السبت 8 فبراير 2025
spot_img

الإمارات تتسلم أول مقاتلة من طراز رافال F4

أعلنت فرنسا عن تسليم أول طائرة من طراز رافال F4 لدولة الإمارات العربية المتحدة، مما يمثل إنجازًا بارزًا في عملية اقتناء المقاتلات المتطورة. جرت مراسم الكشف عن الطائرة بحضور عدد من المسؤولين العسكريين وقادة الصناعة، حيث تم تسليط الضوء على تقدم شركة داسو على الصفقة الموقعة في عام 2021.

ظهر في صورة جديدة من شركة داسو للطيران الرئيس التنفيذي إيريك تريبير بجانب وزير القوات المسلحة الفرنسية سيباستيان لوكورنو ووزير دولة الإمارات لشؤون الدفاع محمد بن مبارك الفاضي المزروعي. حيث وقف الثلاثة أمام أول طائرة رافال F4 إماراتية، والتي سوف تنضم قريباً إلى أسطول القوات الجوية الإماراتي المتزايد من المقاتلات العالية الأداء.

أشارت داسو إلى التقدم السريع للبرنامج، مشيدة بالتعاون الوثيق بين المهندسين الفرنسيين والإماراتيين. تجلب طائرة رافال F4 ميزات تعزيز الشبكات، وقدرات تسليحية جديدة، وأنظمة إلكترونية متطورة، وهي عناصر رئيسية خلال عملية تحديث القوة الجوية الإماراتية.

دعم فرنسي قوي

بدعم من فرنسا، تواصل داسو للطيران تقدمها في عمليات التسليم، مما يعزز من مكانة الإمارات كقوة عسكرية رئيسية في المنطقة. ومن المنتظر أن تُكمل طائرة رافال F4 أسطول الميراج 2000 الحالي، مع اندماجها مع عمليات شراء طائرات F-35 المستقبلية، وهو مزيج من شأنه تعزيز قدرات الإمارات في مجال القتال الجوي بشكل كبير.

في ديسمبر 2021، أكملت دولة الإمارات العربية المتحدة صفقة لشراء 80 طائرة من طراز داسو رافال F4، مما جعلها أكبر عقد دفاعي لفرنسا من حيث الكمية والقيمة. وُقعت الاتفاقية خلال زيارة رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون الرسمية إلى أبوظبي، حيث التقى بالقيادات الإماراتية، بما في ذلك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي.

حدد سعر هذه الصفقة بحوالي 17 مليار يورو، ما يعادل تقريباً 19.2 مليار دولار أمريكي عند توقيع العقد. شملت الاتفاقية ليس فقط الطائرات نفسها، بل أيضاً حزم الدعم الشاملة التي تتضمن الدعم اللوجستي، وتدريب الطيارين وفرق الصيانة، وقطع الغيار، وتكامل أنظمة الأسلحة.

مميزات طائرة رافال F4

طائرة رافال F4 هي نسخة متقدمة من رافال، تضم ترقيات في أنظمة avionics، وأنظمة الرادار، وقدرات القتال. تسمح هذه التحسينات للطائرة بالتعامل بشكل أفضل مع التهديدات المتطورة بفضل ميزات تخفي محسنة، وزيادة مدى الطيران، وقدرات متعددة المهام، مناسبة لمهام القتال الجوي والضربات الأرضية.

من المتوقع أن تمتد جداول التسليم لهذه الطائرات على عدة سنوات تبدأ من عام 2027، مما يتيح للإمارات دمج هذه المقاتلات المتقدمة تدريجياً في أسطولها الحالي، الذي يتضمن طائرات أخرى مصنوعة في الغرب مثل F-16 وميراج 2000. تأتي هذه الصفقة في إطار استراتيجية الإمارات الأوسع لتحديث قدراتها العسكرية، وضمان بقائها في الصدارة في مجال القوة الجوية الإقليمية.

علاوة على ذلك، تم اعتبار هذه الصفقة خطوة مهمة في رقعة الشطرنج الجيوسياسية، حيث تعزز من الروابط العسكرية والدبلوماسية بين فرنسا والإمارات. كما تعكس تأثير فرنسا المتزايد في الشرق الأوسط من خلال مبيعات الأسلحة، مما يضع التكنولوجيا العسكرية الفرنسية في واحدة من أكثر المناطق الاستراتيجية في العالم.

تعزز هذه الاتفاقية من الصناعة الدفاعية الفرنسية ولها آثار إيجابية على خلق فرص العمل في فرنسا، حيث من المتوقع دعم آلاف الوظائف مباشرة أو بشكل غير مباشر من خلال إنتاج وصيانة هذه المقاتلات. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر صفقة رافال سمعتها على الساحة الدولية، بعد صفقات تصديرية ناجحة مع الدول مثل الهند ومصر واليونان.

أثر الصفقة على التوازن الإقليمي

ستؤثر الصفقة التي قامت بها الإمارات لشراء طائرات رافال بشكل عميق على المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط. من خلال دمج هذه المقاتلات من الجيل الرابع المتقدمة في سلاح الجو الخاص بها، تعزز الإمارات من قوتها العسكرية، مما يؤثر بدوره على ديناميكيات القوة الإقليمية.

لا تعزز هذه الصفقة فقط من قدرة الإمارات على الردع ضد الخصوم المحتملين، بل تشير أيضاً إلى تعزيز الروابط العسكرية مع فرنسا، وهي حليف غربي رئيسي، مما يوسع من الإطار الاستراتيجي لفرنسا في المنطقة.

قد تؤدي الطائرات رافال في الإمارات إلى تغيير في التفوق الجوي الإقليمي، مما قد يحث الدول المجاورة على إعادة تقييم استراتيجياتها العسكرية وعمليات الشراء الخاصة بها. قد تشعر دول مثل السعودية وقطر وحتى إيران بالضغط لتحديث قواتها الجوية لمواكبة هذا الحد الجديد من القدرات.

هذا قد يؤدي إلى نوع من سباق التسلح، حيث تستثمر الدول أموالاً كبيرة في تكنولوجيا المقاتلات المتقدمة، ليس فقط للدفاع ولكن أيضاً كبيان للقوة العسكرية ولقوة الدولة الوطنية.

تحسين القدرات التشغيلية

ستعزز نسخة رافال F4 بشكل كبير من قدرات القوات الجوية الإماراتية. توفر avionics المتطورة للطائرة، بما في ذلك رادار Thales RBE2 AA النشط، ميزات كشف، وتتبع، وانخراط متفوقة.

يمكن أن توفر هذه الميزات وعيًا بالموقف بشكل أفضل والقدرة على الانخراط في عدة أهداف في نفس الوقت، سواء في السيناريوهات الجوية أو الأرضية. تعني قدرات رافال المتعددة الأدوار أنها يمكن أن تنفذ مجموعة واسعة من المهام بدءًا من التفوق الجوي إلى الهجمات الأرضية والاستخراج، وحتى الردع النووي إذا لزم الأمر، مما يوفر للإمارات قوة مكافئة ومؤثرة في العمليات.

تقلل ميزات الحرب الإلكترونية المتقدمة وخصائص التخفّي من مقطع الرادار للطائرة، مما يجعل من الصعب اكتشافها والانخراط معها، وبالتالي تعزز من فرص النجاة في حالات القتال. وعلاوة على ذلك، تتيح قدرة رافال على حمل مجموعة شاملة من الأسلحة، بما في ذلك أحدث الذخائر الموجهة بدقة من فرنسا ودول الناتو الأخرى، لفريق القوات الجوية الإماراتية العمل بدقة وفعالية، مع تقليل الأضرار الجانبية وزيادة فرص نجاح المهام.

تأتي عملية دمج رافال أيضًا مع دعم شامل للتدريب والدعم اللوجستي من فرنسا، مما يرفع من مستوى المهارات العامة وجاهزية الطيارين وفرق الصيانة في الإمارات. تسهم هذه المعرفة والتكنولوجيا المتبادلة في تحسين القدرات التشغيلية وتعزيز partnership طويل الأمد بين البلدين في قضايا الدفاع والأمن.

عموماً، فإن دخول رافال إلى ترسانة الإمارات سيكون له تأثير كبير على استراتيجيتها العسكرية وسيساهم في إعادة تقييم الديناميكيات القوة في الشرق الأوسط، مما يؤثر على التحالفات واستراتيجيات الردع، ومن المحتمل أن يؤدي إلى توازن جديد في العمارة الأمنية الإقليمية.

نمت العلاقات الدفاعية بين فرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة بشكل كبير على مر السنين، حيث شهدت شراكات استراتيجية، ومبيعات عسكرية، وتمارين مشتركة. تبنى هذه العلاقة على المصالح المشتركة في استقرار المنطقة، ومكافحة الإرهاب، وتوسيع النفوذ في الشرق الأوسط وما بعده.

وضعت فرنسا نفسها كشريك موثوق للإمارات فيما يتعلق بالمعدات العسكرية، حيث تعتبر مبيعات طائرات رافال واحدة من أبرز الأمثلة على ذلك. تعزز هذه الصفقة من دور فرنسا كمورد رئيسي للأسلحة وتعمق التعاون العسكري بين البلدين. بجانب الرافال، قدمت فرنسا للإمارات معدات عسكرية أخرى مثل طائرات ميراج 2000، ودبابات القتال الرئيسية ليركلير، وسفن بحرية عدة، بما في ذلك كورفيتات من فئة غويند.

بالإضافة إلى مبيعات الأسلحة، تشارك الدولتان في تدريبات عسكرية مشتركة تعزز من التنسيق المشترك وتعزز الفهم بين قواتهما. وتوضح تمارين مثل “درع الخليج” هذا التعاون، حيث تركز على الدفاع الجوي، وعمليات القوات الخاصة، والأمن البحري. لا تحسن هذه الأنشطة من قدرات العمليات لكلا الدولتين فقط، بل تعمل أيضاً كآلية ردع ضد عدم الاستقرار الإقليمي.

التعاون الاستراتيجي والتوازن الجيوسياسي

يتيح هذا التعاون الاستراتيجي لفرنسا توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، وموازنة قوى غربية أخرى من خلال تقديم بديل للتحالفات التقليدية، وخاصة مع الولايات المتحدة الأمريكية. أما الإمارات، فإن تحالفها مع فرنسا diversify شراكاتها الأمنية، مما يقلل الاعتماد على قوة واحدة ويعزز من استقلالها الاستراتيجي.

تتضمن الروابط الدفاعية أيضاً تبادل المعلومات الاستخبارية، وجهود مكافحة الإرهاب، والمشاركة في مهام حفظ السلام الدولية. عملت فرنسا والإمارات معاً في عمليات مثل تلك الموجودة في ليبيا ومالي، حيث لكلا البلدين مصالح في مكافحة التطرف واستقرار المناطق.

تتجاوز العلاقة الأمور الدفاعية لتشمل التعاون في الصناعة الدفاعية، مع إمكانية تطوير مشترك للتكنولوجيا العسكرية أو المشاريع المشتركة. لا تعود هذه الفائدة فقط بالفائدة على قطاعات الدفاع في الدولتين، بل تعزز أيضًا الروابط الاقتصادية بينهما.

تُساهم التبادلات الثقافية والتعليمية في الأكاديميات العسكرية في رسوخ هذه الروابط، حيث يتدرب ضباط الإمارات في فرنسا والعكس صحيح، مما يعزز من رؤية طويلة الأمد للتعاون والفهم المتبادل.

لكن مثل أي علاقة دولية، تخضع العلاقات الدفاعية بين فرنسا والإمارات لسياق جيوسياسي أوسع، بما في ذلك علاقات فرنسا مع الدول الخليجية الأخرى وموقفها من قضايا إقليمية مثل الصراع في اليمن أو الوضع في إيران. على الرغم من هذه التعقيدات، تواصل الشراكة الاستراتيجية التطور، مدعومة بالمصالح المشتركة في الأمن والاستقرار والفوائد الاقتصادية من التعاون الدفاعي.

اقرأ أيضا

اخترنا لك