نقلت الجزائر ومالي خلافاتهما حول «قضية تحطيم الطائرة المسيَّرة» إلى مجلس الأمن الدولي، مما زاد من تعقيد الأزمة الدبلوماسية بين البلدين وأدى إلى تشكيل تحالف بين مجموعة دول الساحل ضد الجزائر.
تحويل الخلاف إلى مجلس الأمن
ذكرت «إذاعة فرنسا الدولية» يوم الخميس أن الجزائر وباماكو تقدمتا برسائل إلى مجلس الأمن الدولي في سياق الأزمة الدبلوماسية المتفاقمة بينهما. هذه التوترات بدأت بعد إسقاط الجيش الجزائري لطائرة مسيَّرة تابعة لمالي على الحدود بين البلدين في ليلة 31 مارس الماضي.
لم تتأكد المصادر الجزائرية من صحة المعلومات، إلا أن دبلوماسيين أكدوا للشرق الأوسط أن الجزائر مصممة على دحض ادعاءات المجلس العسكري في مالي بشأن تحطيم الطائرة. الجزائر تمتلك بحسبهم الأدلة التي تدعم موقفها، مشيرين إلى أن الطائرة، التي تم تصنيعها في تركيا، استُهدفت بعد اجتيازها للحدود الجزائرية بمقدار كيلومترين، مما يجعل تحركاتها عدوانية.
تصاعد التوترات
شهدت الأيام الأخيرة تطورات غير مسبوقة في العلاقات بين الجزائر وجيرانها في الساحل، مثل استدعاء السفراء وإغلاق الأجواء أمام الطيران، فضلاً عن تبادل الاتهامات الحادة على المستوى الرسمي، مما أدى إلى تصاعد الخطاب وبلوغ حد التهديد.
في هذا السياق، أعلنت مالي، تبعتها النيجر وبوركينا فاسو، عزيمتها على تقديم شكوى ضد الجزائر في المنظمات الدولية، حيث اعتبرت إسقاط الطائرة «عملاً عدوانياً» واتهمت الجزائر بالتحريض على الإرهاب في المنطقة.
إعلان الانسحاب من اللجنة المشتركة
نتيجة لهذا الخلاف، أعلنت باماكو انسحابها من «لجنة أركان العمليات المشتركة» التي يوجد مقرها بجنوب الجزائر. تضم هذه اللجنة الجزائر ومالي، بالإضافة إلى النيجر وموريتانيا، وقد أُنشئت عام 2010 لمكافحة الإرهاب وكل أشكال الجريمة في المنطقة.
وأفادت «إذاعة فرنسا الدولية» بأن رسالتي مالي والجزائر إلى مجلس الأمن تضمان تقديرات حكومتي البلدين حول حادثة تدمير الطائرة، دون تقديم شكوى قانونية رسمية. حيث تعتبر مالي ما حدث اعتداءً، بينما تشجب الجزائر انتهاك مجالها الجوي.
تأثير المناقشات في مجلس الأمن
على الرغم من إعلان باماكو نيتها تقديم شكوى رسمية، أوضحت الإذاعة الفرنسية أن اللجوء إلى مجلس الأمن لا يُعتبر شكوى قانونية بل هو إشعار بالحادثة. كما أكدت مصادر دبلوماسية أنه لم يتم طلب عقد اجتماع حول هذه القضية.
وأشار مصدر دبلوماسي إلى أن رئاسة فرنسا لمجلس الأمن هذا الشهر قد تكون صبغة غير مريحة للبلدين، خاصة وأن الجزائر تشغل مقعداً غير دائم في المجلس خلال أبريل.
خلفيات الصراع
من جانبه، أشار خبير قانوني مختص بأن إرسال رسائل لمجلس الأمن عن نزاع بين الدول يعتبر أمرًا شائعًا، يهدف إلى إثارة النقاش بين الأعضاء. وأوضح أن هذا الأسلوب يستخدم كوسيلة لإعلان الاعتراض والتحضير لأي إجراءات انتقامية.
وفي هذا السياق، كانت الجزائر قد انتقدت بشدة مالي ومجموعة رؤساء دول اتحاد الساحل بعد أن رفعوا شكوى ضدها، زاعمةً أن إسقاطها للطائرة كان بسبب انتهاكها المتكرر للمجال الجوي الجزائري.
دعوات للحوار
دعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إكواس) في بيانها يوم الأربعاء إلى ضرورة الحوار بين مالي والجزائر، مشيرةً إلى قلقها من تدهور العلاقات بين البلدين، وحثت على اللجوء إلى الآليات الإقليمية لتسوية هذا الخلاف المتصاعد.