الخميس 7 أغسطس 2025
spot_img

الجزائر و الاتحاد الأوروبي: تصعيد تجاري يلوح في الأفق

spot_img

في تصعيد للخلاف التجاري والسياسي بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، كشفت دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة روزا لوكسمبورغ الألمانية عن سيناريوهات محتملة لمستقبل العلاقات بين الطرفين، مع التركيز على الأدوات التي يمكن أن يستخدمها كل طرف لتحقيق أهدافه.

خيارات الجزائر التجارية

الدراسة التي أعدها الباحث الجزائري أكرم خريف، تتوقع أن تلجأ الجزائر إلى إعادة هيكلة علاقاتها التجارية كأداة ضغط، وفرض رسوم انتقامية على المنتجات الأوروبية، بالإضافة إلى تفضيل شركاء غير أوروبيين في الصفقات العمومية.

تهدف هذه الإجراءات، بحسب الدراسة، إلى ترجيح كفة الجزائر في الصراع التجاري المتصاعد مع الاتحاد الأوروبي منذ سنوات، على خلفية اتفاق الشراكة المبرم بينهما.

تدابير أوروبية محتملة

في المقابل، تتوقع الدراسة أن يرد الاتحاد الأوروبي بتعليق التحفيزات الجمركية الممنوحة للجزائر، وتجميد برامج التعاون الفني والمالي، وفرض قيود صحية وتنظيمية مشددة على المنتجات الجزائرية، مع استخدام القنوات الدبلوماسية للضغط على الجزائر.

تحذر الدراسة من أن هذه الإجراءات “تنطوي على مخاطر، خصوصاً مع احتمال فقدان الجزائر كشريك طاقوي رئيسي، وإضعاف الموقف الموحد داخل الاتحاد”.

خلفيات النزاع الجزائري الأوروبي

يعود الخلاف إلى سنوات مضت، حيث ترى الجزائر أن اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ساري المفعول منذ عام 2005، يحقق “منفعة أحادية الجانب” لصالح الاتحاد، بينما تتكبد الجزائر خسائر اقتصادية.

منذ عامين، بدأت الجزائر في تطبيق إجراءات تقييدية على واردات الاتحاد الأوروبي، ما دفع المفوضية الأوروبية إلى اتهام الحكومة الجزائرية بـ “خرق بنود الاتفاق”.

مسار التحكيم الدولي

في شهر يوليو 2025، أطلق الاتحاد الأوروبي رسمياً إجراءات لتسوية النزاعات ضد الجزائر، في إطار اتفاق الشراكة، وذلك بعد سنوات من التوترات التجارية المتعلقة بالواردات والاستثمارات والسياسة الصناعية الجزائرية.

إلا أن الدراسة تشير إلى أن هذا النزاع القانوني يكشف عن “تشكيك أعمق في طبيعة العلاقات غير المتكافئة بين أوروبا وجيرانها في الجنوب”.

مخالفات تجارية مزعومة

في 20 مارس 2024، أعلنت المفوضية الأوروبية عن فتح إجراء رسمي لتسوية النزاعات ضد الجزائر، استناداً إلى اتفاق الشراكة الموقع سنة 2002، معتبرة أن الممارسات التجارية والتنظيمية الجزائرية، منذ عام 2021، “مخالفة لمبادئ تحرير التجارة وعدم التمييز”.

في 17 يوليو 2025، أخطرت المديرية العامة للتجارة في المفوضية الأوروبية السلطات الجزائرية بفتح إجراء تحكيم رسمي، بسبب ما وصفته بـ “قيود مفروضة على التجارة والاستثمار تنتهك الاتفاق”.

القيود الجزائرية على الواردات

تتمحور اعتراضات الاتحاد الأوروبي حول “نظام رُخص الاستيراد” الذي فرضته الجزائر، والذي يصفه الاتحاد بـ “التمييزي”، حيث أدى إلى منع استيراد عدة فئات من السلع، مثل المركبات والمعدات والمنتجات الزراعية المحولة.

بالإضافة إلى ذلك، يشتكي الاتحاد الأوروبي من فرض شروط محلية للإنتاج، ونِسب إدماج عالية على المستثمرين الأجانب، خاصة في قطاع السيارات، وتحديد سقف للمساهمة الأجنبية في شركات الاستيراد.

عوائق غير جمركية

تعتبر المفوضية الأوروبية أن هناك عوائق غير جمركية “مبهمة”، مثل التأخيرات الإدارية والمعايير التقنية التقييدية، والإجراءات الجمركية الاعتباطية.

يرى الاتحاد الأوروبي أن هذه الإجراءات تخالف “روح الشراكة الأورومتوسطية”، ونصوص الاتفاق التي تضمن الوصول المتبادل للأسواق وإزالة العقبات تدريجياً.

ردود فعل جزائرية

عقب إبلاغه بلجوء الاتحاد الأوروبي إلى التحكيم، أعرب وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، عن “تفاجئه للقرار المتسرّع والأحادي الجانب، الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي بإنهاء مرحلة المشاورات، والدخول مباشرة في إجراء التحكيم”.

أوضح عطاف أن “6 من أصل 8 ملفات خلافية كانت قيد الحل”، وأن بلاده “قدّمت مقترحات عملية للنقطتين المتبقيتين، دون أن تتلقّى رداً رسمياً من الجانب الأوروبي”.

دعوة لتقييم شامل

انتقد عطاف “طريقة الاتحاد الأوروبي (في التعامل مع الخلاف)”، معتبراً أنها “اعتداء على روح ونصّ اتفاق الشراكة، وذلك من خلال تجاوز مجلس الشراكة كمؤسسة مركزية لحلّ النزاعات”.

دعا عطاف إلى تنظيم دورة عاجلة للمجلس “لإجراء تقييم شامل ومتوازن لكل القضايا، ضمن الإطار القانوني المنصوص عليه في الاتفاق”.

خسائر اقتصادية للجزائر

في العام الماضي، صرح عطاف بأن الجزائر “تكبدت خسائر اقتصادية كبيرة جراء تفكيك التعريفة الجمركية” في إطار اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.

أوضح عطاف أن الجزائر خسرت أكثر من 30 مليار دولار نتيجة تطبيق الاتفاق خلال 20 عاماً، في حين أن الاستثمار الأوروبي في الجزائر لا يتجاوز 13 ملياراً، مشيراً إلى أن الاتفاق أصبح “عبئاً على الجزائر”.

اقرأ أيضا

اخترنا لك