في خطوة استباقية لمواجهة التهديدات الأمنية المتصاعدة، عززت السنغال إجراءاتها الأمنية على حدودها مع مالي، ونشرت وحدات من الدرك الوطني، وذلك في ظل تحذيرات دولية من خطر الجماعات الإرهابية وتوسع نفوذها في منطقة الساحل، وتأثير ذلك على الأمن العالمي.
تأمين الحدود السنغالية المالية
يأتي هذا التحرك بعد هجمات منسقة استهدفت مواقع للجيش المالي في مدن غرب مالي المحاذية للسنغال مطلع يوليو (تموز) الماضي. استهدفت الهجمات بلدة ديبولي الحدودية، التي تبعد أقل من 500 متر عن بلدة كيديرا السنغالية، ما أثار مخاوف كبيرة لدى السنغاليين.
وقد تبنت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” التابعة لتنظيم “القاعدة” تلك الهجمات، مما عزز المخاوف من سعي الجماعة للتوسع داخل الأراضي السنغالية، وفقًا لتقديرات محللين.
تحذيرات أممية من الخطر الإرهابي
حذر خبراء الأمم المتحدة في تقرير قُدم إلى مجلس الأمن، من تزايد خطر تنظيمي “القاعدة” و”داعش” في أفريقيا. وأكد الخبراء أن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” تواصل توسيع نفوذها في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
أشار التقرير أيضًا إلى توجه تنظيم “داعش” نحو القارة الأفريقية، بعد الخسائر التي تكبدها في الشرق الأوسط. وأعرب الخبراء عن قلقهم بشأن عودة المقاتلين الإرهابيين الأجانب إلى آسيا الوسطى وأفغانستان، وما يمثله ذلك من تهديد للأمن الإقليمي.
تهديد أوروبا والأميركيتين
أكد الخبراء أن تنظيم “داعش” يظل “التهديد الأبرز” لأوروبا والأميركيتين، وذلك لقدرته على تجنيد مقاتلين عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة المشفرة.
وكشف التقرير عن مخططات مزعومة لشن هجمات إرهابية “مدفوعة بشكل كبير بصراع غزة وإسرائيل”، أو من قبل أفراد جندهم تنظيم “داعش”. وذكر التقرير حادثة دهس نفذها أميركي بايع “داعش” في نيو أورليانز في يناير (كانون الثاني) الماضي، أسفرت عن مقتل 14 شخصاً.
بؤر التوتر الإرهابي
أشار التقرير الأممي إلى أن منطقة الساحل الأفريقي أصبحت مسرحاً تتحرك فيه “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” بحرية نسبية، خاصة في شمال مالي ومعظم أراضي بوركينا فاسو. وأكد التقرير أن ذلك يشكل تهديداً للأمن العالمي.
كما كشف التقرير عن إحباط السلطات لهجمات أخرى، من بينها مخطط مستلهم من “داعش” لتنفيذ إطلاق نار جماعي في قاعدة عسكرية بولاية ميشيغان الأمريكية.
تجاوز الـ150 ألف قتيل
أفاد تقرير حديث صادر عن “مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية” أن القارة الأفريقية شهدت أكثر من 150 ألف حالة وفاة بسبب الجماعات الإرهابية خلال السنوات العشر الأخيرة. وشهد عدد قتلى الإرهاب تصاعدًا منذ 2023 بنسبة 60 في المائة.
وخلال العام الماضي، سجلت أفريقيا أكثر من 22 ألف حالة وفاة، أكثر من نصفها في منطقة الساحل، حيث سجلت بوركينا فاسو وحدها 55 في المائة من الوفيات بسبب الإرهاب في الساحل، و83 في المائة من القتلى كانوا على يد “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”.
دعم لوجستي للحوثيين
تأتي الصومال في المرتبة الثانية بعد بوركينا فاسو، حيث سجلت أكثر من 6 آلاف قتيل. ويشير التقرير إلى أن “حركة الشباب” التي تنشط في الصومال تحصل على دعم “لوجستي وعسكري” من الحوثيين في اليمن.
تسبب الإرهاب في نزوح أكثر من 3.5 مليون شخص داخل القارة الأفريقية، غالبيتهم في منطقة الساحل وغرب أفريقيا. وزاد من تعقيد الوضع تورط الجيوش النظامية في قتل المدنيين، حيث سجل في مالي وبوركينا فاسو مصرع أكثر من 6 آلاف مدني على يد قوات حكومية ومرتزقة “فاغنر” الروسية.
تطور تكتيكي مقلق
يشير التقرير إلى تزايد العنف في بحيرة تشاد، حيث تنشط “بوكو حرام” و”داعش”. وقد بدأت هذه التنظيمات في استخدام الطائرات المسيرة في هجماتها، ما يعكس تطوراً تكتيكياً مقلقاً.
وخلص التقرير إلى أن الجماعات الإرهابية في أفريقيا أصبحت “أكثر تنظيماً وابتكاراً”، بينما يستمر “ضعف الدولة” وتورطها فيما وصفه بـ”القمع العشوائي” الذي يغذي التجنيد.