تواجه الكنيسة الكاثوليكية تحديًا غير مسبوق مع اقتراب موعد انتخاب خليفة للبابا فرنسيس، الذي أحدث تغييرات جذرية في المفاهيم التقليدية داخل المؤسسة. يترقب 133 كاردينالًا هذا الحدث التاريخي، حيث يعتزمون التداول في الأسماء والخصائص المناسبة للقيادة الكنسية في قاعة «البابا سيكستو السادس» يوم الأربعاء المقبل.
اجتماع الكرادلة
ستغلق أبواب القاعة المهيبة أمام الكرادلة، الذين سيحجرون على أنفسهم حتى اختيار “حبًرا أعظم” يدير الكنيسة في ظل تراجع عدد أتباعها في معظم أنحاء العالم، باستثناء القارة الآسيوية. التحديات التي تواجه الكنيسة تتطلب توافقًا بين الآراء المختلفة، خاصة في ضوء التباين الكبير في المواقف داخل المجمع.
يواجه الكرادلة أسئلة مصيرية تنقسم حول ثلاثة محاور رئيسية: الأول يسعى إلى استكمال الإصلاحات التي بدأها فرنسيس، بينما الثاني يتزايد قلقه من الانحراف عن التقاليد، والثالث يحاول الحفاظ على توازن داخلي لمنع الانقسام المحتمل.
مواقف متباينة
على الرغم من أن البابا فرنسيس أكد على عدم تصنيفه كزعيم سياسي، إلا أن مواقفه في مجال حقوق المهاجرين والبيئة وضعت الكنيسة في مواجهة مع قوى اليمين. لقد انتقد سياسات ترامب للهجرة في وقت حساس، مما زاد من شعبيته بين الكاثوليك وغير المؤمنين. ومع ذلك، فإن توجهاته أثارت ردود فعل قوية من معسكر المحافظين.
تتزايد الضغوط على المجمع، حيث تسعى العواصم الكبرى للتأثير على نتائج التصويت المرتقب. مع وجود 133 كاردينالًا، يتوقع أن تتجاوز جولات الاقتراع السابقة بسبب نزاعات داخلية تحتاج إلى فرز دقيق. ودعت الاجتماعات التمهيدية إلى ضرورة توضيح الرؤية المستقبلية للكنيسة لتجنب إطالة أمد الانتخابات.
انتقادات متزايدة
تتضارب التوقعات بشأن هوية البابا الجديد، ولا تزال هناك تكهنات بشأن تأثير مشاعر الدعم والإحجام بين الكرادلة. يقول الكاردينال الألماني راينهارد ماركس إنه لا يتوقع عددًا كبيرًا من الجولات الانتخابية، لكنه يؤكد الحاجة إلى الحفاظ على المسار الذي بدأه فرنسيس. في المقابل، يواصل التيار المحافظ انتقاد البابا الراحل، مبدين قلقهم من أن مواقفه تبعدهم عن تقاليد الكنيسة.
يتقارب موقف الكرادلة المتشددين من جهة مع حذّر الوزاريين المعتدلين، حيث تؤكد النتائج الأولية عدم قدرة أي من الطرفين على حسم الأمر بسهولة. يتطلب ذلك اختيار مرشح قادر على تحقيق توازن بين الأطراف المختلفة.
تحديات داخلية
لا يقتصر الأمر على الانقسامات الداخلية، بل يمتد إلى النظام الاقتصادي أيضًا. فإن تعقيدات الاستحقاق الانتخابي تهدد بتعميق الفجوات بين الكرادلة الذين يمثلون بلدانًا مختلفة. عدد الكرادلة الأوروبيين تراجع بشكل ملحوظ في المجمع، ما يعكس التوجه الجديد الذي فرضه البابا فرنسيس لتعزيز دور البلدان الفقيرة.
يتمثل المرشح الوسطى المحتمل في وزير خارجية الفاتيكان بيترو بارولين، لكن يبدو أن نزاعات القوى السياسية تؤثر على حظوظه. إن الصراعات الجارية تضع الباب أمام الكنيسة والمجمع لتحديد وجهتها المستقبلية، سواء بمواصلة السير على خطى فرنسيس أو العمل على تصحيح المسار.
أطول مجمع وأقصره
مع وجود مخاوف من امتداد المداولات، يتذكر البعض الفترة الأطول للمجمع البابوي التي استمرت نحو ثلاث سنوات في العصر الوسيط. تتبادر إلى الذهن أيضًا الفترة الأقل زمنًا لمجمع عام 1503، حيث تجسد الفارق بين مشهد مزدحم بالرهانات المعقدة والمفاوضات الشائكة في الأوقات الراهنة.