شهد لبنان تصعيداً ملحوظاً منذ صباح الجمعة، تزامناً مع زيارة رئيس الجمهورية جوزيف عون إلى باريس لإجراء محادثات متعلقة بالعديد من الملفات الحيوية، منها الأمن والاقتصاد والإصلاحات وقضية النازحين. وقد انضمت سوريا إلى المحادثات، حيث التقيا الرئيس السوري أحمد الشرع، مما جعل المناقشات تشمل القضايا العالقة بين لبنان وسوريا، بما في ذلك وضع الحدود والنزوح والتحديات الأمنية.
اجتماعات خماسية
توسعت قمة المحادثات لتصبح خماسية، مع انضمام كل من رئيس الوزراء اليوناني ورئيس الجمهورية القبرصية، تحت إطار “مجموعة شرق المتوسط”. وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي مشترك أن الأطراف المتواجدة اتفقت على خريطة طريق تم إعدادها لتوزيعها يوم الجمعة.
في سياق متصل، جاء التصعيد الإسرائيلي واستهداف الطيران لمناطق في ضاحية بيروت الجنوبية ليشكل محور اللقاء بين الرئيسين ماكرون وعون في قصر الإليزيه، حيث كان جزء كبير من حديثهما مع الصحافة مخصصاً لهذا الملف الأمني.
وقد أفادت مصادر فرنسية بأن باريس تواصلت مع مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ستيف ويتكوف، ونائبته مورغان أورتاغوس، للضغط على إسرائيل لوقف التصعيد في المنطقة.
موقف ماكرون
في كلمته، اعتمد ماكرون موقفاً مؤيداً لما طرحه الرئيس عون، حيث وصف الضربات الإسرائيلية بأنها “غير مقبولة” وتشكل انتهاكاً لوقف إطلاق النار. وبرز توازن دقيق في كلامه، حيث أكد على العلاقة الودية مع إسرائيل ولكنه أشار إلى أن باريس لا تتردد في التعبير عن عدم رضاها عن بعض التصرفات الإسرائيلية.
أفاد ماكرون أن باريس تعتبر أن إسرائيل لم تحترم اتفاقها، وأن هناك حاجة لوضع حد للاعتداءات. كما حذر الطرف الإسرائيلي من أن الانتهاكات ستسفر عن عواقب سلبية على أمن إسرائيل.
دعم لبنان
عبر ماكرون عن تضامنه مع أهالي بيروت بعد الاستهداف الإسرائيلي، مجدداً الدعوة لانسحاب إسرائيل الكامل من المواقع التي تحتلها، معتبراً أن هذه الممارسات تعد خرقاً لالتزاماتها الموقعة. كما أشار إلى أنه سيناقش هذا الوضع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي والبعض في الإدارة الأمريكية في الأيام المقبلة.
وزير الرئيس اللبناني جوزيف عون أكد أنه سيتم فتح تحقيق حول مصدر إطلاق الصواريخ، معبراً عن قناعته بأن “حزب الله” ليس له علاقة بالهجمات التي استهدفت الأراضي الإسرائيلية. وشدد على ضرورة أن تتوقف الاعتداءات الإسرائيلية التي تُعيد لبنان إلى دوامة العنف.
المساعدات الدولية
تطمح الحكومة اللبنانية بشدة إلى مؤتمر دولي وعد به ماكرون، لكن الأجواء الراهنة تشير إلى ضرورة استيفاء لبنان لعدة شروط، أبرزها تنفيذ الإصلاحات الموعودة وتعزيز سلطة الدولة على أراضيها. وحدد ماكرون أن مفتاح الحصول على الدعم الدولي يعود إلى التزام لبنان بإصلاح مؤسساته.
أعرب عون عن الحاجة الملحة لهذا الدعم، مشيراً إلى أهمية العودة إلى صندوق النقد الدولي لوضع خطة إصلاحية. وفي الوقت نفسه، أكد ماكرون استعداد بلاده لدعم لبنان في مجالات حيوية، معبراً عن التفاؤل بمستقبل الحملات الإصلاحية.
الملف السوري
بالإضافة إلى ذلك، تناولت المحادثات الوضع السوري ومدى ارتباطه بالتعاون الفرنسي، حيث أكد ماكرون أنه لا يمكن أن تتحسن العلاقات إلا في ظل وجود حكومة تمثل كل شرائح المجتمع المدني. وأكد على ضرورة توفير ظروف ملائمة لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، بالتعاون مع المجتمع الدولي.
تستمر فرنسا في دعم لبنان في هذه الأوقات الصعبة، حيث انصب التركيز على البحث عن حلول شاملة تضمن الأمن والاستقرار للبلاد والمنطقة ككل.