الأحد 23 مارس 2025
spot_img

الأسطول الروسي ينفّذ هجوماً وإنزالاً عسكرياً في المحيط الهادئ

في إطار استعراض قوتها البحرية وتنسيقها الاستراتيجي، أجرت سفينة الإنزال الكبيرة “أدميرال نيفيلسكي” التابعة للأسطول الروسي في المحيط الهادئ مؤخرًا تمرينًا شاملاً على الهبوط البرمائي بالقرب من شبه جزيرة كليرك في خليج بطرس الأكبر.

مناورة محاكاة شاملة

كانت العملية تهدف إلى محاكاة هجوم على ساحل مهيمن عليه من قبل العدو، مما أبرز قدرة الأسطول على نشر الوحدات البحرية والمعدات الثقيلة تحت ظروف قريبة من القتال. تم إجراء هذه المهمة التدريبية كجزء من خطة الاستعداد القتالي المجدولة للأسطول، مما يسلط الضوء على جهود روسيا المستمرة للحفاظ على وجود عسكري قوي في منطقة المحيط الهادئ المتقلبة.

بدأت المناورة بإعداد دقيق على متن “أدميرال نيفيلسكي”، وهي سفينة مخصصة للعمليات البرمائية. قام أعضاء الطاقم بتحميل مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية والأفراد من وحدة مشاة البحرية التابعة للأسطول في أسفل السفينة، مما كان خطوة حاسمة اختبرت الكفاءة اللوجستية للعملية.

استعراض القوة والتجهيزات

شملت المعدات حوالي 10 وحدات من المركبات القتالية، بدءًا من وسائل النقل المدرعة وصولًا إلى الآلات الداعمة، وهي جميعها ضرورية لإنجاح عملية الإنزال على الشاطئ. وكان هناك أكثر من 100 جندي من مشاة البحرية، كل منهم مدرب على النشر السريع في بيئات عدائية. كانت عملية التحميل بحد ذاتها إنجازًا من الدقة، إذ ضمنت تأمين كل من الجنود والمعدات، واستعدادهم للمهمة عالية المخاطر المقبلة.

بعد اكتمال الاستعدادات، أبحرت “أدميرال نيفيلسكي” من قاعدتها متجهة نحو الهدف الساحلي المحدد. بينما كانت السفينة تخترق المياه المفتوحة لخليج بطرس الأكبر، بقي طاقمها مركزًا على المهمة الموكلة إليهم: تحييد الدفاعات المعادية الافتراضية وتأمين موطأ قدم على الشاطئ.

عملية الإنزال المدعومة بالنيران

قبل بدء الإنزال، أطلقت السفينة وابلًا من النيران المدفعية على المواقع الساحلية للعدو الافتراضي. كان هذا القصف التمهيدي، وهو جزء أساسي من عمليات الحرب البرمائية، يهدف إلى إضعاف مقاومة العدو وتسهيل نزول المارينز. أصدرت السالوبيات المدوية صدى في أنحاء الخليج، تذكيرًا صارخًا بالقوة التدميرية التي يملكها الأسطول.

مع كبح الدفاعات الساحلية بما فيه الكفاية، اقتربت “أدميرال نيفيلسكي” من الشاطئ، ملتزمة بالجداول الزمنية التشغيلية الدقيقة. وأدارت الطاقم مرحلة الهبوط النهائية بنجاح، وهي مناورة تطلبت مهارة فنية وانضباط تكتيكي.

بينما كانت السفينة تقترب من الشاطئ، انزلقت السلالم، واندفعت قوات مشاة البحرية إلى ساحة التدريب، مرافقة بمركباتهم المدرعة. جرت عملية الصرف بكفاءة تتماشى مع معايير الأسطول الصارمة للسرعة والتنسيق. وفي غضون دقائق، تم إنشاء موطئ قدم، وبدأ مشاة البحرية في اتخاذ مواقع دفاعية، مما أبرز النجاح الذي تحقق في التمرين.

تحقيق الأهداف الاستراتيجية

كانت العملية بالقرب من شبه جزيرة كليرك أكثر من مجرد تمرين تدريبي روتيني؛ بل كانت شهادة على استعداد الأسطول وكفاءته في إبراز القوة عبر المجالات البحرية. شملت المهمة أكثر من 100 عنصر ومجموعة كبيرة من المعدات، مما يبرز قدرة الأسطول على التحرك سريعًا وتنفيذ المناورات المعقدة تحت ظروف قريبة من القتال.

أضاف اختيار خليج بطرس الأكبر كمنطقة انطلاق بُعدًا آخر من الواقعية على التمرين، نظرًا لأهميته الاستراتيجية في الدفاعات الشرقية لروسيا. وتحيط به الميناء نشيط الفعاليات “فلاديفوستوك” وعلى محيطه التضاريس الساحلية الوعرة، يوفر الخليج بيئة مثالية لاختبار قدرات الأسطول البرمائية.

تحديات المنطقة وتأمين النفوذ

يجري التمرين في وقت تظل فيه الأنظار العالمية منصبة على التطورات العسكرية في المحيط الهادئ. تدرك روسيا، التي لها مصالح جيوسياسية في المنطقة، أهمية تحديث وتدريب قواتها البحرية. تعكس “أدميرال نيفيلسكي”، وهي سفينة من فئة “روبوخا”، هذا الالتزام.

قادرة على حمل مجموعات كبيرة من القوات والمعدات الثقيلة، تعتبر السفينة ركيزة أساسية في الاستراتيجية البرمائية للأسطول. يركز مشاركتها في التدريبات الأخيرة على نية موسكو الحفاظ على وضع ردع موثوق وسط تصاعد التوترات مع القوى المجاورة والدول المنضبطة مع حلف الناتو.

استراتيجية العمل والتدريبات القتالية

بينما لم تكشف القوات العسكرية الروسية عن تفاصيل محددة حول العدو الافتراضي أو السياق الاستراتيجي الأوسع للتمرين، فإن الدلالات واضحة. يقوم الأسطول بتطوير مهاراته للعمل السريع والحاسم، وهي قدرة قد تكون حاسمة في الدفاع عن الأراضي الروسية في الشرق الأقصى أو تأكيد النفوذ في المياه المتنازع عليها.

يشير التكامل السلس بين دعم المدفعية، ونشر القوات، وإفراز المعدات خلال التمرين إلى مستوى عالٍ من الكفاءة بين الطاقم والجنود المشاركين. بالنسبة لأكثر من 100 عنصر من مشاة البحرية الذين اقتحموا الشاطئ، كانت العملية فرصة لصقل استعدادهم القتالي والتكيف مع الديناميكيات غير المتوقعة للحرب البرمائية.

بينما عادت “أدميرال نيفيلسكي” إلى قاعدتها بعد التمرين، من المحتمل أن قيادة الأسطول أخذت في الاعتبار نتائج المهمة. تم فحص كل عنصر، من التحميل الأولي إلى تفريغ المعدات النهائي، وفقًا لمعايير محددة مسبقًا، مما يضمن جاهزية الأسطول لأي ظروف واقعية قد تواجهها.

في زمن التحولات السريعة في التحالفات والنزاعات البحرية، تعتبر مثل هذه التمارين ليست رمزية فقط. بل تعمل كإشارة لكل من الحلفاء والأعداء بأن القوات البحرية الروسية مجهزة ومدربة وجاهزة للاستجابة لأي تحديات قد تطرأ في الفضاء الواسع للمحيط الهادئ. حاليًا، سقطت مياه خليج بطرس الأكبر في صمت، لكن صدى هذه العمليات لا يزال يتردد كذكرى لقوة الأسطول المستمرة.

تصميم وخصائص “أدميرال نيفيلسكي”

تعد “أدميرال نيفيلسكي” عنصرًا حاسما في أسطول البحرية الروسية في المحيط الهادئ، فهي سفينة إنزال كبيرة تجسد الصلابة والمرونة العملياتية لتصميمات البرمائي السوفيتية. تم تكليفها كونها جزءًا من فئة “روبوخا” أو “المشروع 775” باسمها السوفيتي، وتم بناؤها في أحواض بناء السفن “ستوكجنيا بولناك” في غدانسك، بولندا، وهي مرفق مشهود له بإنتاج سفن الإنزال خلال فترة الحرب الباردة.

أُطلقت في عام 1982، ودخلت “أدميرال نيفيلسكي” الخدمة في الأسطول الروسي في المحيط الهادئ، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في العمليات البرمائية، والتمارين التدريبية، والنشر الاستراتيجي عبر مياه روسيا في الشرق الأقصى.

قدرات متعددة الاستخدامات

مع تصميم يتماشى مع متطلبات الهجمات الساحلية، توازن هذه السفينة بين نقل القوات، وتسليم المعدات، ودعم محدود في القتال، مما يجعلها أداة متعددة الاستخدامات لإبراز القوة في السواحل المتنازع عليها.

وزن السفينة حوالي 4,000 طن، ويبلغ طولها حوالي 369 قدم، مع عرض 49 قدم وعمق حوالي 12 قدم عند تحميلها بالكامل. تم تحسين تكوينها متعدد الطوابق لقرب عمليات الشاطئ، مما يسمح لها بالاقتراب من السواحل غير المطورة وإفراغ شحنتها مباشرة على الشاطئ.

محرك وخصائص أداء السفينة

تعتمد السفينة على محركين ديزل من طراز زغودا-سولزر، كل منهما يولد 9,600 حصان، مما يتيح لها سرعة قصوى تصل إلى 18 عقدة ونطاق يصل إلى حوالي 4,000 ميل بحري عند سرعة تجوال تبلغ 15 عقدة.

على الرغم من عدم كونها الأسرع في الأسطول، إلا أن قدرتها على التحمل وسعة الشحن تجعلها مناسبة جيدًا للعمليات المستمرة في المحيط الهادئ، بدءًا من بحر اليابان إلى المناطق الجليدية في شبه جزيرة كامتشاتكا.

المعدات والذخائر

تركز المهمة الأساسية للسفينة على الهبوط البرمائي، وتظهر سعة الشحن تركيزها هذا. يمكن لـ “أدميرال نيفيلسكي” نقل ما يصل إلى 12 دبابة قتال رئيسية، مثل T-72B أو T-80U، أو بدلاً من ذلك، 25 مركبة نقل مدرعة مثل BTR-80 أو BMP-3F، الأخيرة هي مركبة قتال مشاة تتكيف مع البيئات البحرية.

مع 6,800 قدم مربع من مساحة سطح المركبة تمتد على طول الهيكل، يمكن للسفينة أيضًا استيعاب مزيج من المركبات الأخف، بما في ذلك الجرارات المتعددة الاستخدامات MT-LB أو شاحنات GAZ-66، بالإضافة إلى 225 جندي مدججين بالسلاح. تسهل كل من المداخل الأمامية والخلفية عملية التحميل والتفريغ، حيث يتميز المدخل الأمامي بغطاء منزلق مميز يسمح لرافعات الأرصفة بالوصول إلى السطح عندما لا تكون عمليات الأنزال على الشاطئ ممكنة.

القدرات الدفاعية للسفينة

الذخائر على متن “أدميرال نيفيلسكي” متواضعة لكنها وظيفية، مصممة لدعم عمليات الهبوط بدلاً من الانخراط في قتال بحري مطوّل. السفينة مزودة بتركيب مدفعي ثنائي AK-725 عيار 57 ملم، وبنادق بحرية آلية حققت 120 طلقة في الدقيقة لكل برميل، تُدار بواسطة نظام التحكم في النيران MR-103 Bars.

تتميّز هذه الأسلحة بقدرتها على استهداف الأهداف الساحلية، والزوارق الصغيرة، والطائرات المنخفضة التحليق، مما يوفر نيران دعم خلال عمليات الشاطئ. لأغراض القصف الساحلي الإضافي، تحمل نظام صواريخ A-215 Grad-M مع قاذفين عيار 122 ملم، يحمل كل منهما 40 صاروخًا، مما يوفر وابلًا قادرًا على إغراق منطقة الهدف حتى 1,000 قدم عرض.

التكيف مع المهمات المتخصصة

تتمتع “أدميرال نيفيلسكي” أيضًا بالقدرة على التكيف مع المهام المتخصصة، بما في ذلك زرع الألغام وعمليات تنقيب الألغام. يمكنها أن تحمل ما يصل إلى 92 لغمًا بحريًا في حجرة الدبابات، مما يسمح لها بإقامة حواجز دفاعية أو تعطيل خطوط الشحن للعدو.

لأغراض إزالة الألغام، يمكن تجهيزها بنظام صاروخي مصمم لخلق ممرات آمنة عبر مناطق الألغام الضحلة، سواء في البحر أو على طول الخط الساحلي، بفتحة أمان تصل إلى 33 قدمًا.

تشكيلة المعدات المستخدمة

تختلف أنواع المعدات التي تُحمّل على متن “أدميرال نيفيلسكي” حسب المهمة، لكنها تشمل عادةً مزيجًا من التصاميم السوفيتية والروسية المخصصة للعمليات البحرية. توفر الدبابات مثل T-72B، التي تزن 44 طنًا وتحتوي على مدفع عيار 125 ملم، قوة نيران ثقيلة لتحقيق موطئ قدم، بينما توفر T-80U، التي تحتوي على محرك توربيني للغاز، قدرة حركة أفضل بوزن 46 طنًا.

تتميز BTR-80، المدرعة ذات العجلات 8×8 والتي تزن 13.6 طن، بمدفع ثقيل عيار 14.5 ملم وتمكنها من عبور المياه، مما يجعلها مثالية للتقدم السريع إلى الداخل بعد الهبوط. تضيف BMP-3F، التي تزن 18.7 طنًا، مدفعًا عيار 100 ملم وقدرة برمائية، مما يتيح لها السباحة إلى الشاطئ بجانب مشاة البحرية.

طاقم السفينة وكفاءتها

يبلغ عدد العاملين في “أدميرال نيفيلسكي” حوالي 90 بحارًا وضابطًا، تعمل السفينة بتشكيلة رشيقة ولكن فعالة، تعتمد على بناؤها المتين وتصميمها المبسط لتقليل الطلبات على الصيانة.

إن الهيكل الفولاذي للسفينة، المعزز لتمكينها من الهبوط، يفتقر إلى الأنظمة الإلكترونية المتقدمة أو ميزات التخفي الخاصة بالسفن الحربية الحديثة؛ لكن هذه البساطة تعتبر من الأصول في الظروف الصعبة لمسرح العمليات لأسطول المحيط الهادئ.

تاريخ العمليات والخدمة

على مدار مسيرتها التي تجاوزت أربعة عقود، شاركت “أدميرال نيفيلسكي” في تمارين عبر بحر اليابان، وخليج بطرس الأكبر، وحتى في نشرات بعيدة مثل البحر الأبيض المتوسط في 2013، حيث دعمت العمليات الروسية في سوريا بجانب سفن أخرى من أسطول المحيط الهادئ. ورغم عمرها، تبقى “أدميرال نيفيلسكي” نشطة حتى أوائل عام 2025، مما يشهد على الاستفادة المستمرة من تصميم فئة “روبوخا”.

يبرز تاريخ الخدمة دورها كحصان عمل بدلاً من جهاز عرض، مما يجسد تركيز البحرية الروسية على القدرة العملية في الهجمات البرمائية. على الرغم من أنها تفتقر إلى سطح الهليكوبتر أو الأرصفة الجافة للسفن الحديثة مثل فئة “إيفان غرين”، فإن قدرتها على تنفيذ مزيج قوي من القوات والدروع مباشرة إلى الشاطئ يجعلها لا تزال ذات صلة في إسقاط القوة الإقليمي.

في تدريبات مثل المناورة الأخيرة قرب شبه جزيرة كليرك، أثبتت قدرتها على التنسيق مع الوحدات البحرية وتنفيذ عمليات هبوط معقدة في ظروف قريبة من القتال. مع استمرار روسيا في تأكيد نفوذها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، تبقى “أدميرال نيفيلسكي” عمودًا موثوقًا في أسطول المحيط الهادئ، يجمع بين هندسة الحرب الباردة والاحتياجات الاستراتيجية الحديثة.

اقرأ أيضا

اخترنا لك