الأحد 16 مارس 2025
spot_img

الصين تكشف عن رادار متقدم لرصد الصواريخ فرط الصوتية

كشفت وسائل الإعلام الصينية النقاب عن جهاز رادار متقدم بعيد المدى، يملك قدرة استثنائية على اكتشاف الصواريخ، بما في ذلك الصواريخ فرط الصوتية، على مدى آلاف الأميال. تظهر هذه التقنية المتطورة في لقطات نادرة عرضت خلال خطاب الرئيس شي جين بينج بمناسبة رأس السنة القمرية الجديدة، مما يعكس حرص بكين على تعزيز قدراتها العسكرية في مواجهة التهديدات العالمية.

قدرات متقدمة

خلال الخطاب، تمت الإشارة إلى نظام الرادار الصيني العملاق المخصص للإنذار المبكر واكتشاف التهديدات التي يمكن أن تأتي من خارج حدود الصين، وفقًا لتقرير موقع EurAsian Times المتخصص في الشؤون الدفاعية.

عرض مقطع فيديو أرسله الجيش الصيني للرئيس شي جين بينج، يبرز محطة رادار أرضية تعمل بتقنية متطورة، حيث تواجد أفراد من قوات “الإنذار المبكر والمراقبة” في تشكيل أمام الرادار.

بالرغم من قلة التفاصيل المتاحة حول النظام، إلا أن الرادار قُدم مرة أخرى في تقرير من قبل شبكة تلفزيون محلية، مما يُتيح لمشاهدين نظرة قريبة على هيكله المهيب المكون من عشرات الهوائيات، حيث ارتفاع المبنى يصل إلى ستة طوابق.

تعزيز الدفاعات

قال خبراء عسكريون إن الرادار الصيني يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز قدرات الصين للإنذار المبكر ضد التهديدات الصاروخية. وقد وصف المعلق العسكري والمدرب السابق في الجيش الصيني، سونج تشونج بينج، هذا النظام بأنه “رادار استراتيجي نشط متعدد المراحل”، يمكنه رصد التهديدات الصاروخية على مسافات تصل إلى عدة آلاف من الكيلومترات.

بالإضافة إلى ذلك، يعتبر بينج أن نظام الرادار يعد أحد الأصول الأساسية في شبكة الدفاع الصاروخي الصينية، مشيرًا إلى أن الإنذارات المبكرة تعتبر حيوية لأنها تتيح الفرصة لتعبئة التدابير المضادة في الوقت المناسب.

تتوقع التحليلات أن تقوم الصين بدمج هذا النظام لمتابعة الصواريخ الأسرع من الصوت، وهو ما يمثل تحولًا جذريًا في استراتيجيات الحرب الحديثة.

الموقع الاستراتيجي

في حين لم تكشف التقارير الإعلامية الصينية عن الموقع الدقيق لمحطة الرادار، حدد المحلل الدفاعي التايواني، جوزيف وين، أنها محطة جياموسي للرصد والإنذار المبكر الخاصة بالقوات الجوية الفضائية العسكرية. تم إنشاء محطة الرادار الكبيرة متعددة المراحل “LPAR” قبل عام 2011 وتحصلت على ترقيات ملحوظة، وكان العمل قد انتهى فيها بحلول عام 2021.

توجد المحطة في جياموسي، الواقعة في مقاطعة هيلونججيانج، والتي تعتبر نقطة محورية في شبكة الإنذار المبكر الصينية. بحسب مركز الأبحاث الأمريكي “Global Security”، تم إنشاء محطة رادار كبيرة غير قابلة للدوران بمساحة 30×24 متراً في منطقة هوانان في جياموسي.

تعمل قدرات الإنذار المبكر على تكامل المعلومات حول الأهداف لأنظمة الدفاع الصاروخي مثل “Hongqi-19″ و”Kinetic-3”. يستطيع الرادار المركّز بنطاق X تحديد الأجسام، مما يساعد على التمييز بين التهديدات الحقيقية والمزيفة.

التحديات المستقبلية

في تقرير صادر عن معهد دراسات الفضاء الجوي الصيني “CASI”، أشار إلى أن قاعدة جياموسي تستضيف راداراً للفضاء العميق يقع تحت إدارة الأكاديمية الصينية للعلوم. كما يُعتقد أن قاعدة جياموسي تضم وحدة من عملية الدعم الاستراتيجي التابعة للجيش الصيني، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت هذه الوحدة تدير الأنظمة القائمة، مثل الرادار ذي المصفوفات الكبيرة.

أوضح التقرير أن مركز أبحاث الفضاء الجوي في جياموسي يتبع “القاعدة 37” الصينية، وهي وحدة متخصصة في أنظمة الإنذار المبكر والوعي الفضائي.

سبق أن كانت محطات “LPAR” تحت إدارة القوات الجوية الصينية، لكن من الممكن أن تؤدي التوترات المتزايدة بين القوات الجوية وقوات الدفاع الجوي إلى ظهور شبكتين متوازيتين من “LPAR”، مع هياكل قيادة منفصلة وآليات تبادل بيانات متميزة، مما قد يؤثر على كفاءة النظام الشامل.

التكنولوجيا الحديثة

توفر تقنيات الرادار المصفوفة سرعة مسح ودقة أكبر مقارنة بالرادارات التقليدية. بينما الأنظمة التقليدية تعتمد على الدوران الفيزيائي، فإن أجهزة الرادار الحديثة تراقب فعليًا عبر التحكم الإلكتروني مما يعزز الكفاءة في تتبع الأهداف.

استثمرت الصين في تكنولوجيا الرادار متعدد المراحل منذ سبعينيات القرن الماضي كجزء من جهود تحديث جيشها. ورغم حرصها على السرية بشأن تفاصيل أنظمة الإنذار المبكر، سلط تقرير البنتاجون العام الماضي الضوء على العديد من أجهزة الرادار الأرضية الكبيرة المشابهة لنظام “PAVE PAWS” الأمريكي، مما يشير إلى فعاليتها عالية في تأمين الإنذارات المبكرة الصاروخية.

مع اتساع القوة العسكرية الصينية، تتزايد أهمية تطوير قدرات الدفاع بعيد المدى لتأمين الوطني وتعزيز استراتيجيات الردع. في عرض نادر، أجرى الجيش الصيني تجربة إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات، وهو الأول من نوعه منذ عقود، مما يُظهر التطورات الاستراتيجية المتقدمة للصين.

تعمل الصين بنشاط أيضًا على تطوير أنظمة متقدمة لمواجهة الصواريخ الباليستية مثل نظام “HQ-19″، الذي غالبًا ما يتم مقارنته بنظام الدفاع الصاروخي الأمريكي عالي الارتفاع “THAAD”.

بعيدًا عن الدفاعات السطحية، تُظهر الصين ابتكاراتها بتطوير أول رادار لقاع البحر في العالم، مما يتيح اكتشاف الأهداف على ارتفاعات عالية من عمق يصل إلى ألف متر. ورغم أن هذا المشروع لا يزال سريًا، إلا أنه يُحتمل أن يحدث تحولات كبيرة في الصراع تحت الماء من خلال تعزيز قدرات الهجوم والمراقبة للغواصات.

بينما تبقى الشكوك قائمة حول قدرة الصين على تعقب الصواريخ الأسرع من الصوت عبر مسافات شاسعة، غير أن استثماراتها المتزايدة في تكنولوجيا الإنذار المبكر والدفاع الصاروخي تشير إلى منحى جديد في منافستها العسكرية العالمية.

اقرأ أيضا

اخترنا لك