تواجه جهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإطلاق مشروع تطوير الدرع الصاروخي المعروف بـ”القبة الحديدية الأميركية” تحديات كبيرة بعد إصدار أمر تنفيذي حديث، يهدف لتحييد الصواريخ الفرط صوتية والأسلحة النووية. يأتي ذلك في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية مع الصين وروسيا، مما يعكس طموحات الولايات المتحدة في تعزيز أمنها القومي بشكل غير مسبوق.
يتضمن المشروع خطة طموحة تستدعي استخدام تكنولوجيا مبتكرة، بما في ذلك الليزر الفضائي، وهو ما يُذكِّر ببرنامج “حرب النجوم” الذي أطلقه الرئيس الأسبق رونالد ريجان في الثمانينيات. ولكن، تسلط صحيفة “فاينانشيال تايمز” الضوء على الصعوبات التقنية والمالية التي قد تجعل تنفيذ المشروع بعيد المنال في المدى القريب، حيث يُشير الخبراء إلى أن تكاليف تطوير برامج دفاع جديدة قد تصل إلى مئات المليارات من الدولارات.
تفاصيل خطة ترمب
الأمر التنفيذي، الذي وُقع الأسبوع الماضي، يمنح وزير الدفاع الجديد بيت هيجسيث فترة 60 يوماً لإعداد خطة متكاملة لحماية الولايات المتحدة من تهديدات الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز المتقدمة. يشدد مقترح ترمب على إنشاء شبكة من الأقمار الاصطناعية “المعترضة”، بما في ذلك تلك المُزودة بأشعة ليزر، لتكون قادرة على التصدي لهجمات الصواريخ العابرة للقارات.
ويختلف النظام المقترح عن القبة الحديدية الإسرائيلية، حيث يسعى لتعزيز قدرات الاعتراض بعيد المدى. في حين أن النظام الإسرائيلي يركز على الدفاع عن مواقع محدودة ضد الصواريخ قصيرة المدى، فإن المبادرة الأميركية تُصمَّم لتصدي صواريخ تسافر مسافات أطول وبسرعات أعلى.
التحديات التقنية والمالية
من أجل تحقيق هذا الهدف، يتطلب المشروع تقنيات ليزر متقدمة تستطيع اكتشاف الصواريخ خلال دقيقتين أو ثلاث قبل دخولها الغلاف الجوي، وهو أمر يحتاج إلى تكنولوجيا حالياً غير متاحة. يشير الخبراء إلى تأثير الحرارة الشديد على فعالية الليزر عند دخوله الغلاف الجوي للأرض، مما يُشكل عقبة أمام المشروع.
إضافة إلى ذلك، يُشير التقرير إلى أن تطوير نظام فضائي فعال قد يتطلب استثمارات ضخمة لإنتاج ما يُقارب 650 قمراً اصطناعياً، مع تقديرات تتجاوز 300 مليار دولار. ويتحدى الباحثون فكرة تنفيذ النظام، مشيرين إلى صعوبات متعددة تتعلق بالاستقلالية والموارد.
الجدل حول الأنظمة المتاحة
وعلى الرغم من الابتكارات المقدمة، تُشير الصحيفة إلى أن هناك أنظمة دفاعية مُثبتة الفعالية. استخدمت أوكرانيا أنظمة دفاع غربية مثل صواريخ “باتريوت” الأميركية و”آيريس-تي” الألمانية بنجاح ضد تهديدات الصواريخ الروسية. ومع ذلك، فإن تكاليف توسيع تلك الأنظمة لتغطية كافة الولايات المتحدة تبقى مرتفعة.
يرى بعض الخبراء أن الحل الأكثر فعالية يكمن في تعزيز أنظمة الدفاع التقليدية، وخاصة تلك الموضوعة على الأرض أو السفن، بدلاً من الاعتماد على تكنولوجيا فضائية معقدة.
ردود الفعل العالمية
تحذر التحليلات من أن نجاح المشروع قد يُثير ردود فعل سلبية من الصين وروسيا، مما قد يشعل سباق تسلح جديد. المُراقبون يؤكدون أن أي اعتداء على التوازن النووي قد يستدعي ردود فعل مُحتمَلة من القوى العظمى المنافسة.
تشير التقارير إلى أن التوازن يُمكن أن يتأثر إذا ظنت القوى العظمى أن هذه المبادرات تهدد مصالحها الوطنية. يمكن للدول أن تستجيب بزيادة ترساناتها النووية أو استهدافها للمناطق ذات الدفاعات الأضعف، مما يزيد من التعقيد.
آفاق التعاون مع القطاع الخاص
الجهود لإطلاق مئات الأقمار الاصطناعية ستحتاج إلى شراكات مع شركات الفضاء، على رأسها “سبيس إكس” التي تملك القدرة على تنفيذ هذه المهام بأسعار تنافسية. ومع ذلك، قد يتطلب ذلك تقليل قدرة الشركة على تنفيذ مشاريع أخرى، مثل كوكبة “ستارلينك” التي تمثل مصدر إيرادات رئيسي لها.
تشير التقارير إلى أن جميع هذه الخطط ستظل معلقة في انتظار موافقة الكونغرس وتوفير التمويل اللازم، مما يجعل مستقبل المشروع غير مؤكد في الوقت الراهن.