استعاد الجيش السوداني السيطرة على مدينة ود مدني الاستراتيجية في وسط البلاد، السبت الماضي 11 يناير، بعد انسحاب قوات الدعم السريع. وبذلك، يعود الجدل حول السيطرة على المدينة، التي كانت قد خضعت لسيطرة “الدعم السريع” قبل نحو عام، حيث تسارعت الأحداث في إطار المعارك المستمرة بين الجانبين.
خطة الهجوم
بدأ الجيش بشن هجومه على ود مدني في 8 يناير، من خلال عملية عسكرية واسعة بالتعاون مع حركات مسلحة حليفة. القوات المهاجمة تقدمت من عدة محاور، بما في ذلك محور “ميجر 5” ومحور “الخياري” من جهة الشرق عند مدينة الفاو في ولاية القضارف، بالإضافة إلى محور مدينة المناقل الذي تحرك من جهتين، ومحور “ود الحداد” من جهة الغرب.
نجح الجيش، مدعوماً بفصيل “درع السودان”، في تحقيق انتصارات تكتيكية في مناطق الشرق والغرب والجنوب. وشهدت معركة ود مدني انسحابات كبيرة لقوات الدعم السريع، في حين لم يكن هناك مقاومة ملحوظة كما كان متوقعاً. وقد شهدت المناطق المجاورة للمدينة اشتباكات محدودة، لكنها لم تؤثر بشكل كبير على سير العمليات العسكرية.
التحرير السهل
خاض الجيش معارك قصيرة استمرت ثلاثة أيام، قبل أن يتمكن من دخول المدينة بـ”سهولة مدهشة”، حسب شهادات شهود عيان. وعبرت قوات الجيش جسر “حنتوب” دون أي مقاومة، مما سهل عملية الاستعادة. ومن الجدير بالذكر أن قائد فصيل “درع السودان”، أبو عاقلة كيكل، أعلن عن “تحرير” ود مدني بعد أن تلاشت قوات الدعم السريع من المدينة.
يمكن ملاحظة تشابه كبير بين استعادة ود مدني في هذه المرة واستيلاء قوات الدعم السريع عليها سابقًا، حيث تم استخدام نفس الطريق الاستراتيجي دون مقاومة فعالة من الجانب الآخر.
أهمية دور “درع السودان”
يرى المحللون أن دور قائد قوات “درع السودان” أبو عاقلة كيكل كان حاسمًا في تجدد السيطرة على المدينة، حيث قاد العمليات في المرتين: الأولى مع “قوات الدعم السريع” حين هزم الجيش، والثانية مع الجيش لاستعادة المدينة.
تأسست قوات “درع السودان” في ديسمبر 2022 كإجراء لموازنة القوى بعد اتفاقية “سلام جوبا”. وفي أغسطس 2023، أعلن كيكل انحيازه إلى “قوات الدعم السريع” لبضعة أشهر، قبل أن يعود مرة أخرى إلى خدمة الجيش في أكتوبر الماضي، حيث استعاد السيطرة على ود مدني.
التناقضات المثيرة
وأشار محللون إلى التشابه بين أحداث ود مدني وسيناريوهات أخرى، حيث تم تبادل السيطرة والانسحاب بسرعة ملحوظة. مؤكدين أن التوترات الحالية بين الطرفين تشير إلى عدم وجود تسوية قريبة، وتمثل استعادة ود مدني “أكبر انتصار” للجيش منذ بداية النزاع، مما قد يعزز من موقفه التفاوضي.