فجّرت الاحتجاجات النادرة في غزة ضد حركة “حماس” تساؤلات حول دلالاتها وتأثيراتها على الحركة والقطاع، كما أضحت مشهد المواجهة السياسية الداخلية في فلسطين. وقد جاءت هذه الاحتجاجات في وقت حساس، وسط الأجواء المتوترة بين الفلسطينيين وإسرائيل.
التظاهرات تتجدد
شهدت المناطق الشمالية من غزة، يوم الأربعاء، تزايدًا في الاحتجاجات في حي الشجاعية، حيث أُشعلت الإطارات المطاطية، وتواجدت مسيرات جديدة في بيت لاهيا. وقد انطلقت الدعوات للاحتجاج، الثلاثاء، من بيت لاهيا، مطالبة بوقف الحرب، وشارك في هذه الاحتجاجات عدد كبير من سكان البلدة، التي طلب الجيش الإسرائيلي إخلاءها بعد إطلاق صواريخ منها.
ردد المتظاهرون شعارات تدعو إلى وقف الحرب، ثم تطورت الهتافات لتهاجم “حماس” وقادتها، لا سيما يحيى السنوار، الذي يعتبر أحد مهندسي الهجوم الذي شهدته إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
ردود الفعل الإسرائيلية
أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الأربعاء، إلى أن هذه الاحتجاجات تُعتبر دليلاً على فعالية قرار إسرائيل باستئناف حملتها العسكرية ضد غزة، حيث اختفت الشرطة التابعة “لحماس” مجددًا بعد فترة من الهدوء.
وفي تطور لاحق، حاول بعض العناصر المرتبطة بـ”حماس” الاعتداء على المحتجين قرب المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا، إلا أن بعض الشباب المشاركين في المظاهرة تدخلوا لتهدئة الأوضاع ووقف الهتافات المناهضة للحركة، التي تسيطر على القطاع منذ عام 2007.
دلالات التحركات الشعبية
قال أحد الشهود، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة “رويترز”: “كانت مسيرة عفوية ضد الحرب، لأن الناس تعبوا وليس لديهم مكان يذهبون إليه”. وقد تم رصد هتافات عدة تُنادي برحيل “حماس”، حيث أظهر المشاركون استياءً عميقًا من الوضع الراهن.
تكررت المسيرات، مساء الثلاثاء، في شارع جلال غرب خان يونس، ولكنها شهدت اختلافات في الشعارات، ما بين مؤيد لـ”حماس” وآخرين يطالبون بوقف الحرب.
تحليل الموقف الإسرائيلي
اعتبر نتنياهو، خلال كلمة له أمام البرلمان، أن الاحتجاجات تشير إلى نجاح استراتيجيات إسرائيل في مواجهة “حماس”. وقد دعا وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، سكان القطاع للقيام بمظاهرات مماثلة لتلك التي حدثت في بيت لاهيا، مشيرًا إلى أن هذه الوسيلة أساسية لطرد “حماس” وإعادة المختطفين.
كما تم رصد تراجع الغارات الجوية منذ بداية الاحتجاجات، ما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت جهود الوسطاء قد أدت إلى وقف إطلاق نار مؤقت، ولكنه سرعان ما تجلى أن القصف استؤنف لاحقًا، مع عدم وجود إشارات نحو توافق سياسي.
تحذيرات الفصائل الفلسطينية
في الوقت الذي التزمت فيه “حماس” الصمت تجاه الاحتجاجات، أصدرت بيانًا من “فصائل العمل الوطني والإسلامي”، دعا إلى دعم التحركات الشعبية والمطالب الداعية لفتح المعابر ووقف الحرب. وأكد البيان على ضرورة توخي الحذر ضد محاولات استغلال هذه الاحتجاجات من قبل الاحتلال لتحطيم الوحدة الوطنية الفلسطينية.
كما دعا القيادي في “حماس”، وفق مصادر مطلعة، إلى ضرورة الفهم لدرجة الغضب بين السكان مع التأكيد على عدم تقديم غزة “على طبق من ذهب” لإسرائيل. وشدد على أن القيادة ستعمل على تحقيق الاستقرار وعدم الاعتداء على المحتجين.
نداءات فتح
من جانبها، دعت حركة “فتح”، عبر بيان للناطق باسمها، حركة “حماس” للاستجابة لمطالب سكان غزة، وضرورة فك الارتباط بالمشاريع الإقليمية التي لا تعبر عن الهوية الوطنية الفلسطينية. كما أكدت “فتح” على أهمية توحيد الجهود لحل الأزمة الراهنة.
تجدر الإشارة إلى أن الحركة واجهت انتقادات مختلفة على مدار سنوات حكمها بشأن قمع الحريات والاعتداء على المعارضين، مؤكدة في الوقت نفسه أنها تضمن الحرية طالما لا تمس الأمن العام.