في الضفة الغربية المحتلة، يواجه الفلسطينيون تحديات متزايدة في الحصول على المياه، حيث تقع عين سامية، الشريان المغذي لـ 110 آلاف نسمة، تحت تهديد مستمر. اعتداءات متكررة على شبكة المياه تهدد إمدادات القرى وتزيد من مخاوف السكان.
اعتداءات مستوطنين
صبحي عليان، يراقب المضخات والأنابيب في محطة كفر مالك، يزداد قلقه بعد كل هجوم. “لا حياة من دون ماء”، يقول عليان، الذي شهد بنفسه تخريب شبكة الآبار، ما أدى إلى قطع المياه عن القرى المجاورة.
هذه الاعتداءات ليست حوادث معزولة، بل جزء من سلسلة استهداف ممنهج للينابيع ومحطات المياه الفلسطينية. المستوطنون، بحسب الفلسطينيين، يسعون لتخريب أو تحويل مسار المياه، بهدف السيطرة عليها.
شريان الحياة
تزوّد شبكة عين سامية نحو 110 آلاف شخص بالمياه، مما يجعلها حيوية لسكان الضفة الغربية الذين يعانون أصلاً من شحّ المياه. يصف عليان كيف اضطروا لوقف الضخ بعد تكسير أحد الأنابيب من قبل المستوطنين، لتجنب هدر المياه.
بعد يومين من الهجوم، عاد المستوطنون، بعضهم مسلح، إلى العين. رغم أن المراقبة أظهرت ضغطاً طبيعياً في الأنابيب، إلا أن العمال يخشون التوجه إلى المحطة الرئيسية خشية على سلامتهم.
الضم عبر العطش
عيسى قسيس، رئيس مصلحة مياه القدس، يرى في هذه الهجمات أداة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وضمها. “تقييد إمدادات المياه يجبر الناس على الانتقال إلى مناطق أخرى”، يقول قسيس، مشيراً إلى أن المياه تستخدم كوسيلة لنقل السكان.
منذ اندلاع الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023، تصاعدت دعوات اليمين الإسرائيلي لضم الضفة الغربية. وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، المقيم في مستوطنة بالضفة، أعلن أن عام 2025 سيكون عام فرض السيادة الإسرائيلية.
دعم حكومي
اتهم قسيس الحكومة الإسرائيلية بدعم هجمات المستوطنين، بما في ذلك الهجوم على عين سامية. لكن الجيش الإسرائيلي نفى علمه بالحادث، مؤكداً أنه “لم يتمكن من منعه”.
في منطقة الأغوار، استولى مستوطنون على عين العوجا بتحويل مجرى مياهها، وفقاً لممثل تجمع عين العوجا، فرحان غوانمة، الذي أشار إلى الاستيلاء على عيني ماء أخريين مؤخراً.
تدهور مستمر
في قرية دورا القرع، التي تعتمد على عين سامية كمصدر احتياطي، يتزايد القلق بسبب فترات الجفاف الطويلة وتحكم إسرائيل بحقوقهم المائية.
رفيع قاسم، عضو المجلس القروي، يوضح أن نقص المياه أدى إلى هجرة الفلاحين، وأن الأزمة مستمرة منذ 30 عاماً، مع منع حفر آبار ارتوازية رغم وجود ينابيع محلية. مشروع لحفر بئر، مدعوم من الأمم المتحدة والبنك الدولي، رُفض بسبب القوانين الإسرائيلية.
فجوة مائية
تقع الأراضي المؤهلة لحفر الآبار في المنطقة “ج”، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة. تقرير لمنظمة “بتسيلم” في 2023 كشف عن فجوة كبيرة في الوصول إلى المياه بين الفلسطينيين والمستوطنين.
بينما يحصل جميع سكان إسرائيل والمستوطنات على المياه الجارية يومياً، فإن 36% فقط من الفلسطينيين في الضفة الغربية يتمتعون بنفس الحق. في دورا القرع، يختتم قاسم حديثه معبراً عن قلقه المتزايد: “كل سنة نشعر بأن المياه تقل، والأزمة تزيد”.