أكدت أنباء جديدة بيع روسيا لصواريخها المتطورة 3M54TE Kalibr/Club المضادة للسفن إلى الهند، وهو ما يعزيز قدرات البحرية الهندية. يأتي هذا التطور في ظل العقوبات الدولية المفروضة على روسيا، ما يبرز التزام الهند الاستراتيجي بالحفاظ على تطوير وتعزيز قدراتها العسكرية باستخدام التكنولوجيا الروسية.
تاريخ التعاون الدفاعي
لدى الهند تاريخ طويل من التعاون الدفاعي مع روسيا، خاصة في الأنظمة البحرية. وقد تم توقيع الصفقة الخاصة بصواريخ كاليبر-PL المضادة للسفن أثناء وجود أمين الدفاع الهندي، راجيش كومار سينغ، كما أعلنت وزارة الدفاع عبر منصة التواصل الاجتماعي “x”. يُعتبر هذا التحرك بمثابة توازن استراتيجي لقوات البحرية في المنطقة، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية مع الدول المجاورة.
يتسم نظام صواريخ كاليبر الذي استخدمته روسيا بشكل موسع في عمليات عسكرية متعددة، بما في ذلك في أوكرانيا، بمرونته وفعاليته. يمكن إطلاقه من الغواصات والسفن السطحية وحتى المنصات البرية، ما يجعله سلاحًا خطيرًا في الحروب البحرية. تحلق الصواريخ على ارتفاع يتراوح بين 10 إلى 15 مترًا، مما يقلل من زمن الاستجابة لأنظمة الدفاع لدى العدو، مما يعزز قدرتها على الضرب بدقة.
تعزيز القدرات القتالية
تستهدف هذه الصفقة بشكل خاص تعزيز القدرات القتالية للغواصات الهندية من طراز كيلو، والتي تعود أصولها إلى الحقبة السوفيتية. يسمح التصميم المودولاري لصاروخ كاليبر بتطبيق تكوينات متعددة، مما يساهم في تبسيط اللوجستيات والصيانة للبحرية الهندية.
ومع ذلك، تثير هذه الصفقة تساؤلات حول فعالية العقوبات الدولية المفروضة على روسيا. بالرغم من هذه العقوبات، تواصل دول مثل الهند العثور على قيمة في التكنولوجيا العسكرية الروسية، مما يظهر وجود شبكة معقدة من العلاقات الدولية حيث تتفوق الاحتياجات الدفاعية في بعض الأحيان على الضغوط السياسية. تسلط هذه الحالة الضوء على التغيرات في التحالفات العالمية والاستقلال الاستراتيجي الذي تمارسه الهند في مشتريات الدفاع.
خطة الهند لتعزيز القوة البحرية
تعد هذه العملية جزءًا من استراتيجية أوسع للهند لتحديث أسطولها البحري، والتي تشمل شراكات مع دول أخرى لمشاريع غواصات جديدة. قبل أيام من هذا الإعلان، قامت الهند باختيار شركة “ثيسين كروب” الألمانية لبناء ست غواصات، مما يبرز نهجًا متنوعًا لتعزيز قوتها البحرية.
تعتبر صفقة صواريخ كاليبر مع الهند ليست مجرد تعزيز لقوة عسكرية، بل تعكس أيضًا لعبة السياسة الدولية المعقدة، التي تلعب فيها التحالفات التاريخية والمصالح الاستراتيجية والتفوق التكنولوجي أدوارًا هامة.
بينما تراقب القوى العالمية هذه التطورات، قد تكون العواقب على الأمن الإقليمي وتوازن القوى في المحيط الهندي عميقة، مما قد يدفع دولًا أخرى لإعادة تقييم استراتيجياتها البحرية وتحالفاتها.
نظرة على صواريخ كاليبر
صاروخ 3M-54 كاليبر/كلوب، المعروف باسمه الرمزي لدى الناتو SS-N-27 “سيسلر، هو نظام صواريخ كروز روسي متعدد الاستخدام تم تطويره من قبل مكتب “نوفاتور” للتصميم. بدأ هذا النظام الخدمة في عام 1994 ومنذ ذلك الحين تطور ليشمل متغيرات مضادة للسفن، للهجوم البري، ومضادة للغواصات.
تم تصميم الصاروخ كنظام مودولاري، مما يتيح تكوينات مختلفة بناءً على الاستخدام المقصود. تعتمد فلسفة التصميم الأساسية على تبادل الأجزاء المشتركة بين الصواريخ الموجهة عبر السفن والغواصات، على الرغم من أن كل نوع من الصواريخ يتضمن مكونات فريدة مثل الدافع الخاص بالمنصة التي يتم إطلاقه منها.
قدرات متنوعة لصواريخ كاليبر
يشتمل نظام كاليبر على صواريخ مضادة للسفن وهجمات برية تتمتع بقدرة على القيام بتسريع فوق الصوتي في الاقتراب النهائي للهدف، مما يقلل زمن الاستجابة لأنظمة الدفاع بشكل كبير.
بالنسبة للأدوار المضادة للسفن، تُعتبر 3M-54 متغيرًا محليًا تستخدمه البحرية الروسية. فهو صاروخ يطلق من الغواصات بطول 8.22 متر ووزن رأس حربي يبلغ 200 كغ. مدى الصاروخ يقدر بين 440 إلى 660 كيلومتر، ويعمل كطائراً بحريًا بسرعة تفوق الصوت تبلغ 2.9 ماخ وارتفاع نهائي للرحلة يبلغ 4.6 متر. 3M-54T هو متغير آخر مضاد للسفن مصمم للسفن السطحية، يستخدم نظام الإطلاق العمودي ويحتفظ بمواصفات أداء مشابهة لـ 3M-54.
الإصدارات التصديرية والقدرات الهجومية
الإصدار التصديري المعروف باسم كلوب يتضمن نظامي Club-S (يتم إطلاقه من الغواصات) وClub-N (يتم إطلاقه من السفن السطحية). يتضمن متغير Club-S صاروخ 3M-54E الذي لديه مدى 220 كيلومتر، و3M-54E1 الذي يمدد المدى إلى 300 كيلومتر لكنه يسير عند سرعات تحت الصوت طوال رحلته.
كلاهما يحمل رأسًا حربيًا يزن 200 كغ. يتميز الإصدار Club-N بصاروخ 3M-54TE الذي يمتلك مدى 220 كيلومتر و3M-54TE1 الذي يصل مدى إلى 300 كيلومتر، كلاهما مزودان بنظام توجيه الدفع لضمان مرونة أفضل عند الإطلاق.
قدرات الهجوم البري والمضادة للغواصات
بالنسبة للهجمات البرية، يوفر صاروخ 3M-14 توجيهًا بالقصور الذاتي ويمكن إطلاقه من الغواصات أو السفن السطحية. لديه مدى يتفاوت بشكل كبير حسب المصدر، حيث تزعم بعض المصادر أنه يصل إلى 2500 كيلومتر للإصدارات المسلّحة تقليديًا، بينما تقترح مصادر أخرى مدى مختلف للإصدارات المحتملة المجهّزة بأسلحة نووية.
تتمتع القدرات المضادة للغواصات من خلال متغير 91RE1، وهو صاروخ ذو مرحلتين مزود بدافع صلب وطوربيد خفيف مضاد للغواصات كحمولة له. يتمتع بمدى يصل إلى 50 كيلومتر ويمكنه الوصول إلى سرعات فوق الصوتية، متبعًا مسارًا بالباليستية قبل تفريغ طوربيده.
تم استخدام صواريخ كاليبر في سياقات عملياتية متعددة، خاصة في الحرب الأهلية السورية، حيث أطلقتها السفن والغواصات الروسية من بحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط ضد أهداف داخل سوريا. أظهرت هذه العمليات قدرة الصاروخ على القيام بضربات بعيدة المدى، حيث أفادت تقارير بأن بعض الصواريخ سافرت لأكثر من 1500 كيلومتر لضرب أهدافها.
منصات الإطلاق المتنوعة
تُعزز تنوع نظام كاليبر عبر إمكانية نشره من منصات متنوعة، بما في ذلك غواصات طراز كيلو ولادا وأكولا وياسين وبوري، بالإضافة إلى السفن السطحية مثل أدمرال غورشكوف وأدميرال غريغورفيتش وغيبارد وغريميششي وبويان-م. يُسلط هذا التنوع الضوء على الميزة الاستراتيجية التي تحتفظ بها روسيا من خلال هذا النظام الصاروخي، مما يسمح بنشر مرن واستخدامه في سيناريوهات مختلفة من الحروب البحرية.
يمثل نظام صواريخ 3M-54 كاليبر/كلوب، مع التسمية SS-N-27 “سيسلر، نظام سلاح متطور ومتعدد الاستخدامات، يعتبراً عنصرًا أساسيًا في الاستراتيجية البحرية الروسية الحديثة، حيث يوفر قدرات عبر الأدوار المضادة للسفن، والهجمات البرية، ومهام مكافحة الغواصات، مما يعزز نطاق الفعالية للبحرية الروسية وحلفائها.