شهدت العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة الأميركية تطورًا ملحوظًا عبر العقود، مع ارتفاعات وانخفاضات مرتبطة بقضايا المنطقة ومواقف كلا البلدين. فقد تأرجحت هذه العلاقات بين قطعها في الستينات، واستئنافها في السبعينات والثمانينات، دون تغييرات جذرية في التسعينات، وصولًا إلى الألفية الجديدة وتباين المواقف، خصوصًا في ملف حقوق الإنسان ومؤخراً في موضوع “التهجير”.
زيارة لتعزيز العلاقات
تسعى مصر لتعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة من خلال زيارة بدأها وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، يوم الأحد، حيث من المقرر أن يلتقي بعدد من كبار المسؤولين وأعضاء الكونغرس الأمريكي.
في تصريحات لـ”الشرق الأوسط”، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، أن “الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة متجذرة وتمتد لأربعة عقود، حيث تعتمد على تفاعل نشط وبنّاء بين مؤسسات البلدين. كما تشمل التعاون في مجالات عدة من عسكرية وأمنية إلى اقتصادية وتعليمية وصحية، مما يحقق منفعة للطرفين.”
استقرار الشراكة الاستراتيجية
وحول مستقبل الشراكة، وفي ظل وجود تباينات بين البلدين، أوضح خلاف أن “الشراكة الاستراتيجية تظل ثابتة ومستقرة بفضل تشعبها في مجالات متعددة تحقق المصالح المشتركة.”
وأضاف: “نسعى مع الجانب الأمريكي إلى توطيد مستقبل هذه الشراكة، حيث تعتبر زيارة وزير الخارجية المصري إلى واشنطن مؤشرًا على قوة واستمرارية الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والحرص المشترك على تعزيز مصالحنا وتبادل الرؤى والتقييمات بصورة مستمرة.”
اختلافات طبيعية
ووفقاً للمتحدث باسم وزارة الخارجية، فإن “وجود اختلافات في وجهات النظر حول قضايا معينة هو أمر طبيعي في العلاقات الدولية، حتى بين الدول الصديقة، ويتم التعامل مع هذه الاختلافات بشفافية تامة.”
عانت العلاقة المصرية – الأميركية من “طابع الاختلاف والصراع” خلال عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، حيث بلغ ذروته بقطع العلاقات عقب حرب عام 1967. ومع ذلك، شهدت تلك الفترة أيضًا لحظات من التعاون، خاصة في دور الولايات المتحدة أثناء مفاوضات الجلاء المصري – البريطاني.
علاقات ودية في السبعينات
على النقيض، تطورت العلاقات بشكل ملحوظ خلال عهد الرئيس الأسبق أنور السادات الذي استأنف العلاقات في مارس 1974 بعد زيارة الرئيس ريتشارد نيكسون للقاهرة. وقد بلغ التعاون ذروته بعد توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل عام 1979، حيث قدمت واشنطن لمصر مساعدات عسكرية سنوية تقدر بنحو 1.3 مليار دولار.
وعلى الرغم من تحسن العلاقات، إلا أنها ظلت مُتفاوتة. ففي عام 2007، تم تجميد 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية بسبب الأنفاق في غزة، بينما شهدت العلاقات انتعاشًا في يونيو 2009 مع خطاب الرئيس باراك أوباما للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة.
تحديات مستمرة
شابت العلاقات أيضًا أزمات، خاصة خلال أحداث 25 يناير 2011، عندما طالبت إدارة أوباما مبارك بالتنحي عن الحكم. ورغم الزيارات المتبادلة، كانت بعض الملفات الشائكة، مثل حقوق الإنسان، حاضرة دوماً، حيث حجبت إدارة بايدن جزءًا من المساعدات في 2021 و2022 قبل إعادة تخصيصها في عام 2024.
وقد أشار السفير محمد العرابي، رئيس “المجلس المصري للشؤون الخارجية”، إلى أن العلاقات كانت دائمًا في حالة من الصعود والهبوط، مشددًا على أن “العلاقات الأمريكية – المصرية توصف بالمعقدة، ولكن من الممكن التغلب على التباينات الحاصلة.”
أهمية القضية الفلسطينية
ويرى المحلل السياسي الأميركي، نبيل ميخائيل، أن العلاقات المصرية – الأمريكية، رغم تباين المواقف حول القضايا مثل غزة، تظل دائمًا قائمة، مما يشير إلى أن الشراكة ستستمر، خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية المتغيرة.
وفي ضوء زيارة وزير الخارجية المصري الحالية، يتوقع الكثيرون أن تسعى مصر لتحقيق تقدم في العلاقات، مع التركيز على “حل الدولتين” كحلّ مشروع، مدعوم عربيًا ودوليًا، مما يعزز من موقف الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.