تواجه السلطات في شرق وغرب ليبيا اتهامات مبطنة من تقريرٍ أعدته لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، والتي ربطت نجل قائد «الجيش الوطني» الليبي، صدام حفتر، بنشاطات مشبوهة تتعلق بتهريب النفط عبر شركة خاصة تُعرف باسم «أركينو» تمارس بيع الخام. السلطات لم ترد على هذه الاتهامات رغم مرور الفترة الزمنية منذ الإعلان عن التقرير.
موقف المسؤولين الليبيين
أفادت مصادر مقربة من قطاع النفط الليبي، بالإضافة إلى مسؤولين حاليين وسابقين، بأنهم امتنعوا عن التعليق على أنشطة شركة «أركينو»، التي تم تأسيسها في بنغازي مطلع عام 2023. وكان من بينهم وزير النفط السابق محمد عون الذي أُعفي من منصبه في مارس 2023.
في الجهة الأخرى، انتقد رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، طلال الميهوب، التقرير الأممي من منظور سياسي، حيث أكد أن ملف الثروات الوطنية هو قضية سيادة لا يحق لأحد التدخل فيها. كما حذر من محاولات التدخل الإقليمي والدولي في الشأن الليبي.
عدم التعليق الرسمي
على الرغم من أن التقرير قد تم تداوله إعلامياً منذ بداية فبراير، فإن السلطات الرسمية في ليبيا تجاهلت حتى الآن الرد على الاتهامات المتعلقة بصدام حفتر. ومن جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن «أركينو» تخضع لسيطرة غير مباشرة من نجل حفتر، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس أركان القوات البرية لـ”الجيش الوطني». الشركة قد أبرمت عقوداً مع «المؤسسة الوطنية للنفط».
سبق لوكالة «رويترز» أن أصدرت تقريراً حول الشركة، حيث أكدت وجود بعض الإيرادات النفطية التي تتحول بعيداً عن مصرف ليبيا المركزي، استناداً إلى وثائق شحن وبيانات من مجموعة بورصات لندن وشركة «كبلر»، بينما تحدثت مؤسسة «ذا سينتري» عن وجود «شكوك كبيرة بشأن احتمالية وجود فساد» في هذا السياق.
إيرادات النفط وعلاقات التصدير
يُعتبر تصدير إيرادات النفط في ليبيا عملية متكاملة تبدأ من إيداع العائدات بالدولار في الحسابات الدولية، وصولاً إلى المصرف المركزي في طرابلس. الناشط الليبي المقيم في الخارج، حسام القماطي، اعترف بتطابق ما ورد في تقرير الأمم المتحدة مع معلومات سابقة، مشيراً إلى وثيقة تتعلق بشحنة نفط نفذتها «أركينو»، في حين لم تعتذر الجهات الرسمية في ليبيا عن هذا الأمر.
على صعيد الإنتاج، تبلغ ليبيا حالياً 1.4 مليون برميل يومياً، وقد صدرت «أركينو» 6 ملايين برميل بين مايو وسبتمبر 2024، محققة عائدات تُقدّر بـ463 مليون دولار أمريكي، وفقاً للتقرير الأممي.
ردود متباينة على الاتهامات
رد وزير الشؤون الاقتصادية السابق، سلامة الغويل، على الاتهامات الموجهة لـ”أركينو»، موضحاً أنها تعمل ضمن الإطار القانوني ولا تعتبر أداة لعمليات غير مشروعة. وأكد أن كافة عمليات تصدير النفط تتم عبر قنوات رسمية وبموجب اتفاقيات قانونية.
ويستبعد الغويل أن يكون «الجيش الوطني» الليبي ضالعاً في أي نشاطات غير قانونية، مشيراً إلى أنه يضمن عدم السيطرة على المنشآت النفطية من قبل جماعات إرهابية.
تساؤلات حول الأنشطة الاقتصادية
سلط التقرير الأممي الضوء على تعيين صدام حفتر في منصبه العسكري، مما أتاح له تعزيز السيطرة على العلاقات الاقتصادية مع الدول المجاورة. يثير ذلك تساؤلات حول كيفية تسجيل الشركة وفقاً لموافقات حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى ارتباط حفتر بها، في ظل الأوضاع السياسية المتقلبة.
من جانبه، يرى وكيل وزارة الخارجية السابق، حسن الصغير، أن ليبيا ليست استثناء من دول أخرى في المنطقة، حيث تم تأسيس شركات تعمل بشكل تابع لمؤسسات سيادية. ويعتبر أنه إذا كانت الأنشطة للاستثمار قد جاءت بهدف تعزيز القدرات المسلحة في البلاد، فإنها تُعد مسلكاً إيجابياً وقانونياً.
الوضع الاقتصادي والنفطي في ليبيا
على الرغم من كونها ثاني أكبر منتج للنفط في إفريقيا وعضواً في منظمة «أوبك»، أظهرت الأرقام الرسمية تراجع إيرادات ليبيا من النفط بنسبة تقارب 23%، لتصل إلى 76.7 مليار دينار (15.50 مليار دولار) مقارنةً بـ99.1 مليار دينار في عام 2023، حسب مصرف ليبيا المركزي.