تستعد السويد لإجراء تغييرات جذرية في أولوياتها العسكرية، حيث كشفت تقارير حكومية عن خطط للتخلص من جزء كبير من طائراتها المقاتلة من طراز JAS 39C/D Gripen، وذلك تزامناً مع الاستعداد لاستقبال النسخ الأحدث JAS 39E/F.
خطط التحديث العسكري
أفاد تقرير حديث صادر عن وزارة الدفاع السويدية، أن البلاد تعتزم إحالة 45 من أصل 105 طائرات من طراز C/D إلى التقاعد، وهو قرار مرتبط مباشرة بقدوم النسخ الجديدة. وينطوي هذا الانتقال على دعمٍ واضح لأوكرانيا في ظل الصراعات الجارية.
يشير التقرير إلى الحفاظ على قطع غيار لـ14 من هذه الطائرات القديمة لاستخدامها المحتمل في كييف، في حين تواصل شركة “صا ب” الرائدة في صناعة الطيران الترويج لهذه الطائرات كعنصر حاسم لقوات أوكرانيا في المعارك.
خصائص طائرة Gripen
تعتبر طائرة JAS 39C/D Gripen، التي طورتها شركة صا ب، شهادة على قدرة السويد في مجال الهندسة العسكرية، بفضل خفتها ومرونتها، وقدرتها على مواجهة خصوم أكبر. تم إدخال النسخ C/D في أواخر تسعينيات القرن الماضي، محققةً تحسينات على الأنظمة الإلكترونية والتسليح، إضافة إلى توافقها مع حلف الناتو.
تصل وزن الطائرة الفارغة إلى أقل من 15,000 رطل، وهي مزودة بتصميم جناح دلتا مع هيكل ذيل على شكل كانارد، مما يمنحها قدرة فريدة على المناورة. ويعتمد محركها المفرد، من طراز RM12 الذي طورته “فولفو” ويمثل derivation لمحرك F404 الأمريكي، ليدفعها إلى سرعات تتجاوز 1.8 ماخ، مع مدى قتالي يتخطى 500 ميل عند الحمولة الكاملة.
تحديثات قادمة
ما يميز طائرات C/D هو قدرتها على التكيف. تصميم الطائرة القائم على وحدات يسهل عمليات التحديث السريعة، وتأتي مزودة بنظام رادار PS-05/A القوي، الذي يتيح لها تتبع عدة أهداف على مسافات تتجاوز 75 ميلاً.
تتضمن التحديثات الحديثة حزمة MS20 Block 3 التي ستُطبق في عام 2026، والتي تُحسن الأنظمة الإلكترونية وأنظمة الربط. بحلول عام 2028، سيتم دمج تحديث MS20 Block 4 الذي يشمل رادار PS-05/A Mk4، مما يزيد من نطاق الكشف والدقة، إلى جانب توافقها مع الأسلحة المتطورة.
المزايا التسليحية
تتمتع Gripen أيضًا بترسانة رائعة، حيث يمكنها حمل صاروخ AIM-120C-8 AMRAAM للقتال الجوي، والذي يصل مداه إلى أكثر من 60 ميلاً، بالإضافة إلى صاروخ “ميتيور” الذي يزيد هذا النطاق. وفي الضربات الأرضية، تستخدم المقاتلة الذخائر الموجهة بدقة مثل قنبلة GBU-39 وصاروخ RBS15 المضاد للسفن.
يوعد دمج صاروخ Taurus KEPD 350، الذي يحمل رأس حربية بوزن 1,100 رطل ومدى 300 ميل، بقدرات تدميرية كبيرة. كما أن القدرة على الإقلاع والهبوط من مدارج قصيرة تجعلها منصة مرنة للغاية، قادرة على العمل من الطرق السريعة أو المدرجات البدائية.
مساهمة Gripen في الصراع الأوكراني
بينما تمثل النسخ E/F المستقبل، تظل C/D طائرة عمل بطولية، تجمع بين ابتكارات فترة الحرب الباردة ومتطلبات القتال الحديثة. قد تساهم وصول طائرات JAS 39C/D Gripen في ساحة المعارك الأوكرانية في موازنة القوة الجوية.
تعتمد القوات الجوية الأوكرانية، التي تعاني من نقص حاد، على طائرات ميغ-29 وسو-27 السوفيتية القديمة، بينما يزيد تفوق روسيا العددية ومحسوبية طائراتها الأكثر تطورًا، مثل سو-35 وميغ-31.
تحديات التكامل والإمدادات
يمكن أن تمنح مرونة Gripen وانخفاض تكاليف صيانتها ميزة حاسمة. كما أن القدرة على العمل من مدارج غير تقليدية تتماشى مع استراتيجية أوكرانيا الخاصة بالتخزين المتناثر، وهو أمر ضروري في ظل الهجمات الصاروخية الروسية المتواصلة.
مع الرادار المتقدم والصواريخ بعيدة المدى، يمكن للطائرة أن تتحدى تفوق روسيا الجوي، مع القدرة على استهداف الأهداف عالية القيمة مثل قاذفات القنابل أو منصات AWACS من مسافة.
التعاون مع الناتو
ينطوي التكامل مع النظام القائم في أوكرانيا على تحديات ولكنه يوفر أيضًا فرصًا. ستتوافق أنظمة Gripen المعتمدة على الناتو بسلاسة مع طائرات F-16 القادمة، مما يمكّن تنسيق الضربات أو الكمائن.
يمكن أن تستهدف صواريخ RBS15 القوات البحرية الروسية في البحر الأسود، بينما تهدد Taurus KEPD 350، إذا تم تسليمها، البنية التحتية الحيوية للعدو، بما في ذلك مستودعات الذخيرة ومراكز القيادة. في الوقت الحالي، يمكن أن ي disrupt وصول سرب من Gripens النمط العملياتي لروسيا، مما يوفر لأوكرانيا الوقت لتعزيز خطوطها الدفاعية.
التوجه نحو التحالفات الغربية
عبر السنوات، كانت هناك محادثات حول إمكانية إرسال Gripens إلى أوكرانيا، مدفوعة بأبعاد استراتيجية ونقاشات محلية. ففي يونيو 2023، بدأ الطيارون الأوكرانيون تدريبهم على الطائرات، وهو ما اعتبر إشارة إيجابية.
وفي أكتوبر من نفس العام، كلفت الحكومة السويدية قواتها المسلحة بدراسة إمكانيات نقل الطائرات، وهو الأمر الذي تكرر في يناير 2024 حيث ربط المسؤولون أي صفقة بإنضمام أوكرانيا إلى الناتو.
المسار المستقبلي لطائرات Gripen
يدعم تقرير وزارة الدفاع الأخير هذه الجهود، مشيرًا إلى أن تنحية C/D مرتبطة بجاهزية E/F، مع ترك التوقيت مرنًا لتمكين “حرية الحركة” في طموحات كييف. ويُعتبر رئيس شركة صا ب، مياكال يوهانسون، من أبرز الداعمين، حيث أعرب عن رغبته في إبرام اتفاق طويل الأجل لنقل السرب الأول من C/D إلى أوكرانيا “في أقرب وقت ممكن”.
تظل المشاعر في السويد مختلطة. يرى القادة الدفاعيون أن التخلص من الأقدم هو خطوة عملية تعزز التحديث وتساعد حليفًا، بينما يحذر النقاد من أن ذلك قد يضعف من قدرة ستوكهولم على الردع ضد روسيا. وعلى الرغم من وجود دعم قوي لأوكرانيا، إلا أن المتطلبات المتعلقة بالناتو تشير إلى وجود حذر عام.
أولويات أوكرانيا في الحرب
في أوكرانيا، يثير احتمال الحصول على Gripens تفاؤلاً حذرًا. يشيد الطيارون الذين جربوها بقدرتها على المناورة، بينما يراقب القادة العسكريون قوتها النارية كوسيلة للتصدي لتفوق روسيا العددي. كما استمرت الدعوات للحصول على كل ما يمكن الحصول عليه.
تدرك كييف أن الطائرات بمفردها لن تحسم المعركة، حيث تبقى تحديات اللوجستيات، والتدريب، والقطع غيار من العراقيل القائمة. في الوقت الحالي، يمثل احتياطي السويد المؤلف من 14 طائرة Gripen C/D طوق نجاة محتمل، مرتبط بمسار سياسي معقد وتحولات سريعة في ساحة المعركة.