الأحد 23 مارس 2025
spot_img

الكشف عن مفاوضات عربية روسية لإنتاج مشترك للمقاتلات الشبحية.. “سو-57” أم “سو-75″؟

في معرض الدفاع الدولي “آيدكس” الذي أُقيم مؤخرًا في أبوظبي، أعلن ممثل شركة “روس أوبورون إكسبورت” الروسية عن قيام الشركة بإجراء مفاوضات مع دول عربية من أجل إنتاج مشترك لطائرات مقاتلة من الجيل الخامس.

توسيع التعاون العسكري

تأتي هذه التصريحات وسط أجواء المعرض الدفاعي الذي أقيم في الإمارات العربية المتحدة، ما يعكس رغبة موسكو في تعزيز روابطها في مجال الطيران الحربي بالمنطقة العربية التي تتصدر فيها الشركات الغربية.

ومع متابعة سوق الأسلحة العالمي عن كثب، فإن إمكانية إقامة مثل هذه الشراكات تُبرز طموح روسيا في تكثيف وجودها في منطقة الخليج، حيث يحظى تحديث الجيش والاستقلال التكنولوجي بأهمية متزايدة.

غموض في التفاصيل

ورغم ذلك، لم يحدد الممثل أي تفاصيل حول أي من طائرات الجيل الخامس الروسية – السو-57 أو السو-75 – المتعلقة بالمفاوضات مع الشركاء المحتملين. تعد السو-57، التي هي قيد الخدمة المحدودة بالفعل مع القوات الجوية الروسية، طائرة تتمتع بقدرات خفية وقدرة على الطيران الفائق السرعة، بينما السو-75، المعروفة باسم “شيك ميت”، تظل نموذجًا أخف وزنًا وأكثر تكلفة يُسوق بشكل كبير للأسواق الخارجية.

هذا الغموض يترك مجالًا للتساؤلات حول ما إذا كانت “روس أوبورون إكسبورت” تعرض منتجًا شبه نهائي أو مشروعًا تعاونياً لا يزال في مراحله الأولى، وهو تساؤل قد يؤثر على نطاق وجاذبية هذه المفاوضات.

تركيز على الشراكات التكنولوجية

تروج “روس أوبورون إكسبورت” بنشاط لطائرة “شيك ميت” من الجيل الخامس في الأسواق الشرق أوسطية، حيث تقدمها كمنصة ملائمة للشراكة التكنولوجية. نقلت وكالة “ريا نوفوستي” للأنباء في 21 فبراير 2025 تصريحات المدير العام للشركة، ألكسندر ميخيف، التي أكد فيها أهمية التعاون المشترك.

قال ميخيف: “خلال المشاورات، نناقش فرص التعاون في تطوير الأنظمة المتقدمة والأنظمة الإلكترونية والأسلحة الجوية الأجنبية”. وقد أشار إلى أن هذه المحادثات تشمل دولًا تسعى إلى الاستقلال الصناعي، حيث تركز المناقشات على تصميم وخصائص طائرة مقاتلة قد تسهم هذه الدول في إنشائها.

العوامل المعقدة للمفاوضات

تبدو الفكرة واضحة: مقاتلة قابلة للتخصيص حسب الاحتياجات الإقليمية، يتم بناؤها بمشاركة محلية، ومحتملة التخلي عن القيود الجيوسياسية المرتبطة بالبدائل الأمريكية أو الأوروبية.

فكرة المشاركة الخليجية في مشاريع الفضاء الجوي الروسي ليست جديدة، حيث جرت شائعات في السابق عن استكشاف دولة الإمارات، رغم تقارير تشير إلى السعودية، لمشروع السو-75، قبل أن تتراجع عن ذلك. وقد أظهرت تقارير عام 2021 اهتمامًا إماراتيًا أوليًا، مستندًا إلى عرض نموذج “شيك ميت” في معرض دبي للطيران.

التحديات والمخاوف الغربية

لكن بحلول عام 2022، تدهورت تلك الحماسة، مما أُشير إليه أنه ناتج عن الضغوط الغربية والعقوبات التي فرضت على روسيا بسبب الصراع في أوكرانيا، بالإضافة إلى إعادة تقييم أولويات الحصول على الطائرات الأمريكية من طراز F-35. وأدى هذا الانسحاب إلى نقص التمويل لتطوير السو-75، مما يبرز التحديات التي تواجه موسكو في جذب الشركاء الذين يتحلون بالحذر من تداعيات السياسة الجيوسياسية.

صمت الدول العربية

على الرغم من الضجة التي تحيط بادعاءات “روس أوبورون إكسبورت”، تظل هناك نقطة حرجة في السرد: تلك الادعاءات تأتي من الجانب الروسي فقط. حتى الآن، لم تؤكد أي دولة عربية وجود مفاوضات حول إنتاج مشترك لطائرات مقاتلة من الجيل الخامس، ناهيك عن الالتزام بهذا المشروع.

إن الصمت من عواصم مثل الرياض وأبوظبي أو الدوحة يعكس شيئًا ما. ففي منطقة تُعتبر فيها الصفقات الدفاعية بمثابة بيانات دبلوماسية، يثير غياب التأكيد تساؤلات حول عمق – أو حتى حقيقة – هذه المفاوضات.

المسيرة السابقة في بيع الطائرات

مع ذلك، تقدم خلفية روسيا في بيع الطائرات القتالية إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بعض السياق لجهودها الحديثة. فعلى سبيل المثال، إيران سعت مؤخرًا إلى اقتناء السو-35، وهي طائرة مقاتلة متعددة الأدوار من الجيل الرابع، تعد ترقية كبيرة لجيشها الجوي القديم.

أُشير إلى تقارير حول صفقة محتملة في عام 2022، مع شائعات عن بدء تسليمها في عام 2023 على الرغم من العقوبات التي تخنق كلا البلدين. تكمن جاذبية السو-35 بالنسبة لإيران في رادارها المتقدم ومحركات الدفع المتغيرة وقدرتها على حمل حمولات ثقيلة، وهي قدرات يمكن أن تؤثر على التوازن الإقليمي ضد خصوم مثل إسرائيل أو السعودية.

صفقات محتملة في الأفق

وعلى الجانب الآخر، تُعتبر الجزائر الزبون المحتمل الأول للطائرة السو-57. فهي عميل طويل الأمد للمعدات الروسية، وقد بنت سلاح الجو لديها حول تصميمات سوفيتية وما بعد سوفيتية. تزايدت التكهنات حول اهتمام الجزائر بطلب السو-57 في عام 2020 عندما ألمحت وسائل الإعلام الدفاعية الروسية إلى عقد، لكن لم يتم الإعلان رسمياً عن أي شيء بحلول فبراير 2025.

إذا كان هذا صحيحًا، فإن الصفقة ستشكل إنجازًا للسو-57، التي عانت من الحصول على الانتشار الخارجي بعد انتشارها المحدود في الداخل. ويعود اهتمام الجزائر إلى حاجتها لمواجهة أسطول F-16 المتنامي في المغرب وتعزيز نفوذها في منطقة المغرب، حيث تُعتبر الأسلحة الروسية أداة جيوسياسية قوية.

تحديات أمام الطموحات الروسية

تمثل هذه الأمثلة – اقتراب إيران من السو-35 واهتمام الجزائر المحتمل بالسفن-57 – الخيوط الأكثر وضوحًا في قماش روسيا الأخير لتصدير الطائرات المقاتلة. وهي ليست شراكات افتراضية، بل صفقات تمتلك على الأقل بعض الأسس في التسريبات أو الظهور العلني أو الإشارات الرسمية.

ومع ذلك، تختلف هذه الصفقات جملةً وتفصيلاً عن الرؤية الكبرى التي تعرضها “روس أوبورون إكسبورت” حاليًا في الخليج. إذ إن إيران والجزائر هما زبائن راسخين يشترون منتجات جاهزة، وليس مطورين يساهمون في تشكيل تقنيات الجيل القادم. تعتبر صفقات السو-35 والسو-57، إذا أُبرمت، ذات طابع معاملة، وليست تحولا جذريًا.

آفاق التعاون في المستقبل

على النقيض من ذلك، فإن الاقتراحات بشأن التعاون العربي في السو-75 أو السو-57 تتعهد بالانتقال إلى الإنتاج المشترك، وهو قفز غير مؤكدة لروسيا، حيث يبدو أكثر كطموح روسي من كونه حقيقة إقليمية. حتى الآن، تبقى جهود روسيا في الخليج رواية من جانب واحد، تُحد لحظاتها في أروقة “آيدكس” وصفحات “ريا نوفوستي”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك