الجمعة 16 مايو 2025
spot_img

تصاعد الخلافات الأميركية الأوروبية حول خطة السلام الأوكرانية

تتصاعد الفجوة بين المواقف الأميركية والأوروبية بشأن الصراع في أوكرانيا، حيث تكشفت القطيعة بين الجانبين خلال الاجتماع الذي عُقد في باريس الأسبوع الماضي. وفي هذا السياق، شارك كل من وفدي أوكرانيا والولايات المتحدة، بالإضافة إلى ممثلين من بريطانيا وألمانيا، بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته ومستشاره السياسي، مما يعكس حال التباين الواضح في المواقف.

وفي خلال الاجتماع الذي جرى في 17 أبريل، قدم ماركو روبيو، وزير الخارجية الأميركي، تفاصيل “خطة السلام الأميركية”، التي كانت موضوع تسريبات إعلامية سابقة. ومع ذلك، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها عرضها بشكل رسمي من قبل مسؤول أميركي رفيع.

إنذار واشنطن

ورغم ردود الفعل السلبية من الطرفين الأوروبي والأوكراني، أطلق روبيو في اليوم التالي إنذاراً للطرفين، مشيراً إلى أنه بإمكان واشنطن سحب وساطتها إذا استمرت العقبات أمام التوصل إلى اتفاق سلام بين موسكو وكييف. وقد كرر الرئيس السابق دونالد ترمب هذا الإنذار في اليوم نفسه. وهذا ما يفسر أيضاً غياب ترمب وروبيو عن الاجتماع الفني الذي عقد في لندن في 23 أبريل، والذي حضره وفد وزاري من كييف.

الركائز الأربعة للخطة الأميركية

تستند الخطة الأميركية إلى أربع نقاط رئيسية. الأولى هي الاعتراف بسيطرة روسيا على شبه جزيرة القرم، والثانية الاعتراف بسلطتها غير القانونية على الأقاليم الأربعة التي تحتلها. أما النقطة الثالثة فهي دعوة كييف للتخلي عن الانضمام إلى حلف الأطلسي، في حين تتعلق النقطة الرابعة بمنح أوكرانيا “ضمانات أمنية صلبة” دون التأكيد على توفير مظلة أمنية تشمل القوات من دول غير أوروبية.

ويهدف هذا التعاون إلى “ردع” موسكو عن استهداف أوكرانيا مجدداً. وفي الوقت ذاته، ترفض واشنطن مطالب موسكو بخفض عدد القوات المسلحة الأوكرانية أو تقليص قدرتها العسكرية، كما تصر على عدم إجراء انتخابات تحت إشراف دولي كما طالب بوتين.

تحفيز أوكرانيا وإعادة الإعمار

تتناول الخطة أيضاً تعويض أوكرانيا جراء الأضرار التي لحقت بها خلال سنوات النزاع، بالإضافة إلى رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، وهو ما أكده ترمب في تصريحات سابقة. يشير ترمب إلى أن القرم ستبقى تحت السيطرة الروسية، ويظهر دعمه لهذا الرأي بتأكيده على ضرورة إحداث توافق بين روسيا وأوكرانيا في الأمور المتعلقة بالحرب.

في المقابل، يتبنى الطرفان الأوكراني والأوروبي موقفاً مغايراً، يؤكدان على أن أي نقاش حول الأراضي يجب أن يأتي لاحقاً بعد تحقيق وقف إطلاق النار الكامل. ويرفض المسؤولون الأوروبيون الاعتراف بأي سيطرة روسية على الأراضي الأوكرانية، بما في ذلك شبه جزيرة القرم، كما يشتركون في ضرورة عدم منح روسيا حق التدخل في نشر القوات الأجنبية على الأراضي الأوكرانية.

التوافق الأوروبي

تظهر الاختلافات بشكل جلي بين الموقفين الأوروبي والأميركي، حيث أعلن الرئيس ماكرون رفضه للاعتراف بضم القرم، بينما أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن دعمه وتأييده للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. حيث أكد ستارمر على أن أوكرانيا هي من يجب أن تتخذ القرارات المتعلقة بأراضيها، مشدداً على أهمية عدم تحمل زيلينسكي وزر فشل المفاوضات.

وفي السياق ذاته، دعا ماكرون إلى “وقف إطلاق النار غير المشروط” كخطوة أولى للسلام، مشيراً إلى أن القضايا الأخرى يجب أن تُتناقش لاحقاً. ووجه انتقادات مباشرة لبوتين، متهماً إياه بالمناورة بين دعوات السلام وهجمات جيشه ضد أوكرانيا.

التحديات الأوروبية

تواجه أوروبا تحديات كبيرة في إدارة الصراع في أوكرانيا، خاصة في حال انسحبت واشنطن من الوساطة. تشير تصريحات روبيو إلى أن “الحرب تدور على الأراضي الأوروبية”، مما يثير تساؤلات حول إمكانية أن تتمكن الدول الأوروبية من التعامل مع الوضع دون دعم أميركي. يتعين على الدول الأوروبية أن توازن بين احتياجاتها الاستراتيجية والرغبة في الحفاظ على تحالفهم مع الولايات المتحدة، وسط الاختلافات في المقاربات بين الجانبين.

اقرأ أيضا

اخترنا لك