التي شهدت استثمارًا إماراتيًا ضخمًا بقيمة 35 مليار دولار في تشرين الأول 2024.
بريق خاص ومستقبل مضمون
يرى الخبير الاقتصادي حمدي الجمل أن الساحل الشمالي يتمتع ببريق خاص ومستقبل مضمون، مشيرًا إلى الاستثمار الإماراتي الضخم في رأس الحكمة والإقبال غير المسبوق على السياحة الصيفية في المنطقة، حيث تم حجز جميع الفنادق رغم ارتفاع الأسعار.
ويضيف الجمل أن ضخ قطر 4 مليارات دولار في مرسى مطروح، يؤكد أن مصر تستغل مزاياها في جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة مع انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار.
مخطط استراتيجي للتنمية
تعتزم الحكومة المصرية إقامة محافظات جديدة على سواحل البحر الأبيض المتوسط، لتشمل الإسكندرية، والعلمين، ومطروح، والسلوم، في إطار استغلال المقومات المتاحة والتوسع العمراني خارج الوادي الضيق على ضفاف النيل.
متابعة المشروعات وتطوير الأصول
تفقد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي المشروعات الجارية في الساحل الشمالي الغربي، وأكد توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة الإسراع في التنفيذ ومتابعة المشروعات لضمان تطوير الأصول وتعظيم الاستفادة منها، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص.
طفرة استثمارية وارتفاع الأسعار
يشير الدكتور أحمد أبو علي، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والتشريع، إلى أن الساحل الشمالي يعيش فترة نشاط غير مسبوقة، تصاحبها ارتفاعات حادة في الأسعار، مما يثير جدلاً حول جدوى هذه القفزات وتوافقها مع القوة الشرائية الحقيقية.
مخاوف من فقاعة سعرية
يحذر أبو علي من تجاهل المخاوف المرتبطة بتسعير العقارات في المنطقة، متسائلاً عما إذا كانت الأسعار الحالية تعكس قيمة مضافة حقيقية، أم أنها فقاعة سعرية مدفوعة بالمضاربات الإعلامية والاستثمارية.
إدارة دقيقة للاستثمارات
يؤكد أبو علي أن الصفقات الكبرى تساهم في تعزيز صورة مصر كوجهة استثمارية موثوقة، لكنها تحتاج إلى إدارة دقيقة للتوازن بين جذب الاستثمارات الأجنبية والحفاظ على منطقية الأسعار، لتجنب تحول بعض المناطق إلى أسواق نخبوية غير مستدامة.