أثارت الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات في مصر المخاوف من تفاقم الغلاء في الأسواق، في وقت تسعى فيه الحكومة لتأكيد عدم المساس بسعر الخبز المدعم. وتأتي الزيادة وسط تعهدات حكومية بالحد من آثار التضخم المترتب على ذلك.
زيادة أسعار الوقود
أعلنت وزارة البترول المصرية زيادة جديدة في أسعار الوقود اعتبارًا من يوم الجمعة، والتي تُعتبر الأولى في عام 2025، بنسب تتراوح بين 11.76% و14.81%.
شملت الزيادة سعر الديزل (السولار) الذي ارتفع بمقدار جنيهين ليبلغ 15.50 جنيه لكل لتر. كما زاد سعر البنزين بمقدار جنيهين؛ حيث وصل سعر بنزين 80 إلى 15.75 جنيه للتر، بينما بلغ سعر بنزين 92 حوالي 17.25 جنيه، وسعر بنزين 95 نحو 19 جنيهاً. وقد ارتفع أيضاً سعر غاز الطهي للمنازل إلى 200 جنيه للأسطوانة بعد أن كان 150 جنيهاً.
التأثيرات الاقتصادية
يرى الخبراء أن تحريك أسعار المحروقات سيؤدي إلى زيادة معدلات التضخم، مما يزيد من حالة ركود السلع في السوق. وأشارت وزارة البترول إلى أن الفجوة السعرية لا تزال قائمة بين تكلفة المنتجات البترولية وأسعار البيع.
يُذكر أن مصر تستورد نحو 40% من احتياجاتها من السولار، و50% من مستهلكاتها من البوتاغاز، و25% من البنزين. وصرحت وزارة البترول أن حجم الدعم اليومي للمنتجات البترولية يُقدر بنحو 366 مليون جنيه مصري، ما يعادل حوالي 11 مليار جنيه شهرياً.
استجابة الحكومة
في إطار الزيادة الجديدة، رفعت الحكومة المصرية أيضاً تعريفات المواصلات العامة، حيث تراوحت زيادات أسعار حافلات النقل الجماعي ما بين 10% و15%، وفقاً لتقديرات كل محافظة.
وأكدت وزارة التنمية المحلية على ضرورة نشر نسب الزيادات الجديدة في محطات النقل الجماعي، بالإضافة إلى تكثيف الحملات الرقابية لمتابعة أسعار سيارات الأجرة.
التعهد بالتحكم في أسعار الخبز
وفي ظل القلق من تأثير هذه الزيادات على أسعار السلع الغذائية، أكدت وزارة التموين المصرية التزامها بثبات سعر رغيف الخبز المدعم عند 20 قرشاً، مع التذكير بتحمل الحكومة لفروق تكلفة إنتاج الخبز.
وقد أثارت الزيادة الجديدة تساؤلات كثيرة لدى المواطنين عبر منصات التواصل، لا سيما مع انخفاض أسعار النفط عالمياً. وأكد البعض أن هذه الزيادة ستؤدي إلى تفاقم الغلاء في البلاد.
تحديات السوق العالمي
قال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إن الانخفاض الأخير في أسعار النفط عالمياً لا يؤثر حالياً على أسعار الوقود في مصر، مشيراً إلى أن الحكومة تشتري النفط بعقود آجلة.
ووفقاً للخبير الاقتصادي وليد جاب الله، تتأثر أسعار الوقود في مصر بعدة عوامل، تشمل تحديات سلاسل الإمدادات والأسعار العالمية. وتبنت الحكومة سياسة سعر الوقود المرن، مما يفسر الزيادات المتكررة في الأسعار منذ بدء برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي.
توقعات مستقبلية
تعتبر الزيادة الحالية متوقعة، خصوصاً مع تراجع دعم الوقود في الموازنة القادمة. ومن المتوقع أن تستمر الزيادات، في حال استمرار انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع تكاليف الإمدادات.
وفي ذات السياق، أكدت وزارة البترول عدم دراسة تغيير الأسعار الجديدة قبل مرور 6 أشهر، حيث كان آخر تعديل قبل 6 أشهر في 18 أكتوبر الماضي.
تأثير التضخم
ستؤثر الزيادات الجديدة في أسعار الوقود على نسب التضخم، حيث تعتمد جميع مدخلات الإنتاج على المحروقات. ولذلك، يشعر المواطنون بقلق متزايد من تأثير هذه الأسعار المرتفعة على أسعار المواد الأساسية.
وفي تأكيد لذلك، أبدى رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء، محمود العسقلاني، مخاوفه من أن تؤدي هذه الزيادة إلى ارتفاع جديد في معدلات التضخم، رغم الجهود الحكومية السابقة لخفضه.
كما أشار العسقلاني إلى أن الزيادة ستفاقم من حالة الركود في الأسواق، مؤكداً ضرورة التوسع في برامج الحماية الاجتماعية لدعم الفئات الأكثر احتياجاً.