صوّت البرلمان العراقي مؤخرًا على تمديد ولاية مفوضية الانتخابات، مما دفع القوى السياسية إلى إعادة تقييم استراتيجياتها استعدادًا للاستحقاق الانتخابي المزمع في عام 2025.
تعديل الخطط الانتخابية
قبل اتخاذ قرار التمديد، كانت بعض القوى السياسية تسعى لإجراء انتخابات مبكرة، غير أن الخطط الحالية تشير إلى تحولها نحو تعديل قانون الانتخابات. وقد اتخذ هذا القرار في أعقاب محادثات مكثفة حول إمكانية التحضير للتغيير.
وفي هذا السياق، دعا رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، في العام الماضي إلى إجراء انتخابات مبكرة، لكن تلك الدعوات لم تلق استجابة من الأحزاب الأخرى، بما فيها “التيار الصدري” الذي يقوده مقتدى الصدر. ورغم عدم اتخاذ الصدر قرار المشاركة بعد، إلا أنه غيّر اسم التيار إلى “الوطني الشيعي”، مما قد يشير إلى استعداده للعودة للعملية السياسية.
ضغط لتغيير القانون
بعد الفشل في إقناع الأحزاب بجدوى الانتخابات المبكرة، تحول المالكي نحو الضغط لتعديل القانون الانتخابي بهدف تقليص فرص رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي تشير التوقعات إلى دخوله الانتخابات مستفيدًا من منصبه الحالي وتطلعاته لتحالف مع قوى سنية وكردية.
ووفق مصادر سياسية، يعمل فريق يقوده المالكي على ضمان تعديل قانون الانتخابات، ولكنه يواجه تحديات في الحصول على الضمانات اللازمة لإجراء تعديلات قد تلزم السوداني بمغادرة منصبه قبل ستة أشهر من موعد الاقتراع. هذه الخطط تعكس عمق الأزمة السياسية وتحديات تشكيل الحكومة المقبلة.
دعوة مثيرة للجدل
تجري حوارات مكثفة بين القوى السياسية للبحث عن صيغة مقبولة لإجراء الانتخابات. وقد أثارت دعوة النائب عامر عبد الجبار لتشريع قانون يقدم مكافآت للمشاركين في الانتخابات جدلاً واسعًا، واعتبرها مراقبون بمثابة “رشوة انتخابية”، مما يفتح الباب للتساؤلات حول الفساد السياسي.
تعد مقاطعة الدورات الانتخابية السابقة أيديًا بارزة تواجهها الطبقة السياسية العراقية، حيث تعكس عدم قدرتها على تغيير قناعات المواطنين للمشاركة في الانتخابات، إذ لم تتجاوز معدلات المشاركة 30 بالمئة، مما يعني أن 70 بالمئة من العراقيين لم يشاركوا في العملية الانتخابية.
إرباك الناخبين
وفي تحليل قانوني، اعتبر الخبير علي التميمي أن تعديل القانون قد يسبب إرباكًا للناخبين والأحزاب السياسية المشاركة. وقال التميمي في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إن التعديلات المتكررة على القانون غير صحية، حيث أن الاحزاب والقوائم قد رتبت أوضاعها بناءً على النظام السابق.
وقال التميمي أيضًا إن التعديلات المقترحة تستهدف مصلحة بعض الأحزاب على حساب المصلحة العامة للجمهور. ومع أن الانتخابات البرلمانية ما زالت بعيدة عن الموعد المحدد، إلا أن التحضيرات لها بدأت بالفعل من خلال محاولات تغيير القانون لصالح أطراف معينة.
تحديات إدارية وإقليمية
يرى الكثير من المراقبين أن هناك إجراءات إدارية في المحافظات مرتبطة بأجواء التنافس الانتخابي، كما يُظهر الصراع في كركوك حول انتخاب المحافظ ومدى شرعية الإجراءات المتخذة بهذا الخصوص. وتشير هذه المشكلات إلى صراعات مستمرة حتى في مفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان.
وفي إطار غير تقليدي، خرج السفير البريطاني لدى العراق، ستيفن هيتش، عن النص البروتوكولي أثناء حديثه مع الطبقة السياسية، حيث اتهمها بالمماطلة في المفاوضات السياسية بعد الانتخابات. وأوضح هيتش أن التصرفات السياسية الحالية قد تضر بسمعة العراق إذا تكررت تجربة المفاوضات الطويلة التي أدت إلى تشكيل الحكومة الحالية برئاسة السوداني قبل عامين.
جاءت تصريحاته خلال جلسة مناقشة على هامش مؤتمر “العراق للطاقة” في بغداد، حيث أشار إلى تحسن البيئة الأمنية والنشاط الاستثماري، لكنه أوضح أن السلوك السياسي يحتاج إلى مراعاة الوقت أثناء المفاوضات المتعلقة بتكوين الحكومات.