أفادت مصادر مغربية أن طائرة مسح استراتيجية تابعة للبحرية الأمريكية من طراز P-8 Poseidon اخترقت الأجواء الجزائرية، وذلك لمراقبة تحركات الغواصة الروسية “كراسنودار” [B-265] التي دخلت البحر الأبيض المتوسط قبل يومين برفقة السفينة اللوجستية “يفغيني تشوروف”.
وذكرت صحيفة “الدفاع العربي” المعنية بالشؤون العسكرية، أن البيانات المستمدة من “Flightradar” تشير إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تتجاوز فيها الطائرات الأمريكية الأجواء الجزائرية.
A lot of activity around the Russian submarine Krasnodar, which is currently transiting south of Sardinia.#NATO #Russia
➡️ https://t.co/awfmX4daNGhttps://t.co/HOhkDPWIbx— itamilradar (@ItaMilRadar) February 15, 2025
في 14 يناير الماضي، قامت طائرة استطلاع أمريكية طراز بوينغ P-8A Poseidon بالطيران لعدة ساعات داخل الأجواء الجزائرية بالقرب من الجزائر العاصمة، حسبما أفادت الصحيفة المغربية.
تزايد الأنشطة البحرية الروسية
تأتي هذه الخطوة الأمريكية ضمن جهود لمراقبة النشاط البحري الروسي في المنطقة، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في البحر الأبيض المتوسط، الذي يُعتبر ساحة حيوية للتنافس العسكري بين القوى الكبرى.
تعكس هذه التحركات أيضًا اهتمام الولايات المتحدة بمتابعة القوات البحرية الروسية، خاصة مع زيادة النشاط الروسي في المنطقة، بما في ذلك نشر الغواصات والسفن الحربية لدعم العمليات العسكرية والمصالح الاستراتيجية في الشرق الأوسط والبحر الأسود.
الغواصة “كراسنودار” واستراتيجيتها
تُعتبر الغواصة الروسية “ب-265 كراسنودار” محط اهتمام الولايات المتحدة نظرًا لقدراتها الاستراتيجية ودورها في العمليات البحرية الروسية. تنتمي الغواصة إلى فئة “كيلو” التي تشمل سلسلة من الغواصات المتطورة ذات المحركات الديزل والكهربائية، وتُجهز بنظام صواريخ “كاليبر” الموجهة.
تستطيع هذه الصواريخ استهداف الأهداف البرية والبحرية، مما يوسع نطاق الضربات التي يمكن أن تنفذها “كراسنودار” بعيدًا عن محيطها المباشر. إن نشر هذه الغواصة في البحر الأبيض المتوسط يعزز قدرة روسيا على فرض نفوذها في منطقة تبقى حيوية لمصالح الناتو والولايات المتحدة.
تراقب البحرية الأمريكية الغواصة “كراسنودار” عن كثب، كونها تمثل أحد الأصول المهمة لجمع المعلومات الاستخباراتية بالنسبة لروسيا. فبفضل قدراتها العالية في التخفي، يصعب اكتشافها، بينما تقدم حساسات عاملة وأسلحة بعيدة المدى لروسيا القدرة على تتبع العمليات البحرية الأمريكية والناتو.
نظرًا لتزايد التوترات في المنطقة، خصوصًا في سوريا والمناطق المحيطة بها، فإن وجود الغواصة الروسية ذات القدرات العالية يتحدى حرية العمليات العسكرية لقوات الناتو في البحر الأبيض المتوسط.
روسيا توظف قوتها البحرية
تمثل نشر الغواصة “كراسنودار” التزام روسيا بالحفاظ على وجود عسكري ملحوظ في المنطقة، مما يمنحها قدرة على المناورة في الصراع الجيوسياسي الأوسع على النفوذ في الشرق الأوسط، وخاصة في ظل النزاعات المستمرة.
بالنسبة للولايات المتحدة، تُعتبر “كراسنودار” تهديدًا محتملاً بسبب قدراتها الصاروخية، ولكنها أيضًا أداة حيوية لجمع المعلومات الاستخباراتية.
الأبعاد التقنية للغواصة
تُعتبر الغواصة “ب-265 كراسنودار” من الأصول القوية في ترسانة البحرية الروسية، وتُعرف بقدراتها العالية في التخفي وتعدد استخداماتها. تنتمي هذه الغواصة إلى فئة “كيلو المحسنة”، وقد تم تصميمها لتكون فعالة في الحروب المضادة للسفن والغواصات في المياه الضحلة، ولكنها تتمتع بقدرات تتجاوز تلك الأدوار.
تم بناء “كراسنودار” في أحواض بناء السفن الأدمرالية في سانت بطرسبرغ، وتم تدشينها في نوفمبر 2015. تتميز بتصميم يركز على التخفي، حيث تحتوي على طلاء لا صدى له يمتص الموجات الصوتية، مما يقلل من بصمتها الصوتية ويجعلها صعبة الاكتشاف.
تعتمد الغواصة “كراسنودار” على مولدين ديزل لتوليد الطاقة، مما يوفر لها القدرة على الإبحار بسرعة تصل إلى عشرة عقد على السطح وسبعة عشر عقدة تحت الماء، رغم أنها تُعرف بدلاً من سرعتها بتحملها الطويل. يمكنها القيام بمهمات طويلة الأمد بمدى يصل إلى ستة آلاف إلى 7500 ميل بحري دون الحاجة للتزود بالوقود بشكل متكرر.
أما بالنسبة للتسليح، فإن “كراسنودار” مزودة بستة أنابيب طوربيد من عيار 533 ملم. كما تحمل صواريخ “3M54” المضادة للسفن، ويمكن أن تُستخدم للانخراط مع أهداف سطحية. ومن بين أسلحتها الأكثر أهمية هو صاروخ “3M14” التمهيدي، الذي يُعتبر جزءًا من نظام “كاليبر-PL”.
يمكن لكل غواصة من هذه الفئة حمل بين أربعة إلى ثمانية صواريخ من هذا الطراز، اعتمادًا على التكوين، بمدى يتجاوز 2000 كيلومتر، مما يمنح “كراسنودار” دورًا استراتيجيًا في الضربات، قادرة على استهداف الأهداف البرية بعيدًا عن البحر.
القدرات التشغيلية ومتطلبات التفوق البحري
تتمتع الغواصة أيضًا بالقدرة على نشر الألغام البحرية، مما يضيف إليها طبقة إضافية من التنوع التشغيلي. وهذه الميزة تتيح لها التأثير على أنماط حركة الملاحة البحرية أو تأمين نقاط الاختناق البحرية من خلال نشر الألغام بشكل سري.
أما على صعيد المستشعرات، فإن “كراسنودار” مزودة بنظام سونار “MGK-400 Rubikon”، الذي تم تحديثه إلى نموذج “MGK-400EM” في الطرازات الأحدث من هذه الفئة. تشمل مجموعة السونار القدرة على اكتشاف وتجنب الألغام، مما يعزز من قدرتها على البقاء وكفاءتها في المياه المليئة بالألغام.
تاريخ العمليات والغزو الأوكراني
فيما يتعلق بتاريخ العمليات، كانت “كراسنودار” نشطة في مناطق مختلفة، بما في ذلك البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت جزءًا من الحضور البحري الروسي قبل غزو أوكرانيا في عام 2022. وقد تم ملاحظتها تقوم بعمليات سرية، مثل الاستلقاء في قاع البحر بدون طاقة أثناء التدريبات في البحر الأسود، مما يُظهر قدرتها على القيام بعمليات صامتة.
شملت أنشطتها أيضًا عبور مياه ذات أهمية استراتيجية مثل القناة الإنجليزية، تحت مراقبة قوات الناتو، مما يعكس أهميتها الإستراتيجية ضمن استراتيجية البحرية الروسية.
تتضمن عملياتها مهام جمع المعلومات الاستخباراتية وأعمال هجومية محتملة، مثل استخدام صواريخ كاليبر ضد أهداف في أوكرانيا، مما يُبرز دورها الثنائي في الحروب التقليدية وغير التقليدية.
تظل “ب-265 كراسنودار” إحدى المكونات الأساسية لاستراتيجية البحرية الروسية، حيث تضمن للأسطول الروسي القدرة على فرض النفوذ والحفاظ على الردع وتنفيذ العمليات باستراتيجية عالية من التخفي والمفاجأة.