على وقع الدعوات الحكومية لمناقشة حصرية السلاح، تتصاعد التساؤلات حول القدرات العسكرية لـ”حزب الله”، لا سيما بعد الخسائر التي تكبدها خلال المواجهات مع إسرائيل، والضربات المتواصلة التي استهدفت مواقعه ومنشآته في جنوب لبنان.
تراجع تمركز الحزب
تشير تقارير إلى أن “حزب الله” قد سحب قواته من معظم مواقعه العسكرية جنوب نهر الليطاني، وذلك بعد تدمير أكثر من 90% من منشآته ومراكز الإطلاق التابعة له. الجيش اللبناني قام بتفكيك منشآت أخرى، بينما يواصل الحزب الترويج لقدراته العسكرية وإمكانية توسيع نطاق المعركة.
فجوات في القدرات القتالية
في هذا السياق، يرى خبراء عسكريون أن الخطاب التصعيدي للحزب يخفي وراءه “فجوات عميقة في البنية القتالية”. ويؤكد هؤلاء الخبراء أن الحزب خسر الكثير من ميزاته اللوجستية وتضرر عمقه الاستراتيجي، بالتزامن مع ارتفاع القدرات الإسرائيلية في الرصد والاستطلاع.
الصواريخ تحت المجهر
يستمر الحزب في التأكيد على امتلاكه صواريخ متوسطة وبعيدة المدى قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي. إلا أن التطورات الميدانية الأخيرة تثير شكوكاً جدية حول فاعلية هذه الترسانة في ظل الرقابة الجوية الإسرائيلية المكثفة.
صواريخ مكشوفة
يعتقد الخبراء أن هذه الصواريخ، حتى وإن بقيت موجودة، أصبحت عملياً خارج الخدمة. العميد الركن المتقاعد خليل الحلو يرى أن الخطاب التعبوي للحزب “يخفي تراجعاً كبيراً في قدراته العملياتية، خاصة فيما يتعلق بإطلاق الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى”.
تجهيزات الرصد الجوي
ويوضح الحلو أن هذا النوع من الصواريخ يتطلب تجهيزات زمنية ومنصات ثابتة أو شبه ثابتة، وهو ما يجعلها أهدافاً سهلة للرصد الجوي الإسرائيلي. ويشير إلى أن الجنوب اللبناني لم يعد بيئة آمنة للإطلاق، وأن منطقة البقاع الشمالي تعرضت لضربات دقيقة.
التفوق التكنولوجي الإسرائيلي
يؤكد الحلو أن تشغيل هذه الصواريخ في ظل المراقبة الجوية الشديدة أمر مستحيل دون التعرض لكشف فوري أو ضربة وقائية. ويضيف أن إسرائيل طورت شبكة مراقبة فائقة تعتمد على الطائرات المسيرة والأقمار الاصطناعية والاستشعار البيومتري، مدعومة بأنظمة الذكاء الاصطناعي.
تقنيات الاعتراض بالليزر
ويشير إلى أن هذه الشبكة تجعل أي تحرك صاروخي أو نقل قاذفات أو تجهيز للمنصات خطوة محفوفة بالمخاطر. ويضيف أن إسرائيل بدأت باستخدام تقنيات اعتراض بالليزر إلى جانب “القبة الحديدية”، وهو ما يقلل من جدوى أي قدرة صاروخية متبقية لدى الحزب.
سوريا ليست ممراً آمناً
يؤكد العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر أن “حزب الله” يعيش حالة إنكار للواقع العسكري، وأن تهديداته بإطلاق صواريخ بعيدة المدى لا تعكس حقيقة الوضع الميداني. ويشير إلى أن الضربات الإسرائيلية التي طالت البقاع أثبتت أن قدرة الحزب على إطلاق الصواريخ مقيدة بشدة.
قيود على التهريب
ويوضح عبد القادر أن طرق التهريب عبر سوريا أصيبت بالشلل، وأن المعابر البرية والمرافئ البحرية أصبحت تحت رقابة لصيقة. وهو ما يجعل إدخال صواريخ أو معدات لتصنيعها عملية شبه مستحيلة دون التعرض لضربات إسرائيلية.
رمزية السلاح السياسية
ويرى عبد القادر أن تمسك الحزب بسلاحه الثقيل اليوم لم يعد نابعاً من جدواه العسكرية، بل من رمزيته السياسية. ويقول إن ما تبقى من الترسانة لا يستخدم عسكرياً، بل يستثمر كورقة ضغط داخلياً وخارجياً.
حجم الترسانة المتبقية
تشير تقديرات عسكرية متقاطعة، إلى أن ما تبقى من الترسانة الصاروخية للحزب لا يتجاوز 30% من حجمها قبل اندلاع الحرب الأخيرة. ويؤكد الحلو أن الحزب بات يعتمد على أسلحة خفيفة محمولة ومضادات للدروع، في إطار استراتيجية دفاعية محلية تهدف إلى صد أي توغل.
من الردع إلى العبء
يرى الخبراء أن موازين القوى قد تبدلت، وأن “الصاروخ الذي كان يهدد به تل أبيب قبل سنوات، بات اليوم تحت مجهر الذكاء الاصطناعي”. ومع الانسحاب من جنوب الليطاني والانكشاف العسكري في الداخل اللبناني، تراجعت قدرة الحزب على المبادرة الهجومية.