الخميس 27 مارس 2025
spot_img

روسيا تطلق قاذف صواريخ “كورنيت” الجديد المضاد للدبابات

في خطوة تهدف إلى تعزيز قدرات القوات الروسية في الخطوط الأمامية لـ”العملية العسكرية الخاصة”، أطلقت شركة “أنظمة الدقة العالية”، إحدى الشركات الرائدة في قطاع الدفاع الروسي، نظام إطلاق صواريخ “كورنيت” الجديد المضادة للدبابات عن بُعد. وقد أفادت الشركة بأن النظام قد اجتاز جميع الاختبارات الأساسية وأصبح جاهزًا للقتال.

انتشار النظام الجديد

ورغم عدم الكشف عن تفاصيل النظام الجديد، تشير بعض التحليلات إلى أن القاذف ربما يكون قيد الخدمة بالفعل. من المقرر أيضًا أن يظهر النظام للمرة الأولى على المستوى الدولي خلال معرض الدفاع “IDEX-2025” في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وذكرت الشركة، وفقًا لوكالة “تاس”، أن “الاختبارات تؤكد أن قاذف صواريخ كورنيت عن بُعد يلبي الأداء المتوقع. هو الآن قادر تمامًا على استهداف الأهداف المتحركة والثابتة، مستفيداً من نظام الكشف والتوجيه الآلي.”

الأنظمة المتقدمة

تأتي هذه التطورات بعد إعلان شركة كلاشنيكوف عن حل مماثل يعمل بالتحكم عن بُعد لصواريخ “كونكورس-م”، مما يسمح للمشغل بالتحكم في ثلاثة قاذفات كونكورس-م من مسافة 100 متر، مع تقليل زمن الإعداد إلى أقل من 20 دقيقة.

يعد نظام كورنيت، المعروف في دوائر الناتو باسم AT-14 Spriggan، نظام صواريخ موجهة متطورة من روسيا، وقد غيرت طبيعة المعارك منذ إدخالها الخدمة. تم تطوير نظام كورنيت بواسطة مكتب التصميم “[KBP]”، وقد تطور ليصبح عائلة من الأنظمة التي تلبي احتياجات تكتيكية متنوعة، بدءًا من المشاة وصولاً إلى التركيب على المركبات.

التطوير التاريخي

دخل نظام كورنيت الأصلي، الذي يحمل التعيين 9M133، الخدمة مع الجيش الروسي عام 1998. كان يهدف إلى استبدال صواريخ السوفيتية القديمة الموجهة بالأسلاك مثل 9K111 Fagot و9K113 Konkurs، مما يوفر قدرات محسنة من حيث المدى والدقة واختراق الدروع.

يستخدم النظام طريقة التوجيه بواسطة شعاع الليزر، والتي تتطلب من المشغل الحفاظ على خط الرؤية، ولكنها توفر دقة عالية ضد الأهداف المتحركة.

خصائص الصواريخ

يتميز الصاروخ الأساسي من طراز كورنيت برأس حربي من نوع HEAT عالي الانفجار، قادر على اختراق الدبابات المجهزة بدرع تفاعلي متفجر، مع تقديرات لاختراق تصل إلى 1200 مم من الدروع المتجانسة المدلفنة خلف الدرع التفاعلي، أو خلال 3 إلى 3.5 متر من الخرسانة المسلحة.

من أبرز التطورات في عائلة كورنيت هو “كورنيت-EM”، الذي تم الكشف عنه في معرض موسكو الجوي عام 2011. هذه النسخة تمتد نطاق النظام، مع مدى إطلاق أقصى يصل إلى 10 كيلومترات في النهار و8 كيلومترات في الليل.

القدرات القتالية

لا يقتصر كورنيت-EM على زيادة النطاق فحسب، بل يشمل أيضًا تتبع الأهداف تلقائيًا، مما يمنحه قدرة “إطلاق ونسى”، دون الحاجة إلى باحث على متن الطائرة، مما يقلل بشكل كبير من تكلفة كل صاروخ. هذه النسخة قادرة على استهداف هدفين في آنٍ واحد، مما يزيد من فائدتها في سيناريوهات القتال الديناميكية.

تخصص صواريخ 9M133M-2 و9M133FM-3 لأدوار قتالية مختلفة؛ الأولى بها رأس حربي HEAT محسّن لتدمير الدبابات، بينما الثانية تحتوي على رأس حربي خفيف للتفجير الشظايا لتوسيع نطاق الأهداف، بما في ذلك المركبات المدرعة الخفيفة والتحصينات.

تنوع الاستخدامات

يتميز نظام كورنيت بتنوع هائل في النشر، حيث يمكن أن يكون محمولًا من قبل المشاة، مما يسمح لفريق مكون من شخصين بحمله وتشغيله من على حامل ثلاثي القوائم. ولمضاعفة القوة، يمكن تركيب النظام على المركبات.

على سبيل المثال، يعتبر “كورنيت-T” تكيفًا مثبتًا على هيكل “BMP-3″، مما يوفر قدرة مضادة للدبابات متنقلة مع تحميل تلقائي وقدرة على حمل 16 صاروخًا. يمكن لهذه النسخة إطلاق صاروخين في وقت واحد، مما يساهم في تشبع منطقة الهدف لتجاوز الأنظمة الدفاعية مثل الأنظمة النشطة للحماية.

الاستخدام في النزاعات

شهد نظام كورنيت استخدامًا قتاليًا في نزاعات متعددة، مما يبرز فعاليته ضد الدبابات الغربية في أماكن مثل سوريا، حيث استخدمته القوات الحكومية ضد المتمردين وحلفائهم. كما تم الإبلاغ عن استخدامه في أوكرانيا، حيث أصبح وجوده نقطة جدل، مما يشير إلى وجود تدخل روسي في تزويد النظام، رغم عدم كون أوكرانيا مشغلاً رسميًا له.

لقد أدت القدرة التكيفية لنظام كورنيت إلى ظهور نسخ متخصصة مثل 9M134 Bulat، وهو صاروخ خفيف الوزن مصمم للأهداف المتوسطة المدرعة، مما يقلل بشكل كبير من عبء اللوجستيات ويسمح للفرق بحمل المزيد من الذخائر إلى الميدان.

قدرات الصاروخ المتقدمة

يبلغ مدى هذا الصاروخ 3.5 كيلومتر، مع قدرة اختراق تصل إلى 250 مم، مما يجعله مثاليًا للتعامل مع مركبات القتال المشاة، وعربات النقل المدرعة، أو التهديدات الأقل دروعًا.

بالنسبة للمستخدمين المهتمين بإدماج النظام في منصات مختلفة، فإن “كورنيت-E” هو النسخة المخصصة للتصدير، وغالبًا ما يُرى مثبتًا على حوامل خفيفة لمجموعات النيران المتنقلة. يحتفظ بقدراته الأساسية للنماذج المحلية ولكنه مُعد للأسواق الدولية مع مراعاة سهولة الاستخدام والصيانة.

تأثير النظام في الصراعات

يمثل نظام كورنيت ATGM ذروة التكنولوجيا الروسية المضادة للدبابات، حيث يجمع بين الفعالية والتنوع والكفاءة من حيث التكلفة، مما جعله يتوسع في العديد من الجيوش حول العالم.

تُظهر تطوراته من 9M133 الأساسية إلى كورنيت-EM التزام روسيا بالحفاظ على ميزتها التنافسية في حرب مضادة للدروع، مما يضمن بقاء كورنيت أداة مرعبة في ساحة المعارك الحديثة.

استفادت القوات الروسية من نظام كورنيت ATGM بنجاح ملحوظ ضد الدبابات الموردة من الغرب في أوكرانيا. ومن أبرز هذه الحالات كانت عندما استهدفت القوات الروسية ودمرت دبابتي “تشالنجر” من صنع بريطاني في منطقة زابوروجيا.

أعلن يفغيني باليتسكي، الحاكم المؤقت لمنطقة زابوروجيا، في قناة “روسيا-24” أن الدبابات تم ضربها بصواريخ كورنيت، مما أدى إلى اشتعال النار في إحدى الدبابات. وأشار إلى وجود أربع دبابات في الوقت الراهن بالقرب من “ستيبنوجورسك” واثنتين في “أوريخوف”، مؤكدًا أن هذه الدبابات لم تكن تمتلك ميزات دروع استثنائية، مما جعلها عرضة لقدرات الكورنيت.

النجاح العسكري

وقعت حالة موثقة أخرى بالقرب من أفدييفكا، حيث نجح فريق من القوات الروسية في تدمير دبابة أوكرانية من طراز M1A1SA Abrams باستخدام قاذف كورنيت. أظهرت الأدلة البصرية من موقع الحادث الصاروخ قبل الإصطدام، وتم الإبلاغ عن نجاة الطاقم، الذين تمكنوا من إخلاء الموقع بعد الهجوم.

وقد تم التأكيد على فعالية كورنيت من خلال استخدامه ضد دبابات “ليوبارد 2” الألمانية، حيث تم الإبلاغ عن تدميرها بواسطة صواريخ كورنيت الروسية خلال مواجهات متعددة في أوكرانيا.

كان نظام كورنيت ATGM محوريًا في تغيير ديناميكيات حرب الدبابات في المنطقة، مما يثبت فاعليته ضد بعض من أكثر المركبات المدرعة تطورًا التي زودتها الدول الغربية.

تسلط هذه الحالات الضوء على سمعة كورنيت كأسلحة مخيفة على ساحة المعركة الحديثة، قادر على تحدي وتجاوز التدابير الوقائية لدبابات الغرب.

اقرأ أيضا

اخترنا لك