في خطوة تعكس الضغوط الدولية المتزايدة، أعلنت الجماعة الحوثية عن الإفراج عن طاقم السفينة “غالاكسي ليدر”، مشيرةً إلى أن عملية الإفراج تمت بالتنسيق مع حركة “حماس” وتسليمهم إلى سلطنة عمان التي قامت بدور الوساطة. لكن مصادر يمنية أفادت لصحيفة “الشرق الأوسط” أن هذه الخطوة جاءت في إطار محاولات الجماعة لتفادي تصنيفها كمنظمة إرهابية في القرار الأمريكي.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد أصدر أمراً، الأربعاء، بتصنيف الجماعة الحوثية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، استناداً إلى أنشطتها التي تهدد أمن المدنيين والعسكريين الأمريكيين في المنطقة وزعزعة استقرار التجارة البحرية العالمية.
استراتيجية الحوثيين
يرى فياض النعمان، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، أن خطوة الحوثيين تعكس محاولة للتفاوض مع القوى الإقليمية لتفادي القرار الأمريكي وتعزيز صورة الجماعة أمام أنصارها. وأوضح أن الجماعة سعت لإظهار إبداء حسن النوايا بعد التغيرات الجذرية التي طرأت على السياسة الأمريكية مع تولي ترمب الحكم.
وأضاف النعمان أن الحوثيين حاولوا الحفاظ على صورتهم، بادعاء أن الإفراج كان نتيجة اتفاق مع حركة “حماس”، في حين أن تصريحات وزير الخارجية العماني كشفت زيف تلك الادعاءات.
تأثير الضغوط العمانية
كشف مصدر مطلع في صنعاء أن سلطنة عمان ضغطت بشدة على الحوثيين لإلزامهم بإطلاق سراح الطاقم دون أي شروط. وأشار إلى أن العمانيين كانوا يسعون إلى إثبات عدم قبولهم للممارسات الحوثية.
كما استعرض المصدر عدم إشارة الخارجية العمانية إلى دور الحوثيين في عملية الإفراج، مما يعكس جلياً حالة العزلة التي تعيشها الجماعة بسبب ممارساتها. وأكد وزير الخارجية العماني بدر البورسعيدي أن طاقم السفينة، المكون من 25 بحاراً، وصل سالمين إلى مسقط.
مخاطر الارتباك الحوثي
وقد تمر الجماعة الحوثية بفترة من الارتباك في المستقبل القريب، حيث قد تضطر إلى تصعيد أنشطتها في البحر الأحمر نتيجة الضغوط المتزايدة. ولفت المصدر إلى أن نجاح الهدنة في غزة قد يؤثر سلباً على مبررات الحوثيين في التصعيد.
وشدد المصدر على ضرورة عودة الجماعة للتفاوض وتقديم التنازلات، إلا أنه أشار إلى أن إدارة ترمب لا تفضل التعامل معهم، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على العلاقات الإقليمية والدولية في الفترة القادمة.
ردود فعل متعددة
رحب وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، بقرار ترمب بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، مشدداً على أن الجماعة تشكل تهديداً ليس فقط لإسرائيل بل للمنطقة والعالم بأسره.
من جانبه، أشار الباحث عبد القادر الخراز إلى أن توقيت القرار الأمريكي كان مدروساً، حيث تم الإعداد له منذ بداية إدارة ترمب وتأجيله حتى تأمين الإفراج عن الطاقم. ورجح أن المساعي الإقليمية كانت تهدف لتخفيف الضغوط عن الحوثيين، لكن تلك الفرصة تبدو بعيدة في ظل موقف الإدارة الأمريكية الحالي.
مبادرات دولية
في السياق ذاته، أبدى المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، ترحيبه بعملية الإفراج، واصفاً القرار بأنه خطوة إيجابية. وأكد على ضرورة استمرار الحوثيين في اتخاذ خطوات لتعزيز الحلول السلمية خلال الفترة القادمة.
وقدم غروندبرغ الشكر لسلطنة عمان على جهودها الحثيثة والمستمرة في تأمين الإفراج عن الطاقم، داعياً الحوثيين إلى إنهاء اعتداءاتهم البحرية وإعادة تنشيط العملية السياسية المتوقفة في اليمن.