الأحد 23 مارس 2025
spot_img

بعد 3 سنوات: انقلاب أميركي في موقف الحرب الأوكرانية

بعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الحرب في أوكرانيا، باتت المشاهد المؤلمة من الصراع تلقي بظلالها على أوروبا، مذكّرة الجميع بآلام الحروب السابقة. قتلى بالمئات الآلاف، وملايين النازحين، ومدن مدمّرة؛ مستعرضين مشاهد قاسية تذكر بحربين عالميتين خلفتا خسائر فادحة ودماراً واسعاً.

السنوات الثلاث الماضية شهدت معارك طاحنة، حيث أودت بحياة العديد من الجنود والمدنيين في كلا الجانبين. النزوح الداخلي والخارجي أثر بشكل كبير على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في أوكرانيا، بينما تحولت العديد من المدن إلى أنقاض وتعكس سمة دموية تعيد إلى الذاكرة أحداث الحرب العالمية الأولى.

تغيير المواقف الدولية

في الذكرى الثالثة للحرب، يلوح في الأفق تراجع المواقف التي اتخذتها الدول الكبرى. الولايات المتحدة تشهد تحولات في استراتيجيتها، مع محاولات من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لدعم المفاوضات مع موسكو. فقد بدأ ترمب في إجراء اتصالات مع روسيا، بعيداً عن حلفائه الأوروبيين، لتقديم مقاربة جديدة للصراع متمثلة في البحث عن حلول دبلوماسية.

على الرغم من التوقعات النظرية بإمكانية الوصول إلى حل للنزاع هذا العام، فإن الواقع يشير إلى غياب أي بوادر إيجابية حتى الآن. فالحكومة الأوكرانية، التي تشعر بالتهميش في عملية المفاوضات، تجد نفسها في مواجهات مسلحة متزايدة، في الوقت الذي يعبّر فيه الأوروبيون عن استيائهم من التنازلات التي تقدمها واشنطن لموسكو.

التصميم الأمريكي

ترمب يواصل فرض رؤيته لحل الأزمة من دون التطرق لضمانات أمنية تطالب بها أوكرانيا، مما يجعله في مواجهة تعقيدات الصراع. وقد يؤثر ذلك على استمرارية دعم بلاده لكييف، وقد تجد أوكرانيا نفسها مضطرة للاستمرار في القتال في حال تمسك ترمب بشروطه.

يدرك المسؤولون الأوكرانيون أهمية الدعم الأمريكي، لكن فكرة الهزيمة تبقى مؤلمة خاصة بعد التضحيات الجسيمة. الطلب على استمرار القتال يتزايد في ظل تصاعد تهديدات روسيا واستعدادها لتعزيز موقفها العسكري في المنطقة.

الجمود في الساحة

يوجد شعور عام بأن الحرب قد وصلت إلى حالة من الجمود، خاصة بعد التغيرات الأخيرة في المشهد الدولي. ورغم دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا في بداية النزاع، يبدو أن استراتيجيتها كانت تستهدف إطالة أمد الصراع لإضعاف روسيا بدلاً من الوصول إلى إنهاء سريع. وبالنتيجة، فقد ارتفعت التكلفة البشرية والاقتصادية لكلا الطرفين، مع وجود توازن في القوة العسكرية بسبب الاستنزاف المستمر.

الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لم يظهروا توجهاً قوياً نحو دعم أوكرانيا بما يكفي لحسم المعركة، وبرز عدم الارتياح في تزويد كييف بالأسلحة الضرورية، مما أعاق تقدمها العسكري. هذا الجمود يشير إلى تحول لا يحقق نتائج إيجابية للطرفين، ويعكس تعقيدات الحرب.

تغيرات عميقة في الساحة الدولية

الحرب في أوكرانيا غيرت فعلياً من طبيعة الصراعات على الساحة الدولية، وتسببت في إعادة النظر في الموقف الأمريكي. حيث يُسلط الضوء على شعار “أميركا أولاً”، ما أثر على السياسة الخارجية وأولويات الولايات المتحدة.

يُبرز ترمب انتقاده للمساعدات الأمريكية الواسعة لأوكرانيا، مشيراً إلى أن هذه المساعدات لم تؤد إلى نتائج ملموسة. سعيه لتعويض هذه الإنفاقات عبر الحصول على اتفاق يتعلق بالمعادن الثمينة يلاقي نقداً متزايداً ويرفع من وتيرة الضغوط على كييف لتقديم تنازلات.

المساعدات العسكرية والموارد الاقتصادية

على الرغم من الادعاءات، فإن البيانات الرسمية تشير إلى أن المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لم تصل إلى الأرقام التي يروجها ترمب. تقرير المفتش العام الأمريكي أوضح أن إجمالي المساعدات بلغ حوالي 183 مليار دولار، منها مخصصات ضخمة للصناعات العسكرية. تتعزز المخاوف من استمرار الصراع، مع عدم تحول المساعدات الاقتصادية والعسكرية إلى خطوات ملموسة على الأرض.

كما تُشير تقارير إلى أن قيمة المساعدات الغربية غير العسكرية لأوكرانيا بلغت حوالي 238.5 مليار دولار، مما يعكس حجم الدعم الدولي رغم كل التعقيدات التي تواجهها كييف.

الوضع الأوروبي

ترمب يشدد على أن حماية أوروبا كانت على حساب الولايات المتحدة، ويتوجه نحو جعل حلفائه الأوروپيين أكثر استقلالية في مجال الدفاع. مع تغير الاستراتيجية الأمريكية، تُواجه الدول الأوروبية تحدياً في كيفية تعزيز أمنها العسكري في ظل تزايد التهديدات الروسية.

تحذيرات المسؤولين الأوروبيين مرتفعة، حيث يشعرون بأنهم في مواجهة حالة من عدم اليقين حول التحالفات التقليدية. بينما تتزايد المخاوف من أن الولايات المتحدة قد تقلل من دعمها لهم، في خطوة قد تؤدي لتعزيز الحاجة الأوروبية للاستعداد لمواجهة التحديات بمفردها.

اقرأ أيضا

اخترنا لك