في خطوة غير مسبوقة تعكس التغييرات الجذرية في السياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أقدمت واشنطن على فتح قنوات الحوار مع بيلاروسيا. حيث زار كريستوفر سميث، نائب مساعد وزير الخارجية، العاصمة البيلاروسية مينسك، لتنظيم اجتماع مع الرئيس ألكسندر لوكاشينكو الذي يعتبر “المكروه” من الغرب، مما يفتح آفاق جديدة للعلاقات بين الجانبين.
اجتماع تاريخي
يُعد هذا الاجتماع الأول من نوعه للوكاشينكو مع مسؤول رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأمريكية منذ خمس سنوات. ويعكس التطور مساعي لتجاوز العلاقات المتجمدة بين واشنطن وأحد أقرب حلفاء موسكو، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى تأثير هذه التغييرات على الديناميكيات السياسية المتقلبة في المنطقة.
السلام والتفاهم كانا محور الحديث خلال الزيارة، إذ أسفرت المحادثات عن إطلاق سراح ثلاثة سجناء، بينهم أمريكي وسجينان سياسيان بيلاروسيان. هذا التقدم قد يدل على تحولات جديدة في سياسة عزل القادة الذين يتبنون سياسات قمعية.
تسابق الأفكار
سميث وصف إطلاق سراح السجناء بأنه “فوز كبير” ضمن أجندة الرئيس ترامب للسلام من خلال القوة. وفي تجمع دبلوماسي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس، ذكر سميث أن الخطوة التالية قد تشمل صفقة محتملة يتعهد بموجبها لوكاشينكو بالإفراج عن مجموعة من السجناء السياسيين، بالتوازي مع تخفيف العقوبات الاقتصادية المفروضة على بلاده.
ولفت الأنظار إلى أن لوكاشينكو أطلق فعلا سراح أكثر من 200 سجين سياسي في الأشهر الأخيرة، لكن هناك قلق من أن الاعتقالات ما زالت مستمرة، ما يعكس التعقيدات السياسية داخل بيلاروسيا.
تأثيرات استراتيجية
بحسب الدبلوماسيين، فإن الهدف من هذه السياسة الأمريكية ليس فقط تحرير المزيد من السجناء، بل منح لوكاشينكو “المساحة للتنفس” بعيداً عن النفوذ الروسي. وهذا ما أكد عليه بيوتر كراوزيك، رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية البولندي السابق، الذي ألمح إلى أن هذه الخطوة تعبر عن استراتيجية أمريكية أوسع لمواجهة النفوذ الروسي.
في ضوء المكالمة الودية بين ترامب وبوتين، تزايدت التوقعات بإمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، رغم أن العديد من القضايا ما زالت بحاجة إلى تسوية.
السعي لنقل الأسرى
برز دور السعودية كوسيط مهم في ملف تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، حيث تمت مناقشة وضع الأسرى السياسيين في سياق المفاوضات. وقد شاركت منظمات حقوق الإنسان في دعوات لإدراج قضية الأسرى ضمن أولويات المفاوضات.
تشير التقارير إلى أن روسيا تحتجز ما يقرب من 1500 سجين سياسي، مما يشكل تحدياً كبيراً للمجتمع الدولي في ظل التغيرات الحاصلة. وليس من المتوقع أن يكون هناك تحسن كبير في الوضع، ما لم تُبدِ الأطراف استجابة فعالة للمطالب.
الأهداف الاقتصادية
بينما يصر ترامب على إنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً، تبقى مواقفه بشأن القضايا الاستراتيجية غير واضحة. هناك اهتمام كبير بالمعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا، مع تقارير تشير إلى رغبة ترامب في السيطرة على نسبة لا تقل عن 50% من هذه المعادن.
تواصل إدارة ترامب البحث عن صفقات لتأمين شراكات اقتصادية مستقبلية، حيث صرح ترامب بأن الولايات المتحدة تتطلع لتنفيذ صفقة تضمن حصول أوكرانيا على الدعم العسكري مقابل تقديم المعادن. ويبدو أن هذه المفاوضات قد تأخذ اهتماماً خاصاً مع مشاركة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في هذه المحادثات الحاسمة.