الأحد 23 مارس 2025
spot_img

انتهاء مهلة انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان

انتهت في فجر الثلاثاء المهلة الممنوحة لإسرائيل للانسحاب من جنوب لبنان، في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار تمّ التوصل إليه مع حزب الله، وذلك بعد ساعات من تأكيد الجيش الإسرائيلي استمراره في تواجد قواته عند خمس نقاط استراتيجية على الحدود.

انسحاب القوات الإسرائيلية

وقبيل انتهاء المهلة، أعلن مسؤول أمني لبناني لوكالة الصحافة الفرنسية أن القوات الإسرائيلية بدأت ليل الإثنين في الانسحاب من بعض القرى الحدودية، مع تقدم الجيش اللبناني للانتشار فيها. وأكد المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن “القوات الإسرائيلية بدأت بالانسحاب من مناطق حدودية مثل ميس الجبل وبليدا”.

كانت المواجهات بين إسرائيل وحزب الله قد بدأت في الثامن من أكتوبر 2023، عقب قصف لحزب الله استهدف مواقع إسرائيلية دعماً لحركة حماس في غزة، ومع مرور الوقت تصاعدت الأعمال القتالية لتتحول إلى مواجهة مفتوحة أدت إلى تدمير واسع في مناطق عدة بجنوب لبنان وشرق البلاد، إضافة إلى ضاحية بيروت الجنوبية. وقدّرت السلطات كلفة إعادة الإعمار بأكثر من عشرة مليارات دولار.

معاناة النازحين

رغم الدمار الكبير وغياب مقومات الحياة الأساسية، يتطلع النازحون للعودة إلى بلداتهم الحدودية لمعاينة ممتلكاتهم وانتشال جثث ذويهم المقيدين بمناطق الحروب، حيث منعت القوات الإسرائيلية عودتهم خلال الأشهر الماضية. ولا يزال نحو مئة ألف لبناني من بين أكثر من مليون نازح، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.

من بين هؤلاء النازحين، فاطمة شقير، ربّة المنزل التي فرّت من بلدة ميس الجبل قبل عام ونصف. تقول شقير: “اشتقت للجلوس أمام باب منزلي مع فنجان القهوة قرب الورود”، مشيرة إلى شوقها للجيران والمكان. وعلى الرغم من الدمار الذي حل بمنازلها، تعتزم العودة مع عائلتها في ساعات الصباح الأولى، معبرة عن شعورها بالفرح رغم الخسائر.

دعوات للتريث

دعت بلديات عدة، بما في ذلك بلدية ميس الجبل، الأهالي للتريث في العودة إلى مناطقهم بانتظار انتشار الجيش اللبناني وعمل المراجع المختصة على فتح الطرقات لتوفير دخول آمن. تبقى ميس الجبل واحدة من القرى التي احتفظت فيها إسرائيل بقواتها منذ بدء التوغل في أواخر سبتمبر، بينما انسحبت تدريجياً من غالبية القرى الأخرى.

مذّ بدأ سريان وقف إطلاق النار منذ 27 نوفمبر، والذي أُبرم بوساطة أميركية ورعاية فرنسية، كان من المفترض أن تنسحب بموجبه القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان خلال ستين يوماً، لكن موعد الانسحاب تمّ تمديده حتى 18 فبراير. ووفق تصريح الجيش الإسرائيلي، سيبقى “وجود محدود لقواتنا منتشرة مؤقتاً في خمس نقاط استراتيجية على الحدود”، قائلين إن ذلك مرتبط بالحفاظ على الأمن ضد حزب الله.

أزمة في لبنان

هذا القرار الإسرائيلي وُجد ليضع الحكومة اللبنانية في مأزق بخصوص موقف حزب الله، الذي كان قد حمّلها قبل يومين مسؤولية تحقيق انسحاب القوات الإسرائيلية. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد أكد الأسبوع الماضي ضرورة “نزع سلاح حزب الله”، معبراً عن رغبة إسرائيل في أن يتولى الجيش اللبناني هذه المهمة.

وفي ظل الجدل المحتدم حول سلاح حزب الله، أكدت الحكومة اللبنانية التزامها بتحرير جميع أراضي لبنان واحتكار الدولة للسلطة العسكرية في البلاد.

الضربات الجوية والتبعات الإنسانية

منذ بدء سريان وقف إطلاق النار، نفذت إسرائيل ضربات جوية وعمليات نسف طالما منازل في القرى الحدودية، مما أسفر عن مقتل أكثر من ستين شخصاً، بينهم نحو 24 في تاريخ 26 يناير، وهو الموعد الأول المقرر لتنفيذ وقف النار أثناء محاولتهم العودة إلى منازلهم.

منذ بداية النزاع بين حزب الله وإسرائيل في أكتوبر، أحصت السلطات مقتل أكثر من أربعة آلاف شخص جراء الاشتباكات. بينهم 78 شخصاً في إسرائيل، بينهم جنود، بينما سقط 56 جندياً آخر في جنوب لبنان خلال الهجوم البري.

استنكار دولي

عبر خبراء الأمم المتحدة في بيان الأسبوع الماضي عن استيائهم من استمرار قتل المدنيين والتدمير المنهجي للمنازل والأراضي الزراعية والبنية التحتية الحيوية في جنوب لبنان، خلال فترة وقف إطلاق النار. وشددت منظمة هيومن رايتس ووتش على أن “تعمّد إسرائيل هدم منازل المدنيين والبنية التحتية يجعل من المستحيل على الكثيرين العودة إلى قراهم”.

في وقت تلوح فيه أزمة إنسانية عميقة، تساءلت المنظمة عن كيفية عودة السكان في ظل غياب المياه والكهرباء والاتصالات والبنية التحتية الصحية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك