أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة عن خطط لإجراء دراسة كبيرة للتحقيق في الروابط المحتملة بين اللقاحات والتوحّد، وذلك رغم الأبحاث المكثفة التي لم تُظهر أي دليل يدعم هذه الشكوك، وفقا لما أفاد به مصدران مطلعان لـ”رويترز».
تفشي الحصبة
تأتي هذه المبادرة في وقت تعاني فيه الولايات المتحدة من واحدة من أكبر حالات تفشي الحصبة خلال العقد الأخير، حيث تم تسجيل أكثر من 200 حالة إصابة وحالتين من الوفيات في ولايتي تكساس ونيو مكسيكو. ويرجع السبب في ذلك إلى انخفاض معدلات التطعيم في مناطق عديدة، حيث اقتنع بعض الآباء بأن التطعيمات قد تكون أكثر ضرراً من نفعها.
وزير الصحة الأمريكي روبرت ف. كيندي جونيور، الذي يشغل منصباً يتيح له النفوذ على مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، عارض لوقت طويل اللقاح المشترك للحصبة والنكاف والحصبة الألمانية. وفي اجتماع لمجلس الوزراء في الأسبوع الماضي، قلل كيندي من أهمية الأخبار التي تتناول وفاة طفل بسبب الحصبة، واصفاً الحوادث من هذا النوع بأنها شائعة، دون ذكر دور التطعيم في الوقاية من المرض.
استجابة كيندي
في نهاية الأسبوع، نشر كيندي مقال رأي عبر قناة «فوكس نيوز» أكد فيه ضرورة التطعيم، لكنه أضاف أنه خيار شخصي يجب على الآباء استشارة أطبائهم بشأنه. ومع ذلك، يبقى من غير الواضح ما إذا كان كيندي سيكون له دورٌ في الدراسة المستقبلية لمراكز السيطرة على الأمراض وكيف سيتم تنفيذها.
وقد أصدرت وزارة الصحة والخدمات الإنسانية ومراكز السيطرة على الأمراض بياناً مشتركاً، حيث أشاروا إلى وجود معدلات مرتفعة من التوحّد. وأوضح البيان: «لن تدخر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أي جهد في مهمتها لفهم ما يحدث بدقة. الشعب الأمريكي يستحق أبحاثاً شفافة وعالية الجودة، وهذا ما نؤكد عليه».
سماع من قبل مجلس الشيوخ
من المقرر أن يحضر الدكتور ديف ويلدون، مرشح الرئيس السابق دونالد ترمب لقيادة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، جلسة استماع أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي الأسبوع المقبل. وقد أعرب بعض أعضاء مجلس الشيوخ عن قلقهم بشأن وجهات نظر ويلدون بشأن اللقاحات.
في هذا الصدد، قال الدكتور ويلبر تشين، أستاذ في كلية الطب بجامعة ميريلاند وعضو سابق في اللجنة الاستشارية للقاحات التابعة لمراكز السيطرة على الأمراض، إن إجراء الحكومة الفيدرالية لمثل هذه الدراسة يكفي لخلق الشكوك حول اللقاحات في أذهان بعض أفراد المجتمع. وتابع قائلاً: «إنها ترسل إشارة بأن هناك شيئاً يستحق التحقيق، مما يعني ضرورة دراسة العلاقة بين اللقاحات والتوحّد».
التشخيصات المرتفعة
تشير الإحصائيات إلى أن تشخيصات التوحّد في الولايات المتحدة قد زادت بشكل كبير منذ عام 2000، مما زاد من القلق العام. ويعزو العديد من الباحثين هذه الزيادة إلى الفحص الأكثر شمولاً وإدراج سلوكيات جديدة لتحديد الحالة. بينما روج بعض الشخصيات العامة لفكرة أن اللقاحات هي السبب، وهي فكرة ظهرت من دراسة مزعومة أجراها الباحث البريطاني أندرو ويكفيلد في أواخر التسعينات.
تبقى أسباب التوحّد غير واضحة، ولم تُظهر البحوث أي روابط صريحة بين اللقاحات أو مكوناتها مثل الثيميروسال والفورمالديهايد. يشير العلماء إلى أن خصائص التوحّد العصبية قد تتطور في الرحم، حيث يتشكل دماغ الجنين، مما يبعث على تكهنات بأن عوامل التغذية الصحية للأم يمكن أن تلعب دوراً في ذلك.
خطاب ترمب والتعليقات
في خطاب له أمام الكونغرس هذا الأسبوع، سلّط ترمب الضوء على ارتفاع معدلات التوحّد بين الأطفال، قائلاً: «لذلك، سنكتشف ما هو الأمر، ولا يوجد أفضل من بوبي وجميع الذين يعملون معه»، في إشارة إلى كيندي. ولم يكن لدى البيت الأبيض أي تعليق فوري بشأن الدراسة التي تنوي مراكز السيطرة على الأمراض إجراؤها.
أثارت آراء كيندي المثيرة للجدل بشأن اللقاحات قلق بعض الجمهوريين، بينما نفى كيندي كونه معارضًا للقاحات، ولم يعترف بوجود أي ارتباط دقيق بين اللقاحات والتوحّد حتى الآن.