ندد رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي بـ”تقاعس” المجتمع الدولي تجاه العمليات العسكرية لمقاتلين مدعومين من رواندا، والتي تسيطر على مناطق في شرق البلاد، محذراً من خطر “تصعيد” إقليمي. جاء ذلك في خطاب موجه للأمة عبر التلفزيون الرسمي، حيث وصف صمت المجتمع الدولي بأنه “إهانة” لجمهورية الكونغو الديمقراطية، متوقعاً أن يؤدي تقدم هؤلاء المقاتلين إلى تصعيد الأوضاع الأمنية في منطقة البحيرات العظمى.
رد عسكري قوي
أعلن تشيسكيدي أن جيشه ينفذ “رداً قوياً ومنسقاً ضد هؤلاء الإرهابيين”، فيما تسجل حركة “إم 23” تقدمها نحو العاصمة كينشاسا وتخطط للبقاء في مدينة غوما التجارية. وقال كورنيل نانغا قائد الائتلاف المسؤول عن “إم 23”: “سنواصل مسيرة التحرير وصولاً إلى كينشاسا”.
في الوقت ذاته، واصل متمردو الحركة السيطرة على بلدات جديدة في شرق الكونغو، متجاوزين مدينة غوما في محاولة لتعزيز نفوذهم. وشهدت المنطقة تقدماً نحو وسط إقليم جنوب كيفو عقب السيطرة على عدة مواقع من بينها كالونغو وموكوينغا، وفقاً لشهادات ناشطين محليين.
قلق دولي متزايد
عبّر المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، عن قلق المنظمة بشأن الأوضاع الحالية، مشيراً إلى الاجراءات المتخذة لحماية المدنيين وموظفي الأمم المتحدة. وقد أثار تقدم المتمردين مخاوف من إمكانية احتلال طويل الأجل، خاصة مع خططهم لإدارة جديدة في غوما، التي يقدر عدد سكانها بحوالي مليوني نسمة.
ورغم القلق المتزايد، رفض تشيسكيدي الاعتراف بالهزيمة وحذر من مخاطر تصعيد “غير محسوب العواقب” في المنطقة. كما حذرت المنظمات الدولية من التصعيد المستمر للأعمال العدائية من جانب حركة “إم 23”.
استغاثات دولية
أثارت السيطرة السريعة للحركة المدعومة من الجيش الرواندي على غوما، نداءات متكررة من عدة دول، بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا والصين، من أجل إنهاء الأعمال الحربية وسحب القوات الرواندية من المنطقة. وقد أكّد الرئيس الكونغولي، تشيسكيدي، في خطابه أن الوضع الأمني يشهد تصعيدًا غير مسبوق، مشيراً إلى المسؤولية المباشرة للجهات الداعمة للمتمردين.
ورغم وجود جيوب داخل غوما تحت السيطرة الحكومية، أكد السكان أن “إم 23” قد عززت وجودها في معظم أنحاء المدينة. من جهته، دعا الرئيس الرواندي بول كاغامي إلى التركيز على وقف إطلاق النار ومعالجة أسباب النزاع بجذورها.
تقدم مقلق
أفادت مصادر محلية بأن الحركة فتحت جبهة جديدة في شرق جمهورية الكونغو بعد استيلائها على مناطق مثل كينييزير وموكويدغا. ومع تقدم العمليات العسكرية، بات إقليم جنوب كيفو مهدداً أعواماً مضت، حيث قد يؤدي استمرار القتال إلى إعادة تجديد الأزمات الإنسانية.
شدد السفير الرواندي في منطقة البحيرات العظمى على أن “إم 23” ستواصل تقدمها، مشيراً إلى احتمال استيلائها على العاصمة كينشاسا. بينما حثت منظمة دول شرق أفريقيا جمهورية الكونغو على الانخراط في حوار مع المتمردين، وهو ما رفضته كينشاسا بشدة.
قمّة طارئة
إلى جانب ذلك، أعلنت الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي عن قمة استثنائية في هراري لبحث الوضع المتصاعد في شرق جمهورية الكونغو. وشدد مسؤولون كونغوليون على زيارة وزير الخارجية الفرنسية، جان نويل بارو، للعاصمة كينشاسا بهدف احتواء الأزمة الراهنة.
وحذرت مجموعة الأزمات الدولية من أن استمرار القتال قد يؤدي إلى اتساع رقعة الصراع، مما يعيد للأذهان الفظائع التي شهدتها المنطقة أواخر التسعينات. مع الوضع الأمني المتدهور، تظهر تقارير عن فرار مئات الآلاف من سكان غوما، حيث عبر البعض إلى رواندا وطلب آخرون الحماية داخل البلاد.
شاهد مراسل “وكالة الأنباء الألمانية” مقاتلين من “إم 23” وهم يسيطرون على أفراد القوات الحكومية في أحد الاستادات، في ظل عدم التنظيم الذي يعاني منه الجيش الكونغولي ونقص المعدات. بعض الجنود وصفوا الحالة بأنها فوضى، مما يزيد من القلق بشأن الأوضاع الميدانية في المنطقة.