السبت 8 فبراير 2025
spot_img

روسيا تعزز دفاعاتها في قاعدة ميليروفو الجوية قرب أوكرانيا

عززت موسكو من الدفاع عن قاعدة ميليروفو الجوية الاستراتيجية، الواقعة على بعد أقل من 100 كيلومتر من الحدود الأوكرانية. وكشفت صور الأقمار الصناعية التي تم تحليلها بواسطة راديو “سفوبودا” عن بناء حظائر محصنة جديدة للطائرات المقاتلة، فيما قامت روسيا بنشر أنظمة الدفاع الجوي S-300 وS-400 الإضافية.

تُرصد جهود مماثلة لتعزيز الحصن في القواعد الروسية الرئيسية مثل قاعدة بلبك في القرم ومنطقة بريمورسكو أخاتارسكو في منطقة كراسنودار. يأتي هذا التطور في ظل تصاعد الهجمات الأوكرانية المعقدة على المطارات الروسية، مما تهدد قدرات الكرملين الجوية.

قاعدة ميليروفو الجوية

تقع قاعدة ميليروفو الجوية في منطقة ميليروفسكي بمقاطعة روستوف، وتُعد مركز عملياتياً مهماً للقوات الجوية الروسية ضمن الجيش الرابع للطيران والدفاع الجوي في المنطقة العسكرية الجنوبية. وتعمل منها الكتيبة 31 الجوية للحرس، التي تشغل سربين من مقاتلات سوخوي Su-30SM، الملقبة في مصطلحات الناتو بـ “فلانكر-إتش”، وتحتوي على الكتيبة 368 للطيران الهجومي مع أسطولها من طائرات الهجوم سوخوي Su-25، المعروفة أيضاً بـ “فروغفوت”.

ازدادت الأهمية الاستراتيجية لقاعدة ميليروفو الجوية خلال الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، حيث أصبحت نقطة انطلاق للدعم الجوي للعمليات البرية الروسية. ويُعتبر قرب القاعدة من الحدود الأوكرانية أداة حيوية في تقديم الدعم الجوي للقوات الروسية المشاركة في النزاع.

وقد تم الإبلاغ عن تعرض القاعدة لاعتداءات من قبل القوات الأوكرانية مرتين استجابةً للاجتياح، بما في ذلك حادث بارز يتضمن صواريخ توتشكا-يو الباليستية في فبراير 2022، على الرغم من عدم توفر تأكيد رسمي لتلك الهجمات من أي من الطرفين المعنيين.

التعزيزات الدفاعية الروسية

تشير الأنشطة الأخيرة، بما في ذلك الهجمات بالطائرات المسيرة وبناء حظائر جديدة، إلى أن ميليروفو لا تزال مكونًا نشطًا وحيويًا من الاستراتيجية العسكرية الروسية. وتؤكد هذه التطورات على الجهود المستمرة لتعزيز القاعدة ضد الهجمات المحتملة، مما يُظهر أهميتها في السياق العسكري الجوي الأوسع.

تمتد مهمة القاعدة لأكثر من مجرد الدعم العملياتي، إذ تُعتبر هدفًا محتملاً للتشويش الاستراتيجي من قبل القوات المعادية، مما يُبرز دورها الحرج في المشهد الجيوسياسي الحالي. وأشار أندريه كوفالينكو، رئيس مركز أوكرانيا لمكافحة المعلومات المضللة، إلى أن موسكو تعمل بجد لضمان بقاء قواعدها الجوية قريبة من الحدود الأوكرانية قيد التشغيل على الرغم من تزايد خطر هجمات الصواريخ والطائرات المسيرة الأوكرانية.

تتبع هذه الانتقالات نحو تدابير دفاعية أقوى بعد استحواذ أوكرانيا على صواريخ ATACMS الأمريكية المتقدمة، التي تتمتع بمدى يزيد عن 300 كيلومتر. استجابةً لذلك، قامت القوات الروسية بسرعة بإعادة نقل بعض الطائرات إلى مطارات أكثر بعدًا، ولكن تشير الصور الساتلية الجديدة إلى أن هذه الخطوة ليست حلاً دائماً.

تحليل القواعد الروسية

اعتبارًا من سبتمبر 2024، يظهر التحليل الساتلي لعدة قواعد روسية نمطًا واضحًا من الإخلاء. فتُظهر قواعد مثل خاليينو، وإيسك، وبالتيمور وغيرها، والتي كانت مكتظة بالطائرات القتالية الروسية، اليوم إما مهجورة أو لا تظهر علامات نشطة على وجود الطائرات. أصبحت هذه المطارات، التي تقع على بُعد 300 كيلومتر من الخطوط الأمامية، مدن أشباح غير قادرة على تحمل الضغوط المتزايدة الناتجة عن الضربات الدقيقة من القوات الأوكرانية.

علق برادي أفريك، محلل في معهد المشاريع الأمريكية، على التحول الاستراتيجي في الدفاع الجوي الروسي. قائلاً: “إن بناء الحظائر المحصنة ونقل الأصول الجوية إلى مواقع بعيدة ومعززة يُعبر عن استراتيجية جديدة لحماية الموارد الجوية الروسية.” تتماشى هذه الخطوة مع التغييرات المماثلة التي تُطبق في القاعدة الجوية الروسية في بلبك، القرم، وفي قاعدة بريمورسكو-أختارسكو في منطقة كراسنودار.

أنظمة الدفاع الجوي

تعتبر نشر أحدث أنظمة الدفاع الجوي الروسية، S-300 وS-400، في قاعدة ميليروفو تصعيدًا كبيرًا في جاهزية القوات العسكرية في المنطقة. أصبحت القاعدة، الواقعة في جنوب غرب روسيا، نقطة محورية للنقاش حول قدرات الدفاع الجوي، خاصة في سياق التوترات الجيوسياسية المستمرة.

تمثل هذه الأنظمة خطوة استراتيجية لتعزيز الموقف الدفاعي لروسيا ضد التهديدات الجوية. يمكن لـ S-300، الذي كان جزءًا أساسيًا من الدفاع الروسي لعقود، التصدي للأهداف التي تبعد حتى 200 كيلومتر، مما يوفر حماية ضد الطائرات وصواريخ كروز وبعض أنواع الصواريخ الباليستية التكتيكية.

مع ذلك، فإن وصول نظام S-400 “تريومف” قد أثار اهتمام المحللين العسكريين. بفضل مدى يصل إلى 400 كيلومتر وقدرته على اعتراض الأهداف على ارتفاعات أعلى، بما في ذلك الصواريخ الباليستية الاستراتيجية، يوسع S-400 بشكل كبير المظلة الحامية على القاعدة وما حولها.

قد تُعتبر وجود هذه الأنظمة في ميليروفو استجابة للتهديدات المدركة، ولكنها أيضًا ترسل رسالة واضحة للردع. إن دمج كلا النظامين يخلق دفاعًا متعدد الطبقات، حيث يمكن أن يتعامل S-300 مع التهديدات الموجودة بالقرب من الأرض بينما يتعامل S-400 مع تلك التي تقع على مسافات أبعد أو ارتفاعات أعلى.

تجعل هذه الترتيبات أي خطط اقتحام جوي محتملة من قبل الأعداء أكثر تعقيدًا، إذ تضطرهم للتنقل عبر شبكة دفاعية كثيفة ومتعددة الطبقات.

يُراقب السكان المحليون والمراقبون الدوليون هذه التطورات عن كثب. بالنسبة للسكان المحليين، فإن الأمر يتعلق بالأمن والآثار المترتبة على العيش بالقرب من موقع قد يصبح هدفًا في أي تصعيد للصراع. على الصعيد الدولي، تُفسر هذه الخطوة من خلال عدسة التوازن الاستراتيجي في شرق أوروبا وما بعدها، حيث تعتبر التفوق الجوي وقدرات الدفاع مفتاحًا للاستقرار الجيوسياسي.

يُحذر الخبراء من أنه بينما تعزز هذه الأنظمة الدفاع الجوي، فإنها تسهم أيضًا في ديناميكية سباق التسلح، حيث يدفع كل تقدم عسكري من جانب واحد تدابير مضادة من الآخرين. تظل الآثار طويلة الأمد على الأمن الإقليمي والعلاقات الدولية غير مؤكدة، لكن ما هو واضح هو أن سماء ميليروفو أصبحت تحت حماية تكنولوجية متقدمة.

هذه التغييرات ليست فقط عن حماية الطائرات. تهدف التكتيكات المتغيرة أيضًا لضمان قدرة القاذفات والمقاتلات الروسية على الاستمرار في هجماتها على المدن والبنية التحتية العسكرية الأوكرانية، حتى في مواجهة التهديدات المتزايدة. بالإضافة إلى ذلك، كانت أوكرانيا تستهدف ليس فقط الطائرات ولكن أيضًا مراكز اللوجستيات والصيانة الروسية، مما يزيد من تعقيد قدرة موسكو على الحفاظ على عملياتها الجوية.

يصبح النزاع بشكل متزايد حرب استنزاف، حيث تعدل كلا الجهتين تكتيكاتهما للتصدي لنقاط القوة لدى الآخر. وفي الوقت الذي تعزز فيه القوات الروسية قواعدها الجوية، فإن الضربات الدقيقة الأوكرانية على هذه المنشآت لا تظهر أي علامات على التوقف، مما يجبر روسيا على التكيف المستمر وتطوير بنيتها العسكرية.

غزو روسيا لأوكرانيا 2022

في 21 فبراير 2022، صرحت روسيا بأن منشأتها الحدودية تعرضت لهجوم من قبل القوات الأوكرانية، مما أسفر عن مقتل خمسة مقاتلين أوكرانيين. ولكن أوكرانيا سرعان ما نفت هذه الاتهامات، ووصفتها بأنها “علم زائف”.

في خطوة بارزة في نفس اليوم، أعلنت روسيا أنها اعترفت رسميًا بالمناطق المعلنة ذات السيادة “جمهورية دونيتسك الشعبية” و”جمهورية لوجانسك الشعبية”. ومن المثير للاهتمام، وفقًا للرئيس الروسي بوتين، أن هذا الاعتراف شمل جميع المناطق الأوكرانية. بعد هذا الإعلان، أرسل بوتين كتيبة من القوات العسكرية الروسية، بما في ذلك الدبابات، إلى هذه المناطق.

في 24 فبراير 2022، سيطرت العناوين العالمية على حادث هام. فقد كلف بوتين بأمر هجوم عسكري قوي على أوكرانيا. وقد قاد هذا الهجوم القوات المسلحة الروسية المثيرة للإعجاب التي كانت متمركزة على الحدود الأوكرانية، وأثبت أن هذا الهجوم لم يكن عفويًا وإنما كان فعلاً مدبرًا. بالرغم من أن الظروف تشبه حالة حرب، فإن الحكومة الروسية تفضل تجنب استخدام هذا المصطلح. بل تفضل الإشارة إليه كـ “عملية عسكرية خاصة”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك