قبل أسابيع من توليه منصبه رسمياً، أعرب الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، عن تطلعه لتوسيع نطاق النفوذ الإقليمي للولايات المتحدة بشكل غير متوقع. ومنذ منتصف ديسمبر، كثف ترمب جهوده على منصات التواصل الاجتماعي للتأكيد على أهمية السيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، وفقاً لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية.
توسع أميركي محتمل
يبحث ترمب، الذي يتبنى عقليته كمطور عقاري، عن فرص جديدة للتوسع. وقد أظهر خلال الفترة الماضية طابعاً إمبريالياً، بحسب تعليقات الصحيفة. في الخريف الماضي، اقترح أن تصبح كندا “الولاية رقم 51″، ممازحاً رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، بأنه “حاكم” للولاية.
على الرغم من أن الطموحات المتعلقة بكندا قد تبدو مجرد مزحة، فإن أهداف ترمب نحو بنما وغرينلاند تحمل دلالات أكثر جدية. في عام 2019، أعرب الرئيس المنتخب عن رغبته في شراء غرينلاند من الدنمارك، مُشيراً إلى أنها ضرورة أمنية وطنية.
الرغبة في غرينلاند
كتب ترمب على منصات التواصل الاجتماعي: “تشعر الولايات المتحدة أن السيطرة على غرينلاند وملكيتها ضرورة مطلقة لأسباب تتعلق بالأمن القومي والحرية العالمية”.
تدفع العوامل الاقتصادية ترمب نحو غرينلاند، حيث يمكن للاحتباس الحراري أن يفتح طرقاً بحرية جديدة، مما يعزز من موقع الجزيرة الاستراتيجي. وتحتوي غرينلاند أيضًا على 43 نوعاً من التربة النادرة الأساسية للتقنيات الخضراء الحديثة.
ومع ذلك، قامت حكومة غرينلاند، التي تتمتع بحكم ذاتي واسع، بإحباط آمال ترمب، إذ صرح رئيس وزرائها موتي إيجيدي: “غرينلاند ملك لنا. نحن لسنا للبيع ولن نكون أبداً”. بينما كانت الحكومة الدنماركية أكثر حذراً، مؤكدة استعدادها للتعاون مع الإدارة الأميركية الجديدة.
أسعار باهظة
تأتي حذرات كوبنهاغن في ظل المخاطر المحتملة المرتبطة باقتراح ترمب حول السيادة على الجزيرة. تاريخياً، كانت غرينلاند نقطة اهتمام استراتيجية خلال الحرب الباردة، حيث كانت السيطرة عليها جزءاً من سياسة الرئيس الأميركي ترومان لاحتواء الاتحاد السوفياتي.
في عام 2009، حصل سكان غرينلاند على حق المطالبة بالاستقلال. ومع عدم استمرارهم في التصويت للاستقلال، قد تدفع مقترحات ترمب الناس لإعادة تقييم خياراتهم، ليس للانضمام إلى الولايات المتحدة، بل للاستفادة من الاستثمارات المحتملة.
وعلى جانب آخر، في بنما، أثار ترمب ردود فعل قوية، حيث اتهم السلطات بأنها تفرض “أسعاراً باهظة” على السفن الأميركية المارة عبر القناة. وقد صرح أنه يجب على الولايات المتحدة استعادة السيطرة على قناة بنما بالكامل إذا لم يتم تخفيض الرسوم الجمركية.
رفض بانامي
عارض الجمهوريون في أميركا اتفاقية عام 1977 التي أتاحتها لبنما التحكم في القناة، حيث اعتبرها العديد منهم أمراً أميركياً بامتياز، مثلما قال الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان: “لقد اشتريناها؛ لقد دفعنا ثمنها؛ بنيناها”.
ورغم أن التفكير في عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على القناة يبدو بعيداً، ردت الحكومة البنمية بقوة، مصممة على أن “كل متر مربع من قناة بنما هو جزء من بنما وسيظل كذلك دائماً”.
كبح التمدد الصيني
ترتبط الحملات التي يقودها ترمب أيضاً بالقلق من تحدي الصين لنفوذ الولايات المتحدة، وفقاً لتقارير “لوفيغارو”. حيث يخشى ترمب من النشاطات الصينية في المنطقة، ويشير إلى أن “الجنود الصينيين” يديرون القناة، وهو ما نفته السلطات البنمية.
على الرغم من نفي بنما، إلا أن وجود الصين في المنطقة، كورقة ضغط في الصراعات الإقليمية، يظل واقعاً ملحوظاً. من ناحية أخرى، تشكل الموارد الطبيعية في غرينلاند مساحة جديدة للصراع بين النفوذ الأميركي والصيني، حيث تسعى بكين لاستغلال الذوبان الجليدي وفتح طرق الملاحة الجديدة.