الأحد 22 يونيو 2025
spot_img

ارتفاع عمليات نهب الآثار السورية بعد سقوط الأسد

شهدت سوريا في الآونة الأخيرة تصاعداً مقلقاً في عمليات نهب الآثار، إثر انهيار جهاز الأمن في أعقاب سقوط نظام الأسد وانتشار الفقر. هذه الوتيرة المتزايدة للبحث عن “الذهب” – سواء بمعناه المادي أو الرمزي – تبرزها تقارير تؤكد على استغلال تاريخ البلاد الغني وثرائها الأثري من قبل تجار الآثار في الأسواق السوداء العالمية، وفقاً لتحقيق نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.

ارتفاع عمليات النهب

كشف مشروع أبحاث الاتجار بالآثار وأنثروبولوجيا التراث (ATHAR) عن تسجيل نحو 1500 حالة من عمليات النهب في سوريا منذ عام 2012، حيث تم توثيق ما يقرب من ثلث هذه الحالات منذ ديسمبر الماضي.

تتضمن العديد من عمليات النهب أفراداً يائسين يسعون للحصول على لقمة العيش، من خلال البحث عن عملات معدنية أو آثار قديمة. في العاصمة دمشق، لوحظت زيادة في الطلب على أجهزة الكشف عن المعادن، حيث تُظهر إعلانات وسائل التواصل الاجتماعي اكتشاف المستخدمين لقطع أثرية مكنوزة باستخدام أجهزة مرتفعة السعر مثل “XTREM Hunter” التي تُباع بـ 2000 دولار أميركي.

تأثير وضعف الأمان

قال محمد الفارس، ناشط من مدينة تدمر، إن اللصوص يتجرأون على نبش القبور القديمة تحت جنح الظلام، بحثاً عن كنوز مدفونة. “يأتون ليلاً مسلحين بالأدوات ويُزعجون الموتى”، وفقاً لتصريحاته.

وأشار الفارس إلى الأضرار الجسيمة التي تتعرض لها المواقع الأثرية، حيث تُظهر التحليلات وجود حفر عميقة تسيء لمعايير تدمر الأثرية. وأضاف: “تلك الطبقات المختلفة مهمة، وعندما يُخلط بعضها ببعض، يصبح من المستحيل على علماء الآثار فهم ما يعثرون عليه”.

تاريخ تدمر مدمر

تُعتبر تدمر، المدينة الأثرية التي تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد، من بين أكثر المواقع تعرضاً للنهب. فقد دمرت أجزاء كبيرة منها خلال فترة سيطرة تنظيم “داعش”، الذي اعتبر الآثار الأصنام ونفذ هجمات مدمرة في عام 2015.

في سياق متصل، أظهر خبراء ومسؤولون أن نهب الآثار قد ارتفع بشكل غير مسبوق منذ الإطاحة بنظام الأسد، مما يزيد من المخاوف بشأن التراث الثقافي للبلاد.

التهريب والتجارة بالآثار

وصف عمرو العظم، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة شوني ستيت، الوضع الراهن قائلاً: “مع انهيار النظام، شهدنا طفرة هائلة في أعمال النهب، حيث انعدمت أي قيود كانت موجودة لحماية الآثار”.

وفي إشارة إلى الوضع الراهن، قالت كاتي بول، المديرة المشاركة لمشروع “آثار”، إنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، شهدت أكبر موجة تهريب آثار في تاريخها. “في السابق، كان يستغرق بيع الفسيفساء عاماً، لكن الآن تُباع في غضون أسبوعين”، كما أضافت.

تحديات الحكومة السورية

على الرغم من محاولات الحكومة السورية الجديدة للحد من هذه الظاهرة من خلال تحذير اللصوص وعرض مكافآت على من يُسلم الآثار، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة في فرض السيطرة على التراث الأثري للبلاد.

على الصعيد الآخر، قام موقع “فيسبوك” بحظر بيع الآثار التاريخية، لكنه يُشير إلى أن تنفيذ هذه السياسات لا يحدث بشكل متكرر، رغم توثيق عمليات البيع على المنصة. وتتابع بول عشرات المجموعات المخصصة لتجارة الآثار التي تضم مئات الآلاف من الأعضاء.

شبكات التهريب

تستخدم مجموعات “فيسبوك” كمنصة للتجار، حيث تربط لصوصاً يُنقلون القطع الأثرية من سوريا إلى الأردن وتركيا، قبل أن يتم شحنها إلى أسواق أخرى حول العالم مع فواتير مزورة. وبعد عقد من الزمن، قد تصل هذه القطع إلى دور مزادات قانونية، حيث يقْتنيها جامعوا الآثار أو المتاحف، خصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا.

اقرأ أيضا

اخترنا لك