الأربعاء 5 فبراير 2025
spot_img

العقوبات الدولية تعرقل إعادة إعمار سوريا بعد الحرب

تواجه سوريا تحديات كبيرة في إعادة بناء اقتصادها المدمّر نتيجة الحرب، مع استمرار تأثير العقوبات الدولية المفروضة عليها. يأتي ذلك في وقت يسعى فيه السوريون لكتابة فصل جديد من تاريخ بلادهم بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر الماضي.

على مدار أكثر من عقد، كانت سوريا ساحة للاحتجاجات المسلحة والفوضى، والآن تواجه واقعًا جديدًا وسط تساؤلات حول قدرة الإدارة الجديدة على تجاوز العقبات التي خلفها النزاع والعقوبات.

بينما يأمل المواطنون في تحقيق الاستقرار والتعافي، تتواصل الضغوط الناتجة عن العقوبات الغربية على كل خطوة نحو التقدم في إعادة الإعمار والتنمية.

وبالرغم من العقوبات التي تستمر منذ عقود، إلا أن تأثيراتها السلبية على الحياة اليومية للسوريين تتجلى في انقطاع الكهرباء وتراجع النشاط التجاري.

التحديات الاقتصادية

تعاني سوريا من أزمة اقتصادية خانقة، تشمل نقصًا حادًا في الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه. تؤثر هذه الأزمات على حياة المواطنين بصورة مباشرة.

تواجه التجارة والصناعات المحلية ضغوطًا كبيرة بسبب نقص الطاقة وارتفاع تكاليف المواد الأولية. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن خسائر الاقتصاد السوري تجاوزت 400 مليار دولار منذ بدء الأزمة عام 2011.

وترصد وزارة الكهرباء السورية أن الإنتاج الحالي للكهرباء لا يغطي سوى أقل من 30% من احتياجات البلاد، كما انخفضت صادرات النفط إلى حوالي 10% فقط مما كانت عليه قبل الحرب.

في ظل تلك الظروف، تخطط الإدارة الجديدة لخطط إصلاح تهدف لتعزيز النمو المحلي، خصوصًا مع بعض الدعم من الدول المجاورة.

ووفقا لما جاء في تقرير لـ”الشرق” يؤكد مستشار الاقتصاد جلال بكار أن العقوبات المفروضة على سوريا تعود آثارها إلى أكثر من 14 عامًا، مضيفًا أن الاقتصاد تحول من نموذج “دولة” إلى “عائلة حاكمة” في إشارة إلى عائلة الأسد.

يشير بكار إلى أن العقوبات الرئيسية التي تعيق إعادة الإعمار تشمل البنك المركزي والعملة المحلية، فضلاً عن قيود نظام “سويفت” التي تحد من التحويلات الدولية.

تأثير العقوبات على الاقتصاد

ونظرًا لتصنيف النظام السابق كداعم للإرهاب، يرى بكار أن يجب على سوريا أن تتبنى نموذج اقتصادي يعتمد على مؤسسات الدولة لتعزيز الاستقرار.

يهدف المستقبل الاقتصادي إلى بناء اقتصاد شامل للسوريين وتعزيز الاكتفاء الذاتي للسلع الاستراتيجية، مع ضمان استقرار النظام المالي من خلال استقطاب العملات الأجنبية إلى البنوك المحلية.

منذ عام 2005، تم فرض سلسلة من العقوبات الدولية على سوريا، كان أبرزها تلك التي أقرها مجلس الأمن في 2005 بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، حيث طالت العقوبات مسؤولين سوريين.

الخطوات السياسية الدولية

يعتبر الكاتب والمحلل السياسي عدنان علي أن خطوات بعض الدول تجاه الإدارة السورية الجديدة هي خطوات مهمة قد تمهد لرفع العقوبات، رغم أنها غير كافية حاليا.

يضيف علي أنه على الرغم من انفتاح عدد من الدول على دمشق، إلا أنها تظل محكومة بشكل كبير بعقوبات تفرضها الولايات المتحدة، خوفًا من أن تشملها عقوبات إضافية.

وفيما يتعلق بدور تركيا، يشير علي إلى أهمية دورها في دعم الإدارة السورية الجديدة، كما يمكن أن تساهم في توجيه ضغوط على واشنطن لتخفيف العقوبات.

تجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة صنفت سوريا كدولة راعية للإرهاب منذ عام 1979، مما أدى إلى فرض عقوبات تشمل حظر الأسلحة والقيود المالية، حيث تم تعزيز هذه العقوبات عام 2011 بسبب انتهاكات حقوق الإنسان من النظام السابق.

التعاون الإقليمي والتحديات

بحسب الباحث محمود علوش، فإن الانخراط السعودي والقطري والتركي في دعم التحول السوري يعد ضرورة ملحة في مواجهة الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها سوريا.

يشير علوش إلى أن المساعدات الاقتصادية المحتملة من هذه الدول قد تساعد جزئيًا في معالجة التحديات، لكنها لن تكون كافية دون تحرك غربي فعال لتخفيف العقوبات.

كما يقول علوش أن هذه الدول لا تستطيع دعم جهود إعادة الإعمار بشكل مستقل ما لم يتم التعامل مع أزمة العقوبات.

التصنيفات الإرهابية

تعد التصنيفات الإرهابية التي تشمل بعض الفصائل في سوريا، مثل “هيئة تحرير الشام”، من العوامل التي تعيق رفع العقوبات. وهذا يضع الإدارة الجديدة في مأزق أمام المجتمع الدولي.

ويؤكد علوش أن على الإدارة السورية اتخاذ خطوات جدية لحل هذه المشكلة، إما عبر تفاوض سياسي مع الفصائل المتشددة أو من خلال دبلوماسية ميدانية لتقليل هذه التصنيفات.

في سياق متصل، أكدت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بعد لقائها مع قائد الإدارة السورية، أهمية تقديم الدعم الأوروبي لسوريا الشريطة عدم تمويل هيكل إسلامي جديد.

كما لفتت بيربوك إلى أهمية التقدم في العملية السياسية كشرط لرفع العقوبات عن سوريا.

اقرأ أيضا

اخترنا لك