في خطوة تتزامن مع بدء أول جلسة حوارية للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني السوري في قصر الثقافة بمدينة حمص، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس يوم الأحد، بعد جولة ابتدأها في محافظتي إدلب وحلب. تأتي هذه الزيارة قبل أسبوعين من انعقاد المؤتمر الوطني المتوقع مطلع الشهر القادم، تزامنًا مع انتهاء فترة الحكومة الانتقالية.
استقبال جماهيري في اللاذقية
استقبل الشرع في اللاذقية بحفاوة كبيرة من قبل الجماهير، حيث أقيم تجمع حاشد في ساحة الشيخ ضاهر، بالقرب من مدرسة الشهيد جول جمال، التي تُعتبر رمزًا تاريخيًا ووطنياً. تأسست هذه المدرسة في عشرينات القرن الماضي، وكانت من أوائل الصروح التعليمية في الساحل السوري، حيث شكلت محورًا وطنيًا أساسيًا قبل حكم «البعث» من خلال احتضانها للتظاهرات الطلابية والتجاذبات السياسية على الساحة المحلية.
وعلى الرغم من أهمية المدرسة، شهدت فترات من الإهمال، حيث تم إغلاقها خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، وهو ما يبين التحديات التي واجهها أبناء اللاذقية.
رسالة الشرع إلى أهل الساحل
جاءت رسالة الشرع واضحة أثناء ظهوره أمام مدرسة جول جمال، حيث أكد على أهمية دور مدينة اللاذقية كمركز وطني أصيل، بعد أن صادرتها عائلة الأسد واعتبرتها معقلاً لهم. زيارة الشرع تحمل معاني رمزية تعكس ضرورة إعادة الوعي الوطني.
وأعلن الشرع في جولته أنه يحمل رسائل تدعو إلى «الصبر»، مشددًا على ضرورة العمل المشترك لحل الأزمات الحالية. وفي جلسة حوارية مفتوحة بحلب، عبر عن اهتمامه بملاحظات المجتمعين من القادة المحليين والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية.
أهمية حلب الاقتصادية
رحب الشرع المطلع بالاستفسارات حول التحديات الاقتصادية، حيث شدد على أهمية دور حلب كمركز رئيسي للصناعة والإنتاج. وقد أشار إلى أن قادة دول أظهروا اهتمامًا خاصًا بحلب، وهذا يبعث على الأمل في استعادة نشاطها الاقتصادي.
وأوضح الشرع أن التركيز في المرحلة الحالية ينصب على خطط قصيرة الأجل لعامين متتاليين، متبعة بخطط استراتيجية مستقبلية. وعبّر عن تفاؤله بقدرة سوريا على التعافي والتقدم بفضل إرادة شعبها.
التأكيد على الهوية الوطنية
حرص الشرع على التأكيد في لقائه مع السوريين، على أنه ينتمي لهم وقد عايش الصعوبات التي عاشها المواطنون. أشار إلى أن «المعركة لم تنتهِ بعد» وأن سوريا هي دولة مواطنين تحت القانون، وليست مجرد دولة طوائف.
كما أعرب عن أهمية أن يثق السوريون به في معالجة قضايا السلم الأهلي، جاعلاً من العدالة الانتقالية محورًا رئيسيًا لخطط حكومته.
زيارة عفرين دعمًا للأكراد
خلال زيارته إلى حلب، زرع الشرع شعورًا بالارتياح، حيث زار مدينة عفرين ولقاء وجهائها. هذه الخطوة تؤكد أن الأكراد هم جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، كما شملت الجولة زيارة للمخيمات شمال غرب سوريا، وتعهد بالإسراع في دعم العائدين إلى بيوتهم.
اجتذبت الجولة الأولى للرئيس الشرع حماسة جماهيرية، خاصةً بعد زيارته إلى إدلب والمخيمات، حيث عبر المواطنون عن مشاعرهم بسلوكيات تعكس محبتهم له، ومؤكدين على أهمية التواصل الوطني.
جولة متواصلة نحو المحافظات
من المتوقع أن تستمر جولة الرئيس الشرع لتشمل المزيد من المحافظات والمدن، تزامنًا مع انطلاق الجلسات التشاورية للجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني. هذه الخطوات تُعَد مؤشرات نحو بناء محاور المؤتمر واختيار ممثلين عن كل محافظة، بما يعكس تطلعات النخبة المجتمعية من مثقفين وسياسيين.