تشهد لبنان تصاعداً مقلقاً في معدل الجرائم بمختلف أنواعها، خاصةً ظاهرة القتل العلني التي تستهدف مدنيين أبرياء، مما يزيد من مخاوف المواطنين الذين يطالبون السلطات بتعزيز حماية المواطنين وتطبيق القانون بحزم.
جريمة فاريا المروعة
شهدت منطقة فاريا في جبل لبنان، يوم الأحد، جريمة قتل صارخة تُجسد الأجواء المقلقة التي يعيشها المجتمع اللبناني. حيث قام الشاب ج. شمعون بدهس الفتى خليل خليل (17 عاماً) إثر خلاف حول أحقية المرور. وقعت الحادثة حين تابع القاتل المغدور بعد أن ترجل الأخير من سيارته، ولم يتردد في دهسه عدة مرات حتى فارق الحياة.
لم ينتج عن صراخ شقيقة الضحية واستغاثتها أي تأثير في إيقاف الجاني، بينما تمكنت الأجهزة الأمنية لاحقاً من توقيف ج. شمعون ووالدته ورفاقه.
تزايد الجرائم والمخاوف
تسببت جريمة فاريا في تأجيج مشاعر الخوف والقلق بين اللبنانيين، خاصةً مع ارتفاع وتيرة الجرائم في البلاد. تعود سلسلة هذه الجرائم إلى بداية يناير، حيث قُتل جورج روكز، صاحب معرض لبيع السيارات، بإطلاق عدة رصاصات عليه وسرقة سيارته. تمكن القاتل من الفرار قبل أن تُلقي الأجهزة الأمنية القبض عليه في اليوم التالي.
في حادثة أخرى، عُثر على جثة إميل حديفة داخل دورة مياه محطة وقود يمتلكها، حيث أظهرت التحقيقات تورط أربعة سوريين في الجريمة، الذين فروا لاحقاً إلى سوريا.
تحقيقات مستمرة
كما تعرض الأرشمندريت كوجانيان، نائب مطران الأرمن الأرثوذكس، لجريمة قتل خلال الشهر الحالي، حيث وُجدت جثته داخل منزله بعد فترة من فقدانه. وتجرى التحقيقات للكشف عن ملابسات الجريمة التي يشتبه بأنها ارتكبت بدافع السرقة، مع توجيه أصابع الاتهام إلى عمال سوريين.
البعد الأمني
تُعتبر لبنان ليست حالة فريدة من نوعها، إذ يلاحظ ارتفاع الجرائم في بلدان مختلفة أيضاً. وفقًا لمصدر أمني لبناني، فإن مثل هذه الجرائم تحتاج لعناية خاصة، إذ أن الأمن الوقائي ينجح عادة في التعامل مع الجرائم الأمنية والإرهابية، لكنه يواجه صعوبة مع الجرائم العادية والخلافات الشخصية.
تشير المعطيات إلى أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تلعب دوراً مهماً في زيادة الجرائم، حيث يُساء استخدام الحاجة للكسب كذريعة لارتكاب الجرائم. علمًا بأن تراجع الدوريات الأمنية قد يشكل دافعاً للجناة.
التحديات القانونية والاجتماعية
بالإضافة إلى ذلك، تعكس جريمة قتل الشيخ محمد حمادي، مسؤول “حزب الله” في البقاع الغربي، التحديات المتزايدة. حيث أطلقت عليه ست رصاصات أثناء مغادرته منزله، وبقي القتلة مختبئين بعد ارتكاب الجريمة، مما يظهر تفشي العنف في المجتمع.
تُفسر الدكتورة فريال عبد الله حلاوي، أستاذة وخبيرة في تطوير الذات، الأوضاع الحالية بسبب التأثيرات النفسية والاجتماعية الناتجة عن الحروب، بالإضافة إلى وضع الدولة الهش.
دعوات للإصلاح
في سياق متصل، كادت جريمة أخرى تستهدف الخوري إيلي بشعلاني تُودي بحياته أيضاً، عندما تعرض منزله لإطلاق نار من سيارة مسلحة. ويدعو العديد من الخبراء والمختصين إلى ضرورة اتخاذ إجراءات صارمة لضبط الوضع الأمني المشحون في البلاد.
تشدد الدكتورة حلاوي على أهمية استعادة الدولة هيبتها وفرض العقوبات المناسبة على المرتكبين، بما يضمن حماية المواطنين واستعادة الأمن والاستقرار في المجتمع اللبناني.