السبت 17 مايو 2025
spot_img

تعديلات قانون الإيجار القديم تهدد مستقبل ملايين الأسر المصرية

في خضم أزمة اقتصادية متزايدة، يناقش البرلمان المصري تعديلات جديدة على قانون الإيجار القديم، الذي يحكم عقود إيجار الوحدات السكنية، مما قد يؤثر على ملايين المواطنين.

مناقشة القانون الجديد

تأتي التعديلات المقترحة تنفيذًا لحكم المحكمة الدستورية العليا في نوفمبر 2024، الذي قضى بعدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية. هذه التطورات أثارت جدلاً واسعًا بين الملاك والمستأجرين، مع مخاوف من إخلاء ملايين الأسر وتهديد استقرارها الاجتماعي.

يعود قانون الإيجار القديم إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي، حيث وُجد لحماية المستأجرين من ارتفاع أسعار السوق. ولكن مع مرور الزمن، أصبحت القيم الإيجارية المنخفضة عبئًا كبيرًا على الملاك، الذين يعتبرون أن تلك القيم لا تعكس الوضع الحالي لعقاراتهم. في المقابل، يخشى العديد من المستأجرين، خاصة كبار السن ومحدودي الدخل، فقدان منازلهم التي عاشوا فيها لعقود.

أرقام هامة

وفقًا لتصريحات رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اللواء خيرت بركات، هناك حوالي 300 ألف وحدة سكنية مغلقة ضمن نظام الإيجار القديم. هذا الأمر يعكس التحديات الكبيرة في استغلال هذه الموارد العقارية بكفاءة.

أكد بركات أن آخر تعداد سكاني في مصر في 2017 أظهر أن عدد الأسر بلغ 23 مليونًا، بواقع 94 مليون فرد، حيث تصل الأسر المقيمة في وحدات الإيجار القديم إلى مليون و642 ألف أسرة. تمثل محافظة القاهرة 41% من هذه الوحدات، تليها الجيزة بـ18%، ثم الإسكندرية بـ12.9%، والقليوبية بـ9%.

التعديلات والتحديات

تتضمن التعديلات المقترحة زيادة القيمة الإيجارية للوحدات السكنية بما يصل إلى 20 ضعفًا، بحد أدنى 1000 جنيه شهريًا في المدن و500 جنيه في القرى، مع زيادة سنوية بنسبة 15% حتى مارس 2027. هذه الخطوة تهدف إلى تحرير العلاقة الإيجارية تدريجيًا، لكنها أثارت قلقًا من أن تصبح عبئًا لا يطاق على الفئات الأقل دخلًا.

عبّر النائب البرلماني مصطفى بكري عن رفضه للصيغة الحالية للقانون، محذرًا من أنها تهدد استقرار ملايين الأسر. من جهة أخرى، طالب أحمد السيجيني رئيس لجنة الإدارة المحلية بمراعاة كبار السن الذين قد يواجهون الإخلاء، بينما اعتبر مالك العقارات، مصطفى عبد الرحمن، أن التعديلات لا تزال “غير كافية”، مقترحًا فترة انتقالية أقصر وقيم إيجارية أعلى.

تعويض المتضررين

في إطار الجهود لتخفيف التوتر، أكدت وزيرة التنمية المحلية الدكتورة منال عوض، في اجتماع للجنة المشتركة بمجلس النواب، أن وزارة الإسكان ستخصص تعويضات للمتضررين من تطبيق القانون. تشمل هذه التعويضات توفير وحدات سكنية بديلة بنظام الإيجار أو التمليك، وإطلاق بوابة إلكترونية لتلقي طلبات المستأجرين.

لكن الوزيرة أوضحت أن وزارة التنمية المحلية تواجه نقصًا في الأراضي لتلبية الطلب، مما يثير تساؤلات حول قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها. من جهة أخرى، أكدت السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، على ضرورة إيجاد حلول متوازنة للمستأجرين.

الآثار الاجتماعية والاقتصادية

تقدر التعديلات أن حوالي 6 ملايين مصري قد يتعرضون لخطر الإخلاء، خاصة في المحافظات الكبرى مثل القاهرة والإسكندرية. يرى الخبير الاقتصادي هاني أبو الفتوح أن ذلك يمثل فرصة لإنهاء “الإيجار المؤبد” المتعارض مع الدستور، ولكنه يحذر من أن توقيت تطبيقه وسط الأزمة الاقتصادية قد يزيد حدة المعاناة.

تتزايد الدعوات للاحتجاجات في الشارع المصري، حيث تحذر منشورات على منصات التواصل الاجتماعي من “كارثة اجتماعية”. يطالب المستأجرون بزيادات إيجارية معقولة تحافظ على استقرار العلاقة الإيجارية.

جلسات الاستماع

تستمر لجنة الإسكان بمجلس النواب برئاسة النائب محمد عطية الفيومي في عقد جلسات استماع حتى 19 مايو الجاري لمناقشة التعديلات، مع وعد بإشراك جميع الأطراف المعنية. من جهتها، أكدت النائبة عبلة الهواري أن القانون “لن يخرج من المجلس إلا بصيغة متوازنة”، رغم استمرار التوتر بين المطالبين بحقوق الملاك والمستأجرين.

اقرأ أيضا

اخترنا لك