الجمعة 24 يناير 2025
spot_img

الإدارة السورية الجديدة: تحديات الشرعية والضغوط الخارجية

تشهد سوريا حراكًا دبلوماسيًا متزايدًا بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد، حيث تتوالى الزيارات من وفود عربية وأجنبية إلى دمشق، في خطوة يُنظر إليها على أنها تعزز شرعية الإدارة الجديدة.

وفود دبلوماسية إلى دمشق

تتزايد زيارات وزراء الخارجية والدبلوماسيين والمسؤولين رفيعي المستوى إلى سوريا، رغم تنوع أسبابها وتوجهاتها. تُعتبر هذه الزيارات اعترافًا ضمنيًا بالإدارة الحالية، مما يُعطيها قوة دفع جديدة.

يرى مراقبون أن تلك الزيارات تمثل فرصة للإدارة الجديدة لتثبيت أركانها، وهي فرصة قد لا تتكرر في حالات سابقة أُطيح فيها بأنظمة حاكمة، حيث اتسمت تلك الأوقات بإجراءات عقابية، كتعليق العضويات في المنظمات الدولية بدلاً من الاعتراف بالحكام الجدد.

ازدواجية المعايير

يُعزى تباين المواقف تجاه الحالة السورية إلى افتقار نظام الأسد لتأييد معظم القوى الفاعلة دوليًا. بينما يُشير آخرون إلى أن تغييرات الأنظمة غالبًا ما تحدث بفعل تحركات من المؤسسات العسكرية، لكن في الحالة السورية، أطاحت الفصائل المسلحة، بما فيها “هيئة تحرير الشام”، بنظام الأسد.

ولفتت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية إلى أن السقوط المفاجئ لنظام الأسد أثار ابتهاج السوريين، الذين عانوا 13 عامًا من ويلات الحرب وأحكام قمعية. لكنها أشارت إلى التحديات التي قد تواجه الإدارة الانتقالية.

تحديات الحكم الجديد

تشير المجلة إلى قلق واسع بشأن شمولية وتمثيل الحكومة الجديدة في دمشق. كما تتوسع المخاوف من التوترات العرقية والدينية التي قد تعطل جهود أحمد الشرع، قائد الإدارة الجديدة، في توحيد البلاد.

تُعد الخيارات التي ستتخذها الولايات المتحدة من بين العوامل الرئيسية التي ستؤثر على قدرة هذه الإدارة على استعادة السلطة في جميع أنحاء سوريا، وفي مساعي إعادة الإعمار، وفقًا للتوقعات المتزايدة.

الظروف الإنسانية والاقتصادية

ورغم الانتصارات، فإن ظروف البلاد المزرية تبقى هاجسًا كبيرًا، حيث يعيش أكثر من 70% من السوريين تحت خط الفقر. تراوحت مستويات الناتج المحلي الإجمالي بين 60 مليار دولار قبل العام 2011 و10 مليارات دولار حاليًا، ويُتوقع أن تصل تكلفة إعادة الإعمار إلى 400 مليار دولار.

من جهة أخرى، أبدى الشرع قدرة على التكيف مع الظروف الجديدة، بعد أن تولى مسؤولية إدلب عام 2017، حيث عمل على بناء دولة من الصفر وتنويع العلاقات مع المجتمعات المحلية، من خلال الانفتاح على تعليم المرأة وتلقي المساعدات الإنسانية.

الموقف الأميركي

تعتبر واشنطن أن أهدافها في سوريا قد تحققت بشكل كبير، مع انتهاء حكم الأسد وتراجع القوات الإيرانية والروسية. ويُعتبر هذا التحول، خسارة كبيرة لطهران التي فقدت وسيلة لنقل الأسلحة إلى “حزب الله” في لبنان.

وتعزو المجلة موقف الولايات المتحدة إلى النجاحات التي حققتها القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية في مكافحة تنظيم “داعش”، مما يقلل من أهمية استمرار وجودها العسكري هناك.

آفاق مستقبلية

تمد المجلة يد الأمل لمستقبل سوريا، إذ ترى أن أفضل سيناريو هو “دولة موحدة” تستطيع تعزيز الاستقرار الإقليمي. بينما تشير المخاوف من نشوب صراعات جديدة إلى ضرورة وجود تدخل أميركي طويل الأمد لتجنب انتشار الفوضى.

توصي المجلة بأن تعطي واشنطن فرصة للحكومة الجديدة وأن تسحب قواتها، مما يتيح لدمشق استعادة السيطرة على المناطق الغنية بالنفط. وتؤكد على أهمية ضمانات تتعلق بمكافحة “داعش” وحقوق الأكراد لضمان استقرار الوضع.

أخيرًا، يُشدد على أهمية رفع العقوبات الأميركية لتحفيز الاستثمار الأجنبي في سوريا، مما يمكن الحكومة الجديدة من الوصول إلى النظام المصرفي الدولي. ويُنتظر من الشرع وفريقه استغلال هذه الفرصة لبناء دولة جديدة تحتضن جميع مكوناتها، دون السماح بتجدد النزاعات.

اقرأ أيضا

اخترنا لك