أعلنت شركة “روس أوبورون إكسبورت”، الرائدة في تصدير الأسلحة الروسية، عن تسجيلها حجمًا تاريخيًا من العقود الدفاعية مع عملاء أجانب منذ بداية العام، حيث بلغ إجمالي الطلبات 57 مليار دولار حتى نهاية 2024، ما يعادل أكثر من 5.1 تريليون روبل وفقًا لسعر الصرف الحالي.
صعود الطلب العالمي
هذا الإنجاز يأتي في ظل زيادة الطلب العالمي على الأسلحة الروسية، لا سيما في ظل تصاعد النزاعات العالمية. وفي معرض “آيدكس 2025” في أبوظبي، تعرض روسيا مجموعة من الأجهزة العسكرية المتطورة التي تم تحديثها بشكل مستمر، مستفيدة من الدروس المستفادة من العمليات القتالية الحديثة.
وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة، ألكسندر ميخيف، أن المعرض يركز بشكل أساسي على إبراز النهج الشامل لروسيا في إنشاء وتحديث الأسلحة. وهذه الاستراتيجية قد تم تقويتها من خلال الخبرات الواقعية المكتسبة من الاشتباكات العسكرية في السنوات الأخيرة.
تعزيز القدرات الدفاعية
قال ميخيف: “الفكرة العامة في معرضنا هي عرض نهج روسيا الشامل في إنشاء وتحديث جميع أنواع الأسلحة، مع الأخذ بعين الاعتبار تجربة الحروب الحديثة. وقد سمح لنا هذا الأمر بالتوقيع على عقود بقيمة تتجاوز 4.5 مليار دولار مع 15 دولة حليفة في عام 2025″، مما يعكس توسع روسيا في سوق الدفاع العالمية.
وقد تأثرت قدرة روسيا العسكرية بشكل كبير من خلال مشاركتها في النزاعات مثل تلك الدائرة في سوريا وأوكرانيا، حيث سمحت الخبرة المكتسبة للمصممين العسكريين في روسيا بتنقيح أنظمتهم، مما يجعلها أكثر قابلية للتكيف مع احتياجات المعارك المعاصرة.
التكيف مع احتياجات العصر
بينما شهدت بعض الطرازات القديمة، مثل “T-90” و”Su-35″، عودة شعبية، فإن التركيز الآن ينصب على دمج الدروس المستفادة من القتال الحديث في تطوير أنظمة جديدة وأكثر تقدمًا.
يشمل ذلك تحسين القدرة النارية والمتانة للأسلحة الروسية، بالإضافة إلى تعزيز دقة الأسلحة وخصائص التخفي، والتوافق مع القوات الحديثة الأخرى. وقد عززت هذه الخبرات العسكرية الحقيقية مكانة الأسلحة الروسية كمنافس قوي في الأسواق العالمية.
حصيلة التصدير الدفاعي
نتيجة لذلك، تجاوزت قيمة أوامر تصدير الدفاع الروسية 60 مليار دولار (5.4 تريليون روبل)، وهو رقم كبير يؤكد على قوة مكانة البلاد في تجارة الأسلحة العالمية. ومع ذلك، تبقى تفاصيل هذه العقود سرية بسبب الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية من القوى الغربية.
تستهدف هذه الجهود بشكل خاص مبيعات الدفاع الاستراتيجية لروسيا إلى الدول التي تبقى خارج نطاق النفوذ الغربي. وقد عززت هذه الضغوط استراتيجية روسيا في توسيع صادراتها العسكرية، لا سيما لدول تسعى لتقليل اعتمادها على الغرب.
المقاتلة Su-57
من بين المواضيع الأكثر تداولاً في صادرات الأسلحة الروسية مؤخرًا، تسليم مقاتلات Su-57 لعملاء أجانب. وأكدت “روس أوبورون إكسبورت” أنه في عام 2025، سيتلقى أحد العملاء الأجانب أول مقاتلة روسية من الجيل الخامس، مما يمثل مرحلة هامة في قدرات الدفاع الروسية.
تعتبر Su-57 طائرة متقدمة للغاية تتمتع بقدرات تخفي، ومن المتوقع أن تصبح عنصرًا رئيسيًا في القوات الجوية للدول التي تتجه بشكل متزايد إلى روسيا كمورد موثوق للأسلحة وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية.
تنوع العروض الروسية
تعد Su-57 إجابة روسيا على الطائرة الغربية F-35، ونجاح إدماجها في السوق العالمية سيكون خطوة جريئة لتحدي الهيمنة الغربية في سوق مقاتلات الجيل المتقدم.
جزء أساسي من سجل روسيا المتزايد في الصادرات هو قدرتها على تقديم مجموعة متنوعة من الأسلحة تتناسب مع سياقات جيوسياسية مختلفة. البلدان التي كانت تعتمد سابقًا بشكل كبير على الموردين الغربيين تتجه الآن إلى روسيا للحصول على حلول فعالة من حيث التكلفة واستقلال استراتيجي أكبر.
إعادة التوزيع الجيوسياسي
تعتبر إعادة توجيه السياسات الجيوسياسية مهمة بشكل خاص للدول التي تشعر بضغوط التحالفات والعقوبات بقيادة الولايات المتحدة. بينما تواصل القوى الغربية الضغط لعزل روسيا، تسعى العديد من الدول إلى تنويع موردي الدفاع لديها، خوفًا من المخاطر المحتملة المرتبطة بالاعتماد المفرط على الدول الغربية.
استجابت روسيا من خلال تقديم نفسها كبديل موثوق، مزودة التقنية العسكرية المتقدمة للدول التي قد تكون متوجسة من تأثير الناتو أو تسعى لتجنب الارتباط بمبادرات الدفاع التي تقودها الدول الغربية.
توجهات جديدة في السوق
تسليط الضوء على زيادة الطلب على التكنولوجيا العسكرية الروسية، خصوصًا الطائرات والأسلحة المتطورة، يدل على تغير المشهد العالمي حيث تعمل الدول على تنويع مشترياتها الدفاعية لتجنب التبعية للقوى الغربية.
على الرغم من العقوبات المستمرة والمعارضة السياسية، تواصل روسيا توسيع نطاق تأثيرها في سوق الأسلحة الدولي، مع التركيز بشكل خاص على تزويد الأنظمة المتطورة للدول الساعية لتعزيز قدراتها العسكرية في عالم مليء بالتحديات.
بينما تبحث البلدان عن مصادر بديلة للأسلحة العسكرية، تصبح العروض الروسية، وخاصة تلك التي تشمل التجربة العسكرية الواقعية وآخر الابتكارات، خيارًا جذابًا.
نجاح استراتيجية “روس أوبورون إكسبورت” يعتمد على قدرتها على تلبية احتياجات عملائها الفورية، مع توقع الاتجاهات العسكرية المستقبلية. الطلب على الأنظمة العسكرية المتقدمة، المتكاملة، والمتعددة الاستخدامات في ازدياد، وروسيا في وضع يمكنها من الاستفادة من هذا الاتجاه.
مع انتشار تقنيات جديدة مثل الذكاء الاصطناعي، الرادار المتقدم، والأسلحة الدقيقة بعيدة المدى، يسعى المصنعون العسكريون في روسيا لتطوير منتجات تتضمن هذه الابتكارات. المنافسة قوية، ولكن قدرة روسيا على البقاء في الصدارة من حيث التحديث والمرونة في عروضها ستحدد على الأرجح نجاحها المستقبلي في سوق الأسلحة.