تشهد الساحة اللبنانية حالة من الارتباك في صفوف حزب الله، بعد اغتيال أمينه العام السابق حسن نصر الله، مما أثر بشكل كبير على قيادته وارتباك الوضع الداخلي للحزب. هذا الارتباك لم يعد خافياً على الجمهور، حيث برزت تداعياته من خلال الأحداث الأخيرة، مثل الصدام الذي وقع بين مجموعات موالية له والجيش اللبناني، والذي جاء على خلفية احتجاجات ضد منع طائرة إيرانية من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي.
حالة من الارتباك
تحت قيادة الشيخ نعيم قاسم، يسعى حزب الله لملء الفراغ الذي نتج عن اغتيال نصر الله، ولكنه يواجه صعوبة في التكيف مع التحولات السياسية اللبنانية الأخيرة، مثل انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة القاضي نواف سلام. هذه التغيرات تتطلب من الحزب إعادة تقييم علاقاته مع شركائه السياسيين ومعرفة مكامن الخطأ في دعمه الأحادي لغزة.
على الرغم من محاولة الحزب لتطويق تبعات الصدامات الأخيرة، إلا أنه لم يكن محقاً في هجومه على الحكومة واتهامها بتنفيذ أوامر أميركية، كما يُشير صديق مقرب من الحزب، الذي قال إن الحزب كان مدعواً لفتح حوار مع الحكومة بدلاً من التصعيد.
الخطاب السياسي الغائب
تشير مصادر مطلعة إلى أن غياب الخطاب السياسي الواضح من حزب الله يزيد من عمق مشكلته، حيث لا يُقدم الحزب رؤية تتماشى مع التحولات الحالية في لبنان. ويبدو أنه لم يدرك بعد ضرورة التفكير في كيفية تعديل مواقفه السياسية لتنسجم مع الواقع الجديد.
يتساءل المراقبون: ما الذي يمنع حزب الله من تغيير موقفه وفقاً للظروف الحالية، كما فعل حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري؟ حيث أظهر بري قدرة على التمايز في مواقفه، بينما لا يزال حزب الله يُصر على خطاب يتجاهل التغيرات السياسية الجديدة.
التمايز بين القوى
تتجلى الاختلافات بين حزب الله وحركة أمل، التي يقودها بري، في كيفية التعاطي مع المواقف السياسية. فبينما يتمسك حزب الله بلغة حماسية ترتبط بقضية غزة، يظهر بري رغبة في معالجة الأزمات الداخلية بشكل أكثر واقعية، وذلك من خلال تعزيز الاستقرار وحماية عناصر “اليونيفيل”.
كما يُظهر بري حزمًا في الرد على الاعتداءات المتكررة ضد قوات الطوارئ الدولية، مما يعكس حرصه على الحفاظ على الأمن في الجنوب وعدم الانزلاق نحو الفوضى. ويؤكد بعض النواب من حركة أمل أن مثل هذه الأزمات لا تُحل من خلال التوترات والشغب، بل تتطلب استجابة حكيمة ومسؤولة.
التحولات القادمة
تبقى أمام حزب الله قراءة دقيقة للتحولات الإقليمية والدولية، والتي أدت إلى تآكل محور الممانعة الذي تقوده إيران. من الواجب عليه تجنب السياسات التي قد تؤدي إلى احتقان طائفي أو استعصاء سياسي، ليتيح المجال أمام الحكومة الجديدة للعمل على إنقاذ لبنان من أزماته المتعددة.
في الختام، يبدو أن حزب الله بات بحاجة ماسة لمراجعة استراتيجيته السياسية لتجديد علاقاته الداخلية والخارجية، ملتزماً بالتحولات الراهنة في لبنان ومعززاً للحوار بدلاً من المواجهة. هذا كله يأتي في إطار مساعي إحلال الاستقرار في الساحة اللبنانية، وذلك بالاستفادة من الدروس المستفادة من ممارساته السابقة.