الخميس 27 مارس 2025
spot_img

تحوّل جذري في العلاقات الأمريكية-الأوروبية تحت ترمب

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، شهدت أوروبا تقاربًا ملحوظًا مع الولايات المتحدة، حيث أسست علاقات مستدامة رغم بعض التباينات العابرة. ومع ذلك، يبدو أن العلاقات عبر الأطلسي تتجه نحو تصادم جاد في عصر الرئيس الأمريكي الثاني دونالد ترمب، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في طبيعة هذه العلاقات. تتجلى الخلافات في مجالات شتى تشمل الحرب في أوكرانيا، عمل حلف شمال الأطلسي (ناتو)، التغيرات المناخية، العلاقات التجارية، وتنظيم قطاع التكنولوجيا، فضلاً عن الروابط مع الصين.

صراع المصالح الأوروبية

يظهر ترمب في قلب هذه النزاعات، معربًا بوضوح عن آراء تتعارض مع موقف معظم قادة الاتحاد الأوروبي، مما يهدد الأسس التي قامت عليها السياسة الخارجية الأوروبية لعقود. على الرغم من أن القارة العجوز تسعى للحفاظ على تحالفها مع الولايات المتحدة، إلا أن الوضع الجيوسياسي، خصوصًا بعد ضم الروس لشبه جزيرة القرم عام 2014 وغزو أوكرانيا عام 2022، زاد من قلق الأوروبيين حول ضمان الأمن عبر «الناتو».

ومع ذلك، يقترح ترمب رؤية متباينة تمامًا عن أوروبا و”الناتو» بل ويدعو إلى إعادة تقييم دور القارة في الديناميكيات العالمية. وفقًا للمحللين، تعتقد واشنطن أن أهمية أوروبا قد تراجعت، مما ساهم في ضعف التزام الأوروبيين بتحمل مسؤولياتهم الدفاعية، كما يظهر ذلك في تأخرهم في تلبية احتياجات أوكرانيا العسكرية التي تعتمد بشكل أساسي على الدعم الأمريكي.

القضية الأوكرانية

من المثير للاهتمام أن ترمب لم ينفذ وعده بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة كما ادعى خلال حملته الانتخابية. فقد وضعت إدارة ترمب موقفها تجاه هذا الصراع المتواصل في إطار ببطء ثم تسارعت بعض الأحداث، مثل زيارة مبعوثه ستيف ويتكوف إلى روسيا والتي أسفرت عن إطلاق سراح مدرس أمريكي معتقل هناك.

بعد ذلك، أشار ترمب عبر منصته على الإنترنت إلى أنه أجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأن المفاوضات ستبدأ على الفور. وفي الوقت نفسه، أعلن وزير دفاعه بيت هيغسيث عن عدم جدوى توقع استعادة أوكرانيا لكافة أراضيها، مشيرًا إلى أن الدعم الأمريكي القادم لن يقدم أو يعطي ضمانات مستقبلية.

التوترات التجارية

بلغ التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي 975.9 مليار دولار خلال عام 2024، حيث بلغت الصادرات الأمريكية 370.2 مليار دولار مقابل واردات بقيمة 605.8 مليار دولار، مما أسفر عن عجز تجاري أمريكي قدره 235.6 مليار دولار. ويعكس هذا العجز زيادة ملحوظة بنسبة 12.9% مقارنة بالعام السابق.

يرى ترمب أن هذا الخلل في الميزان التجاري غير مقبول، حيث يشدد على أن الاقتصاد الأوروبي الضخم يجب أن يتعامل بشكل عادل مع الولايات المتحدة. وقد أكد ترمب في مؤتمر دافوس، وجود ضغوطات من الجانب الأوروبي تحرم الولايات المتحدة من الاستفادة من الأسواق المحدودة في الجوانب الزراعية وصناعة السيارات.

تحول استراتيجي في العلاقات

يشير ستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد، إلى أن الخطاب الذي أدلى به جي دي فانس، نائب ترمب، حول انحراف أوروبا عن القيم الغربية، قد يكون نقطة تحول في فهم العلاقات الأمريكية-الأوروبية. يتزايد القلق الأوروبي مع تزايد اتجاه الإدارة الأمريكية للتفاوض مع روسيا بشأن إنهاء النزاع في أوكرانيا بدون إشراك الأوروبيين.

هذا الأمر دق ناقوس الخطر في العواصم الأوروبية الكبرى، خاصة مع انعدام الثقة المتزايد تجاه مواقف واشنطن، الأمر الذي قد يعيد تشكيل العلاقات عبر الأطلسي في المستقبل القريب.

اقرأ أيضا

اخترنا لك