في إطار جولة المفاوضات الروسية الأميركية التي انطلقت مؤخرًا في الرياض، أطلق الكرملين جهودًا لوضع تصورات لعملية التفاوض المرتقبة حول التسوية النهائية في أوكرانيا. وقد أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن توافق بين الجانبين لإنشاء آلية مشتركة لبدء العملية السياسية، رغم الآراء الأولية التي تشير إلى تشكيل فرق عمل منفصلة لمناقشة ملف أوكرانيا.
فرق المفاوضين
كشف مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، الذي شارك في المحادثات، أن “فرقًا منفصلة من المفاوضين الروس والأميركيين ستبدأ اتصالات بشأن أوكرانيا في الوقت المناسب”. وأوضح أوشاكوف، في حديثه للقناة الأولى الحكومية، أن “المفاوضات تتمحور حول كيفية بدء الحوار بشأن أوكرانيا”.
وأضاف: “حددنا توجهاتنا الأساسية، وأكدنا على أن فرقًا مختصة ستتواصل مع بعضها عند الحاجة”. وتابع قائلاً: “سيحدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من سينضم إلى فريق المفاوضين”، مشيرًا إلى عدم تعيين الولايات المتحدة لممثليها حتى الآن.
الترتيبات اللازمة
من جانب آخر، أشار الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إلى أن التقديرات حول موعد لقاء بوتين وترمب ستظهر بعد اتضاح نتائج اجتماع الوفدين الروسي والأميركي في الرياض. وأكد بيسكوف أن النقاش تركز على استئناف العلاقات وتحضير الظروف لعقد القمة المرتقبة، مضيفًا أن الوصول إلى تسوية طويلة الأمد يتطلب دراسة شاملة للقضايا الأمنية في أوروبا.
وأوضح بيسكوف: “لا يمكن تحقيق تسوية شاملة وطويلة الأمد دون مراعاة القضايا الأمنية على القارة الأوروبية”.
موقف موسكو من الأهداف
وفيما يتعلق بموقف موسكو تجاه أهدافها في أوكرانيا، أكد بيسكوف أن “الهدف الأساسي بالنسبة لروسيا هو تحقيق مصالحها في هذا الشأن، ويفضل أن يكون ذلك عبر الوسائل السلمية”. كما أكد أن انضمام أوكرانيا إلى أي تحالفات عسكرية يعدّ قضية بالغة الأهمية بالنسبة لموسكو.
وأشار بيسكوف إلى أن روسيا “لا تنوي إملاء أي شيء على أي طرف فيما يتعلق بإجراءات أوكرانيا”، مؤكدًا على موقف روسيا الواضح تجاه القضايا المتعلقة بالأمن والمتعلقة بالدفاع.
شرعية زيلينسكي
تناول بيسكوف أيضًا موضوع الشرعية للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إذ أكد على ضرورة “مناقشة التثبيت القانوني للاتفاقيات التي قد يتم التوصل إليها”. وتساءل عن “شرعية” زيلينسكي، الذي تنتهي ولايته رسميًا في مايو 2024، مشيرًا إلى أن الأحكام العرفية المعمول بها منذ بدء الحرب تحول دون إجراء أي انتخابات.
وشدد بيسكوف على استعداد بوتين للتفاوض إذا لزم الأمر، لكن الإطار القانوني يجب أن يكون محل نقاش.
المفاوضات القادمة
أفادت مصادر مقربة من الكرملين أنه لن يتم مناقشة انسحاب روسيا من المناطق التي ضمتها؛ إذ تعتبر ذلك “خطًا أحمر”. وأكدت التقارير أن هذه المناطق أصبحت جزءاً لا يتجزأ من السيادة الروسية بعد استفتاءات محلية.
على صعيد آخر، أوضحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن موسكو تريد تراجع حلف شمال الأطلسي عن وعوده بشأن أوكرانيا، مشددة على أن انضمام أوكرانيا للحلف غير مقبول.
جهود دولية للتسوية
وأكدت زاخاروفا تقدير موسكو للجهود الصينية والدول الأخرى التي اقترحت مشاريع للتسوية السياسية في أوكرانيا. في هذا الصدد، أشار الخبير السياسي ديميتري سيميس إلى أن اجتماعات الرياض تركز بشكل أساسي على استئناف العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة.
من جانبه، أفاد رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل دميترييف أن الحديث عن حلول وسط بين روسيا والولايات المتحدة لا يزال مبكرًا، لكنه لاحظ تقدمًا في مسار المفاوضات.
الاهتمام الأوروبي
في السياق نفسه، اجتمعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بالمبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا وروسيا في بروكسل لتأكيد دعم الاتحاد الأوروبي لكييف. وأكدت على أهمية احترام استقلال أوكرانيا وضمانات الأمن.
كما شددت على الالتزام الأوروبي بتقديم مساعدات مالية وعسكرية لأوكرانيا، معتبرة أنه لا يمكن إحلال السلام من خلال مجرد وقف إطلاق النار.
