الجمعة 16 مايو 2025
spot_img

طالبان تؤكد التزامها بحماية التراث الأفغاني المتنوع

أثارت حركة «طالبان» جدلاً واسعًا في المجتمع الدولي بعد تفجيرها تمثالَي بوذا العملاقين في باميان عام 2001. ومع ذلك، بعد مرور عقدين، تعلن الحركة الآن، التي تفرض سيطرتها على أفغانستان، عن تقدم ملحوظ في جهودها للحفاظ على التراث الوطني، بما في ذلك الآثار التي تعود إلى ما قبل الإسلام.

دعوات للحفاظ على التراث

قبل أشهر من عودتها إلى الحكم في 2021، أطلقت «طالبان» نداءً لحماية الآثار القديمة في البلاد، وهو ما أثار العديد من التساؤلات. وفي فبراير عام 2021، أكدت سلطات الحركة أن “على الجميع واجب حماية هذه الآثار ورصدها والحفاظ عليها” في أفغانستان، مشددة على أهميتها كجزء من تاريخ الهوية والثقافة الغنية للبلاد.

منذ استعادة السلطة، شهدت أفغانستان تكاثرًا في الاكتشافات الأثرية، وبالأخص تلك المتعلقة بالبوذية. في ولاية لغمان الشرقية، تم اكتشاف منازل منحوتة في الصخور في قرية غوارجان، يُعتقد أنها تعود لعصر الإمبراطورية الكوشانية التي نشأت قبل حوالي 2000 عام بين صحراء غوبي ونهر الغانج.

اكتشافات أثرية مثيرة

كما تم العثور على نقوش براهمانية منحوتة في ولاية لغمان، إلى جانب لوح حجري مجوف استُخدم لطحن العنب لصنع النبيذ. وأشار محمد يعقوب أيوبي، رئيس دائرة الثقافة والسياحة في الولاية، إلى أن “تاريخ أفغانستان يمتد على 5000 عام، وهذه المواقع الأثرية تؤكد ذلك”. وأضاف لـ”وكالة الصحافة الفرنسية» أن “سواء كانوا مسلمين أم لا، فإن لهذه المناطق تاريخًا وجذورًا”.

وأكد مسؤولون في ولاية غزنة المجاورة ضرورة “حماية التماثيل البوذية المكتشفة مؤخرًا، وضمان وراثتها للأجيال المقبلة، كونها جزءًا من هويتنا التاريخية”.

فارق واضح في السياسات

يتناقض هذا التحول الجذري مع حكم «طالبان» الأول بين عامي 1996 و2001، حيث أُمر بتدمير جميع التماثيل البوذية، في محاولة لمنع “الوثنية”. وفي غضون أيام، تم تدمير تمثالَي بوذا في باميان، وهي حادثة أثارت استنكارًا عالميًا.

وفي هذا السياق، أشار محمد نادر ماخور، مدير التراث في ولاية لغمان السابق، إلى أن “الناس اعتقدوا أنهم لن يعيروا الاهتمام للمواقع التاريخية خلال عودتهم، لكن الواقع يظهر اهتمامًا أكبر”.

تحسين الحفظ والاهتمام الخارجي

في ديسمبر عام 2021، أعادت الحركة الافتتاح الرسمي للمتحف الوطني الأفغاني. ورغم الأضرار السابقة، تواصلت «طالبان» مع «صندوق آغا خان للثقافة» لطلب المساعدة في الحفاظ على موقع ميس عيناك التاريخي، حيث ينشط منجم نحاس تحت تطوير صيني.

وأكد أجمل مايوندي، رئيس الصندوق في أفغانستان، أن هذا الطلب جاء “غير متوقع”، معبرًا عن “حماسة” السلطات لدعم أعمال الترميم.

التحديات المستمرة

على الرغم من تحسن الوضع، يحذر الخبراء من أن السلطات لا تعمل بنفس الجدية للحفاظ على التراث غير المادي، بما في ذلك الفلكلور والموسيقى، في ظل المخاطر التي تحيط بها.

أفغانستان قامت بتوقيع عدد من الاتفاقيات لحماية التراث منذ حكم «طالبان» الأول، حيث اعتبر تدمير الآثار جريمة حرب في عام 2016. ويمثل التراث فرصة لتحفيز السياحة والتنمية الاقتصادية، لكن التحديات المالية وعدم الاستقرار الأمني تظل عائقًا أمام هذه الجهود.

نهب الآثار والتحديات اللوجستية

يشير أيوبي إلى ضرورة الدعم للحفاظ على المواقع الأثرية ودراستها بشكل صحيح. ولا يزال نهب الآثار يمثل مشكلة مستمرة، حيث تشير دراسة حديثة إلى أن ما لا يقل عن 30 موقعًا يتعرض للنهب النشط.

في ختام حديثه، أصر مايوندي على “التفاؤل بحذر”، مشددًا على أن “الوضع في أفغانستان يمكن أن يتغير بسرعة، مما يتطلب المزيد من الدعم والتعاون للحفاظ على التراث الغني للبلاد”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك