أجبرت الخلافات السياسية في ليبيا العديد من النشطاء على مغادرة البلاد، مخافة التعرض للاعتقال أو التصفية، حيث تتزايد حالات المطاردة والخطف لتطال أحياناً عائلاتهم.
تعتبر ظاهرة توقيف النشطاء بسبب “الخصومة السياسية” واضحة في ليبيا، مما يعمق مخاوف المجتمع المدني ويزيد من الانتهاكات الحقوقية في البلاد.
حالة حسام القماطي
أعلن الناشط السياسي حسام القماطي عن اعتقال شقيقه محمد، المهندس في قطاع النفط، من منزله في تاجوراء فجر يوم الاثنين الماضي، حيث اتهم لطفي الحراري، رئيس جهاز الأمن الداخلي بطرابلس، بالوقوف وراء هذه العملية.
أثار اعتقال القماطي ردود فعل قوية في المجتمع الليبي، مع تنديد واسع من قبل منظمات حقوق الإنسان باستخدام الخطف كوسيلة للمساومة السياسية.
يعيش حسام القماطي، المعارض الليبي، في السويد، حيث يواصل تسليط الضوء على وقائع الفساد المرتبطة بالسلطة والمسؤولين في ليبيا.
ورصدت “المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان” في ليبيا عملية اختطاف القماطي من منزله على يد مسلحين من “كتيبة أسود تاجوراء”، معتبرة أن ذلك جاء نتيجة لنشاط شقيقه السياسي، وأشارت إلى أن مصيره لا يزال مجهولاً.
الاحتجاجات على الانتهاكات
أعربت المؤسسة الوطنية عن إدانتها الشديدة لاستمرار ظاهرة الاحتجاز التعسفي والاختطاف والإخفاء القسري، مشيرة إلى أنها تمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وخروجاً عن القانون. وطالبت بفتح تحقيق شامل حول ظروف هذه الأحداث.
يؤكد محامٍ ليبي تحدث لـ “الشرق الأوسط” أن “الخصومة السياسية” في ظل الفوضى الحالية تمثل تهديداً لكل النشطاء السياسيين، مع الإبلاغ عن أكثر من 15 ناشطاً تم إخفاؤهم أو تصفيتهم في مختلف المناطق.
وكشف القانوني الليبي، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن الخصوم السياسيين يلجأون لأساليب إجرامية للضغط على معارضيهم، بما في ذلك التهديدات لعائلاتهم. وأشار إلى أن هذه الممارسات أصبحت شائعة على مدار السنوات الأربع عشرة الماضية.
التضييق على النشطاء
اعتبر الصحافي الليبي علي المحمود أن اختطاف شقيق حسام القماطي يُعد دليلاً بارزاً على ما يعانيه الصحافيون والنشطاء من تضييق على حرية عملهم داخل وخارج البلاد.
في السياق ذاته، أدان محمد المبشر، الرئيس السابق لمجلس أعيان ليبيا للمصالحة، تقييد حرية القماطي بدون أي مسوغ قانوني، مطالباً بتوضيح من الجهات الرسمية، وشدد على ضرورة احترام الإجراءات القانونية في عملية الاعتقال.
قال الناشط القماطي إن “خطف الأقارب لزيادة الضغط على أصحاب الرأي هو من أبشع الجرائم”، مشيراً إلى ضرورة الوقوف ضد هذه الممارسات بغض النظر عن التوجهات السياسية.
انتقادات لجهاز المخابرات
في إطار الردود على الاتهامات لجهاز المخابرات الليبية، أدان حسن العائب، رئيس الجهاز، عمليات الخطف والإخفاء القسري، مشيراً إلى أن هذه الأفعال تُستخدم كأداة لتشويه سمعة الأجهزة الأمنية التي تهدف إلى استعادة الأمن في البلاد.
وكانت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان قد أشارت سابقاً إلى مصير مجهول يواجه أربعة أشقاء من عائلة المهدي الأجدل بعد اعتقالهم من قبل “الكتيبة 55 مشاة” دون أي مبرر قانوني.
نوه الإعلامي الليبي خليل الحاسي إلى أن العصابات المرابطة في ليبيا انتقلت إلى مستويات خطيرة، حيث تستهدف عائلات الصحافيين والمعارضين، وهو ما يهدد النظام الأمني للبلاد.
طالبت المؤسسات الحقوقية مكتب النائب العام بفتح تحقيق شامل حول حالات الخطف، محذرة من مغبة استمرار هذه الانتهاكات.
ختاماً، ذكرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن أعمال الخطف والإخفاء القسري والاعتقالات التعسفية باتت تمارس بشكل ممنهج، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً للتصدي لهذه الانتهاكات.